قائمة الموقع

​أوهام كوشنر.. "بيع" فلسطين مقابل "غرفة صالون"!

2019-06-30T09:16:24+03:00
صورة أرشيفية

"يا أيها المرتد والسمسار والمحتال موعدكم سقر.. في القدس قد نطق الحجر.. لا مؤتمر.. لا مؤتمر.."؛ كأنما كان الشاعر خالد أبو العمرين يعبّر بهذه الكلمات عن مؤتمر إعلان ما سمي "الشق الاقتصادي" من صفقة القرن.

ليس في صف مدرسة ولا أمام طلبة مبتدئين، وإنما في مؤتمر دُعي له المسؤولون العرب، وقف جاريد كوشنر رجل الأعمال الأمريكي على منصة مُلوِّحًا بيديه إلى شاشة عرضٍ كبيرة يشرح لهم عبرها كيف سيدفعون 50 مليار دولار من جيوبهم على شكل قروض ومنح، لما توهم أنه "بيع" فلسطين، وإدامة الاحتلال، فصفق جميعهم وتناولوا المعجنات.

ليس في واشنطن ولا في (تل أبيب)، انعقد ذلك المؤتمر، وإنما في العاصمة البحرينية المنامة، حيث يعلو صوت الشعب: التطبيع مع (إسرائيل) حرام.

وضع كوشنر قضية ملايين اللاجئين الفلسطينيين خلف ظهره، بعد أن اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل)، وتبنى مخططات الاحتلال، فعلام صفق العرب الحاضرون حينها؟ وعلام يتراقصون؟ يتساءل المراقبون.

ومن ذا الذي أقنع كوشنر بأن 50 مليارًا منها 28 مليارا خصصها للضفة الغربية وقطاع غزة يمكن أن "تغري" الشعب الفلسطيني الذي قدّم أكثر من 100 ألف شهيد منذ نكبة تهجيره من أرضه على يد العصابات الصهيونية سنة 1948، لـ"يبيع" وطنه؟! يجيب رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أنيس القاسم: "إنها السذاجة!".

وهل يدور في مخيلة كوشنر ورفاقه العرب والإسرائيليين أن بإمكانهم ما يتخيل لهم أنه "شراء" الضفة الغربية وقطاع غزة بـ28 مليار دولار؛ بعدما تنازل اتفاق أوسلو عن 78% من أرض فلسطين التاريخية؟! وهل كان كوشنر، واعيا لكونه يتحدث عن فلسطين وليس عن صفقة تجارية لشراء منزل أو عقار في بلاده!

يقول القاسم في اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين": إن هناك عقلية في أمريكا متخلفة جدًّا وموروثة عن العهد الاستعماري، وتوحي لأصحابها بأنه يمكن أن يُحل كل شيء بالمال، مضيفًا: ليس عندهم مفهوم أن هذه حقوق للشعب الفلسطيني وتقرير مصير وقضايا وطنية ومقدسات وتراث.

ويوضح القاسم أن مؤتمر البحرين كان "غطاء اقتصاديًّا لتطبيع سياسي"، وحتى يسوغه القائمون عليه زجوا بفلسطين فيه بزعم أن المؤتمر لمساعدة الفلسطينيين.

ويفسر: حتى يغطوا على "عورة التطبيع" مع المشاركين في المؤتمر، وضعوا مسألة النشاط الاقتصادي وصفقة القرن التي ترمي لإنهاء القضية الفلسطينية.

ويبين القاسم أن رصد كوشنر 50 مليار دولار منها 28 مليارا للفلسطينيين يدل على سذاجته؛ ساخرا من ذلك بالقول: لو قسم هذا المبلغ على عدد الفلسطينيين يكون لكل منهم ثلاثة آلاف دولار، بالكاد تكفي لشراء غرفة نوم أو صالون.

ويتابع: يريد بيع فلسطين مقابل غرفة! هل هناك أتفه من هذا وممن كان هناك (في مؤتمر البحرين) يستمعون إليه؟

"استخفاف"

من جهته يصف النائب الأردني منصور مراد صفقة "كوشنر" بأنها "استخفاف ومنتهى النذالة" في ظل غياب مشروع ورؤية إستراتيجية عربية رسمية.

ويُرجع مراد في حديث مع صحيفة "فلسطين" طرح الشق الاقتصادي من صفقة القرن بهذا الشكل، إلى "التفكك والترهل والضعف العربي وغياب موازين القوى".

ويقول مراد: هذا المؤتمر كان هدفه تقديم ما يمكن وصفه "قطعة كيك" لتخدير الشارع العربي، وإعطاء الحكومات أملا مزعوما تزرعه في شعوبها بأن الأوضاع المعيشية ستتحسن في هذه الدولة أو تلك، وذلك على حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية.

ويحذر من أن ذلك يمثل "غطاء تضليليا كاذبا"، منبها إلى أن كوشنر روّج إلى تنفيذ مقترحه الاقتصادي في 10 أعوام حتى تصفى القضية الفلسطينية.

ويلفت إلى أنه كوشنر خطط لتدفع بعض الدول العربية جزءا كبيرا من هذه الأموال على حساب التنمية ومصالح شعوبها، في حين لن تدفع واشنطن شيئا وستحقق في الوقت نفسه مشروعها الاستراتيجي في استكمال تفكيك المنطقة وتركيبها وفقا لمصالحها، ما يعني تصفية القضية الفلسطينية وتعزيز "قوة الكيان الصهيوني وتنفيذ أحلامه".

ويسخر مراد من الـ50 دولارًا المعلنة، قائلا: ماذا يساوي ذلك مقابل كرامة وعزة قضية الإسلام والعروبة والمسجد الأقصى والشهداء الذين قدمهم الشعب الفلسطيني والأمة العربية؟

ويؤكد الفلسطينيون والعرب عامة أن فلسطين ليست للبيع، ويتمسك الشعب الفلسطيني بأشكال المقاومة كافة حتى إنهاء الاحتلال.

ويشير مراد، إلى أن اتفاقات الاحتلال التي عقدتها مع دول إقليمية لم تحقق فيها الرفاه الاقتصادي بعكس ما كان يروج من وعود.

وعن دوافع ما طرحه كوشنر، صهر ترامب، يقول النائب الأردني: إن الأول درس تاريخ من سمي "لورانس العرب" الذي لعب على تمزيق الأمة، وإنجاح سياسات الإنجليز، من خلال تأليب القوات العربية على الإمبراطورية العثمانية عام 1916.

ويضيف مراد أنه عندما يرى كوشنر ويسمع أن 26 سنة من المفاوضات "العبثية" بين منظمة التحرير و(إسرائيل) في ظل تخلي الأولى عن الكفاح المسلح والميثاق الوطني الذي ينص على المقاومة، واستبدال ذلك بالاعتراف بدولة الاحتلال والتنسيق معه أمنيا والموافقة على اتفاق أوسلو، فإن هذا يشجعه على طرح صفقته، رغم سياسة إفقار الشعب الفلسطيني وتشريده وهدم بيوته.

ويتمم حديثه بأن مما شجع كوشنر أيضًا أن هناك قيادات (في إشارة إلى قيادة السلطة ومنظمة التحرير) رغم كل المأساة وضياع أكثر من ثلثي فلسطين وآلاف المستوطنات والبؤر الاستيطانية، ما زالت تركز على المجتمع الدولي وتخاطبه وتقول له: دعنا نبدأ من جديد في التفاوض؛ وفق تعبيره.

ومؤخرا قال كوشنر: إنه سيطرح ما وصفه بـ"خطة سياسية" عندما يكون الوقت مناسبا.

ويتوقع خبراء سياسيون أن تقضي الخطة بضم (إسرائيل) المستوطنات ووصلها ببعضها البعض وترك مساحة تقل قليلا عن النصف للسلطة "في ظل شكل من أشكال الحكم الذاتي"، وحصول الأخيرة على أحياء على مشارف القدس مثل أبو ديس وبيت حنينا وسلوان.

اخبار ذات صلة