يُقدِّر مراقبون عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى الهجرة غير النظامية عبر البحر انطلاقًا من سوريا ولبنان بالمئات، وقد تعرض بعضهم للغرق، وهو ما يُذكِّر بالمسؤولية الملقاة على عاتق منظمة التحرير ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والدول المضيفة والمجتمع الدولي لتوفير ظروف حياة كريمة لهم ريثما يعودون إلى ديارهم.
وتشير سجلات "أونروا" إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في عام 2018 نحو 6 ملايين وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعددهم، وهم بذلك يشكلون ما يقرب من نصف الفلسطينيين في العالم والبالغ عددهم نحو 13 مليون نسمة، وقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن حوالي 39% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين في حين بلغت هذه النسبة في لبنان وسوريا حوالي 9%و11% على التوالي.
وأظهرت نتائج التعداد العام للاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان لعام 2017، أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يتمركزون في منطقة صيدا بواقع 36% ثم منطقة الشمال بواقع 25% بينما بلغت نسبتهم في منطقة صور حوالي 15% ثم في بيروت بواقع 13%، كما بلغت هذه النسبة في منطقة الشوف 7% ثم منطقة البقاع بواقع 4%.
وأشارت النتائج الى أن حوالي 5% من اللاجئين الفلسطينيين يملكون جنسية غير الجنسية الفلسطينية.
وأظهرت النتائج أن معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين (15 سنة فأكثر) في لبنان قد بلغ حوالي 18% من المشاركين في القوى العاملة.ويرتفع معدل البطالة بين فئة الشباب (15-19 سنة) لتصل الى 44%، في حين تبلغ نسبة البطالة 29% للأفراد من (20-29 سنة).
وكان المدير العام لدائرة الإحصاء المركزي اللبناني د. توتليان غيدانيان أعلنت أن عددهم بلغ 174.422 لاجئا خلال 2017، لكن يقول مراقبون: إن هذا الإحصاء شمل اللاجئين في المدن دون المخيمات، والعدد أكبر من ذلك.
ويقول الباحث في شؤون اللاجئين د. عصام عدوان: حوادث الغرق التي وقعت كلها تقريبا في البحر المتوسط كانت للاجئين فلسطينيين من سوريا على وجه التحديد وهؤلاء يركبون البحر مرورا بلبنان وبعضهم في حالات محدودة عبر تركيا، بطرق التهريب وليس رسميا.
ويوضح عدوان لصحيفة "فلسطين" أن الذي يدفع هؤلاء اللاجئين إلى الهجرة غير النظامية هو حاجتهم للوصول إلى مكان أكثر أمنا ورخاء يستطيعون العيش فيه، ولذلك هم يدفعون كل ما يمتلكون بهدف الوصول لمناطق في أوروبا.
ويشير إلى أن عددا من المراكب غرقت سابقًا في منتصف البحر المتوسط أو على مقربة من سواحل إيطاليا أو مالطا.
وينبه عدوان إلى أن المسؤولية تقع على أطراف عدة أولها منظمة التحرير التي يجب عليها أن تعالج احتياجاتهم بالكيفية التي يريدونها وبالتنسيق من الدول المضيفة، كما أن وكالة الغوث تقع عليها مسؤولية من الدرجة الأولى، ولا تقل عن مسؤولية المنظمة.
ويلفت إلى أن اللاجئين الفلسطينيين الذين خرجوا من سوريا وصلوا إلى لبنان لاجئين للمرة الثانية وبعضهم يضطر إلى الخروج من لبنان لاجئا للمرة الثالثة، مبينا أنه يتعين على "أونروا" أن توفر لهم ظروفا مناسبة حتى لا يفكروا بالهجرة بحرا عبر التهريب ويعرضوا أنفسهم للخطر.
ويقول الباحث في شؤون اللاجئين: إن "أونروا" تستطيع أن تشغل هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا وأن تتعاقد مع شركات دولية لإيجاد فرص عمل تغنيهم عن "الهرب عبر البحر"، وهذا ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أيضًا.
ضعف خدمات
ويذكر عدوان أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تناقص بسبب قلة وضعف خدمات "أونروا" وعدم توافر ظروف جيدة لهم.
وينبه إلى أن المسؤولية الثانية تقع على الدول المضيفة التي استقبلت هؤلاء الفلسطينيين بصفتهم لاجئين، مبينا أنها تتحمل جزءا من المسؤولية بسبب عدم تأمين المراكب وعدم توفير حياة كريمة لهم ولو بالحد الأدنى الذي يغنيهم عن التفكير بركوب البحر بهذه الطريقة.
ويطالب عدوان المجتمع الدولي بإيجاد طريقة لملاحقة المهربين أو إخضاعهم للإجراءات القانونية المتبعة.
البحث عن الحياة
من جهته يقول المدير العام للهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي: منذ فترة طويلة هناك محاولات هجرة غير نظامية من لبنان، ويتعرض جزء من هؤلاء اللاجئين إلى الغرق في البحر أو حتى الاعتقال خلال رحلته.
ويضيف هويدي لصحيفة "فلسطين" أن هناك أعدادا من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات سواء على مستوى الشباب او العائلات في لبنان خطت هذه الخطوة، والسبب الرئيس هو البحث عن تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعن فرص عمل للشباب في ظل حرمان اللاجئ الفلسطيني من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام وأولها الحق في العمل والتملك.
ويوضح أنه يضاف إلى ذلك التضييق على هؤلاء الشباب والعائلات في المخيمات التي لا تزال مساحتها على ما هي عليه منذ 1948، في ظل الاكتظاظ السكاني بوجود ما يقارب 25 ألف لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا إلى لبنان.
ويتحدث هويدي عن "تصريحات عنصرية" تُسمع بين الحين والآخر، ومنها على سبيل المثال الدعوة إلى قطع الكهرباء عن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين للتوفير في الموازنة.
وينبه هويدي إلى أن كل هذا يشكل "محاصرة" لوجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وعن أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا عبر البحر بطريقة غير نظامية يقول: "هناك أرقام بالعشرات، لا بالمئات، سواء على مستوى الشباب أو العائلات، ويكون ذلك ضمن أمواج متفاوتة عندما يسرب السماسرة الأخبار إلى مجموعات من الشباب وتجري عملية المفاوضات ويدفع اللاجئ مبالغ خيالية تصل إلى 10 آلاف دولار للشخص الواحد ليتم تهريبه إلى دول أوروبا".
وبشأن مسار الرحلة البحرية غير النظامية، يوضح هويدي أنه يمثل بالنسبة للمهربين "سر المهنة"، وفق وصفه.
شكلت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت هذه النكبة من عملية تطهير عرقي حيث تم تدمير وطرد لشعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه، وتشريد ما يربو على 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
وقد صدرت تقديرات رسمية عدة حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين نتيجة لنكبة 1948 من مصادر مختلفة، ووفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 1950 فقد بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين957 ألف لاجئ في حينه.