فلسطين أون لاين

​تحديد خطوة "ما بعد التوجيهي".. هكذا يكون دور الأب فاعلًا

...
رام الله– غزة/ نبيل سنونو:

قرارات توصف عادة بأنها "مفصلية" يتعين على عشرات آلاف الطلبة الفلسطينيين اتخاذها قريبًا، بعد تقديم امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي"، لكن ما الدور المنوط بالآباء في هذه المسألة؟

ويعد البعض اختيار خطوة "ما بعد التوجيهي" من "أصعب" ما يمكن أن يواجهه الطلبة في حياتهم، لكنّ خبراء اجتماعيين يقترحون على الآباء بعض الخطوات التي من شأنها أن تسهل ذلك على الأبناء.

ويقول أستاذ أصول التربية في الجامعة الإسلامية أ. د. محمود أبو دف: إن هناك ثلاثة محددات أساسية يجب على الآباء البناء عليها لمساعدة أبنائهم في اختيار التخصص بعد ظهور نتائج امتحانات الثانوية العامة، أولها رغبة الطالب.

ويوضح أبو دف أن المحدد الثاني يتمثل في قدرات الطالب، والمحدد الآخر فهو فرص العمل التي يمكن أن تتوفر بعد التخرج، مبينًا أنه ليس على الأب أن يكون ديكتاتوريًا يفرض تخصصًا بعينه لا يتناسب مع ابنه.

ولا بد أن يكون الأب منطقيًا ويستشير أصحاب الخبرة في هذا المجال – والكلام لا يزال لخبير أصول التربية– وبالأساس تتمثل وظيفة الأب في معالجة أي تردد قد يطرأ على الطالب، وتعزيز الثقة بالنفس لديه.

ولا ينبغي أن تقتصر المفاضلة على كون التخصص علميًا أم أدبيًا، فإذا كان لدى الابن ميل لتخصص أو مجال معين ويستطيع الوفاء بمتطلباته يكون هذا هو النجاح بعينه، وفق "أبو دف".

ويتابع: يجب أن يكون الآباء أكثر انفتاحًا، عليهم أن يدركوا أنه إذا اختار أبناؤهم تخصصات تخالف قناعاتهم أو لا تتناسب مع قدراتهم فستكون النتائج سلبية.

وينبه د. أبو دف، إلى أن مجالات الاختيار لا يجب أن تنحصر في البرامج الجامعية، إذ إن التخصصات المهنية مفيدة ومن الخطأ النظر إليها نظرة سلبية، كما أن سوق العمل يحتاج لمثل هذه التخصصات وتطويرها وربما يكون لها فرص أفضل للعمل من غيرها.

أما أخصائي الصحة النفسية زهير ملاخة فيقول: إن الأب يحرص على مصلحة ابنه بالشكل الذي يحقق له المنفعة والفائدة المادية والاجتماعية، وتكون نظرته أوسع، لا سيما أنه أكثر خبرة في الحياة.

لكنه يضيف لصحيفة "فلسطين": هناك جانب إنساني ومعنوي يجب أن يكون حاضرًا في تفكير الأب، ألا وهو ميول الابن واهتماماته، كون كل إنسان مختلفًا عن الآخر.

وأخذ ذلك بالحسبان مهم في التحفيز والتشجيع والنجاح –والحديث لملاخة– وقد يخطو الابن على إثره بخطى ناجحة نحو مستقبله، وعلى نحو أسرع مما لو كان خضع لرغبات الأب.

ووفقًا لملاخة، فإن للأبناء ميولاً واهتمامات تختلف عن الآباء ولا بد أن يراعوها، فضلاً عن الإمكانات والقدرات التي يجب العمل على تنميتها وتوفير البيئة الخصبة لإشباعها بالشكل السليم عبر التخصصات والكليات والمؤسسات التي ترعاها.

ويشير إلى أن الثانوية العامة هي عام دراسي كباقي المراحل، لكن يميزها أنها الفارق بين التعليم المدرسي وما بعده، وفي الوقت نفسه إنْ لم يوفق الطالب في "التوجيهي" لا تنتهي الحياة، لأن الأصل أن يشحن الأب ابنه بطاقة إيجابية وأن يتحدى الأخير نفسه ويعيد تقييم ذاته ويحدد الأسباب التي أدت إلى النتيجة السلبية وتجنب الأخطاء.

ويناط بالأب هنا مساعدة ابنه في تجاوز ذلك لتحقيق النجاح، وتعزيز فكرة أن الحياة ليست مرتبطة فقط بالثانوية العامة، إذا اجتهد ولم يوفق فيها وتوفرت لديه ميول في جوانب أخرى، وفق ملاخة.

ويتمم حديثه: لا بد من استثمار القدرات، وفي حال لم يحصل الابن على شهادة الثانوية العامة ربما تكون لديه ميول فنية ومهنية بارعة في مجال صناعي معين من المهم تطويرها.