قائمة الموقع

​مساعدةُ الرجلِ المرأةَ في أعمال المنزل.. أمر اضطراري أم تغيُّر ثقافة؟

2019-06-21T19:01:35+03:00

في تغيير ملحوظ على مستوى ثقافة الرجال في المجتمع الغزي، نجد أن الكثير منهم لا يجد حرجًا في مساعدة زوجته وأهل بيته والقيام بأعمال المنزل التي كان القيام بها مقتصرًا على النساء فقط.

فها هو عبد الله، وهو اسم مستعار لشاب في منتصف العشرينات، أصبح لا يجد حرجًا في مساعدة زوجته بتنظيف وغسل درج المنزل. تصرف أثار استغراب أمه وأخته الكبيرة التي عاشت معه تفاصيل طفولته بأكملها، ولم تكن تتصور أن يأتي اليوم الذي يمكن أن يساعد فيه أخوها أحدًا في أعمال المنزل.

فعبد الله المتزوج حديثًا رغم أنه جاء بعد أربع فتيات وكان مدللاً تماما، فكل ما يحتاج إليه يؤتى به إليه، إلا أنه وبعد الزواج تغير كثيراً، فها هو لا يجد حرجاً في مساعدة زوجته في أي من أعمال المنزل التي كان يرفض القيام بها قبل الزواج.

أما أحمد بركة فهو قد تربى منذ صغره على أن يساعد والدته في أعمال المنزل خاصة بعد زواج أخواته الفتيات وبقائه مع والدته التي لا تجد أمامه غيره لطلب المساعدة في تنظيف المنزل وغسله والقيام بمساعدتها في أعمال المنزل.

عادة تربى عليها ولا يزال مستمراً عليها حتى بعد زواجه، فها هو يساعد زوجته في الاعتناء بالأطفال ويعد لهم الطعام وينظف المنزل، مؤكدًا أنه لا يجد أي حرج في هذا فنظافة المنزل تحتاج إلى تعاون الجميع.

وشدد أحمد على أنه يحاول أن ينقل هذه الثقافة التي دعا إليها ديننا ورسولنا الكريم إلى أطفاله الصغار الذين يساعدون في ترتيب المنزل حسب قدرتهم، وأن يكون هو قدوة لهم بأن المساعدة في أعمال المنزل ليست عيباً بل هي أمر يدعو للفخر.

من جهته رأى الأخصائي الاجتماعي د. درداح الشاعر أن الإدراك والوعي والفهم عند الرجل زاد خلال الفترة السابقة وذلك بسبب الصحوة الدينية التي أرجعته إلى مسلكيات الأوائل وخاصة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقال في حديث لـ"فلسطين": إن "الرسول عليه الصلاة والسلام كان في خدمة أهل بيته يخصف نعله ويخيط ثوبه، وبالتالي عندما يعود الإنسان إلى أصوله يصبح لديه وعي بما قام به القدوة الحسنة ويقتدي بها".

وأضاف الشاعر: "حينما تكثر القدوات في المجتمع والنماذج الحسنة التي تقتدي بسنة الرسول فإنه تلقائيًا ينتقل هذا السلوك الفردي لمستوى أكبر من حيث الوعي بين الرجال، خاصة فيما يتعلق بالعمل مع المرأة في أعمال المنزل".

وبين أن خروج المرأة للعمل خارج المنزل جعل الرجل يدرك ويعي مسؤوليته تجاه أهل بيته وأولاده، وضرورة أن يساعدها بأعمال المنزل التي لن تجد المرأة وقتًا لإنجازها خاصة فيما يتعلق برعاية الأطفال.

ونبه الشاعر إلى أن المرأة تشارك الرجل في كل تفاصيل حياته، وعليه أن يتقاسم معها المسؤولية ويجب ألا يخلي مسؤوليته عن الأعمال المنزلية، مؤكدًا أن هناك دورا أخلاقيا واجتماعيا للرجل في بيته، وأعمال المنزل من أدواره الاجتماعية والزوجية.

من جهته أكد الخبير في التنمية البشرية د. مؤمن عبد الواحد، أن التغيرات التي طرأت على الحياة في قطاع غزة، وخروج المرأة للمشاركة في سوق العمل غير من نظرة الرجل للمرأة التي أصبحت تشاركه صنع مستقبل العائلة.

وقال في حديث لـ"فلسطين": إن "نظرة الرجل لعمل المرأة تغيرت خلال السنوات الماضية، كما أن نظرة المرأة لنفسها تطورت وأصبحت تتجه باتجاه أمور لم تكن تفكر فيها في فترات مضت"، لافتًا إلى أن هذه النظرة تغيرت أيضًا عند الرجل الذي أصبح يؤيد خروجها وبالتالي تقبل القيام ببعض الأعمال التي تعوض غيابها.

وأضاف عبد الواحد: "قديماً في فترات طويلة كانت المرأة لها دور محدد في داخل البيت، ولكن تغيرات الحياة الاقتصادية التي يعيشها مجتمعنا العربي الذي تخلص منها المجتمع الغربي سابقًا، جعل المرأة تصبح شريكًا في الحياة بشكل عملي خارج المنزل".

وأردف أن "الشباب في الوقت الحالي أصبحوا يبحثون عن الشريكة التي تساعدهم في مصروف البيت، وهذا فرض على الرجل التنازل بسبب عوامل معينة أن يبدأ في المساهمة في مساعدة زوجته في أعمال المنزل والاعتناء بالأطفال.

وبين أن عدم قدرة الرجل على تحمل أعباء الحياة لوحده أجبره بشكل أو بآخر وبوعي أو من غير وعي ضمنًا، أن يشارك المرأة في تفاصيل الحياة داخل المنزل، حيث أصبح له دور في تربية الأبناء والأمور التي يقوم بها ويقدر عليها من أعمال المنزل.

اخبار ذات صلة