أكد خبيران في القانون الدولي أن المحافل الدولية أصدرت عشرات القرارات القانونية التي تُجرم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، وتعدّه غير شرعي، ما يجعل أي خطوة إسرائيلية لضم الضفة الغربية أو القدس المحتلتين إليها خطوةً غير شرعية، يمكن مجابهتها قانونيًّا.
الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الخبير بالقانون الدولي د. حنا عيسى شدد على أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية -وخاصة التي احتلت عام 1967م- "غير شرعي"، مؤكدًا أن النصوص القانونية تجرمه، ومنها المادة السادسة من اتفاقية جنيف الرابعة التي تعده غير شرعي، وقرار مجلس الأمن (465) الذي طالب الكيان العبري بتفكيك المستوطنات القائمة والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الأراضي العربية المحتلة، ومنها القدس.
وبين عيسى لصحيفة "فلسطين" أن "فتوى لاهاي" أقرت بأن جدار الفصل العنصري غير شرعي، وضرورة إزالته، وتعويض المتضررين، وأن قرار مجلس الأمن رقم 452 دعا الكيان لوقف إقامة وبناء وتخطيط المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ 1967م، ومنها القدس.
وأضاف: "إن مجلس الأمن أصدر 16 قرارًا تجرم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، ومنها القدس، مشيرًا إلى أن الاستيطان يندرج في إطار جرائم الحرب وفقًا للفقرة الثامنة من المادة الثامنة لنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998م".
وبين أنه بناءً على تلك القرارات الدولية لا يحق للكيان مطلقًا ضم الضفة الغربية أو القدس والجولان لـ"سيادته"؛ لأنه لا يحق للاحتلال وفق القانون الدولي الإنساني تغيير الوضع القائم، بل يجب الحفاظ عليه.
لا احترام للشرعية
وأشار عيسى إلى أن الاحتلال لا يحترم الشرعية الدولية، ومنها القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي لعام 2016م، الذي كرر مطالبته بأن يوقف فورًا على نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفيها شرقي القدس.
ونبه إلى أن الكيان محمي بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، وبازدواجية المعايير الدولية التي لو أرادت محاكمته لفعلت منذ زمن، لكنها تتكلم في العلن عكس ما تتكلم في السر، إضافة إلى أنه محمي بالانقسام الفلسطيني المؤلم، وترهل الأمة العربية والإسلامية.
ورأى أن التعويل على القضاء الدولي لا طائل منه، فأكثر من 750 قرارًا صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعدد كبير من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن و"يونسكو" ومجلس حقوق الإنسان خاصة بالاستيطان، لم ينفذ أي شيء منها، عادًّا الوحدة الوطنية فقط هي الحل لمواجهة الاستيطان.
جريمة حرب
وبين الخبير في القانون الدولي د. عبد الكريم شبير أن القانون الدولي يعد الاستيطان جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وقد أصدر جملة من القرارات الأممية بتجريمه، آخرها قرار 2242 الصادر عن مجلس الأمن، كما أنه مجرّم وفقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.
وأضاف شبير لـ"فلسطين": "إن الاستيطان انتهاك للقانون الدولي، وعلى هذا إن أي إجراء للاحتلال بضم أي جزء من الضفة الغربية إلى "سيادته" هو غير قانوني وفقًا للقوانين الدولية والقرارات الأممية".
وأوضح أن قرار مجلس الأمن 2242 يجرم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، ما يعني أنه لا يجوز للاحتلال ضم الضفة أو القدس أو أي جزء منهما.
وأشار إلى أن الفلسطينيين بإمكانهم استثمار انضمام فلسطين إلى القانون الدولي واتفاقية جنيف وقبولها عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، من أجل تفعيل القضاء الدولي، والحصول من محكمة العدل العليا فتاوى بتجريم الاستيطان قضائيًّا وقانونيًّا ودوليًّا.
خطة إستراتيجية
وطالب شبير بتفعيل الهيئة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان؛ لوضع خطة إستراتيجية لملاحقة الاحتلال على استيطانه وجرائمه التي يحاول بها فرض واقع جديد على الفلسطينيين لكي ينسوا الواقع القديم.
وقال: "يجب على الهيئة تفعيل كل الوسائل النضالية في جميع المحافل القضائية الدولية كمجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية، وعدم السماح للاحتلال بأن تكون يده مطلقة في الأراضي المحتلة، خاصة في الضفة والقدس".
ويعتقد أنه في حال توافر إرادة حقيقية من القيادة والفصائل الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، بالاستعانة بالخبراء القانونيين والمحللين الدوليين، واتخاذ الإجراءات القانونية والحقوقية اللازمة، وفق خطة إستراتيجية، وتشكيل هيئة عربية من خبراء القانون الدولي وأصدقاء الشعب الفلسطيني؛ يكون النجاح في تلك الدعاوى واردًا جدًّا.
وأضاف: "يمكن للمتضررين من الاستيطان تشكيل أجسام قانونية ورفع دعاوى دولية، فالقانون الدولي قانون أشخاص لا دول، ويدعم الأجسام القانونية للشرائح المجتمعية المتضررة من الانتهاكات التي تُمارس بحقها".
ولفت إلى تلك التي رفعت بخصوص مجزرة "صبرا وشاتيلا" في بلجيكا، حيث أصدرت المحكمة قرارات ضد رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون، ومنعته من السفر خارج الأراضي المحتلة عام 1948م، مبينًا أن تلك القضايا أزعجت الاحتلال وشكلت ورقة ضغط عليه، وأنه إذا ما فعل الشيء نفسه بخصوص الاستيطان فسيكون هناك ضبط وإحضار لمَنْ يشرعون الاستيطان من قادة الاحتلال ويقومون به.