علقم: هدف جرائمهم تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم والسيطرة عليها
أبو غوش: جرائمهم تسهم في تقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة
تتكامل أدوار جماعات المستوطنين بالضفة الغربية المحتلة مع أدوار الأذرع الأمنية والسياسية والعسكرية للاحتلال الإسرائيلي، في السيطرة على الأرض الفلسطينية، فتلك الجماعات التي تظهر بـ"قالب مدني" هي في الحقيقة ميليشيات عسكرية لها مهام كبيرة في الاستيطان والتهويد عبر جرائم منظمة، بدعم ومساندة من حكومة الاحتلال وحمايتها.
في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل المستوطنون المواطنة عائشة الرابي، الأم لتسعة أبناء من بلدة سلفيت بالضفة الغربية المحتلة، بإلقاء صخرة على رأسها في أثناء قيادتها السيارة، وقتلوا الأسير المحرر حمدي النعسان من قرية المغير شمال رام الله في يناير/ كانون الثاني الماضي، في أثناء دفاعه عن قريته.
كما أطلق مستوطن الرصاص على الشاب خالد رواجبة (26 عامًا) في إبريل/ نيسان الماضي، من سكان بلدة روجيب شرق نابلس، ما أدى لاستشهاده على الفور.
وقد سجل عام 2018 ارتفاعًا ملحوظًا في جرائم المستوطنين، بواقع 482 جريمة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف جرائمهم عام 2017، بواقع 140 جريمة، وتشمل جرائمهم ضرب الفلسطينيين، وإلقاء الحجارة، وكتابة شعارات "تدفيع الثمن" العنصرية، وإحراق سيارات ومنازل وقطع أشجار، وإحراق عائلات على غرار جريمة حرق عائلة دوابشة في قرية دوما.
ومن الدلائل التي تظهر الدعم الكبير من حكومة الاحتلال للمستوطنين، أن تلميذ المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة يحصل على 15.900 شيقل سنويًّا، في حين نظيره داخل الأراضي المحتلة عام 1948، يحصل على 9800 شيقل فقط، كما أن الموازنات التي تحصل عليها السلطات المحلية والبلديات داخل المستوطنات تزيد بكثير عما يعطى لنظيراتها داخل "الأرياف الإسرائيلية".
غطاء وحماية
أمام ذلك، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم: إن جرائم المستوطنين ليست ظاهرة عفوية، فلو كانت كذلك لما وجدنا أن جنود الاحتلال هم الذين يقومون بحماية المستوطنين في أثناء اعتداءاتهم على المواطنين والمزارعين الفلسطينيين، فتتم تلك الاعتداءات تحت رعاية الجيش، وتحت غطاء وحماية القضاء الإسرائيلي.
وأضاف علقم لصحيفة "فلسطين"، أن قضاء الاحتلال برّأ معظم المستوطنين الذين ارتبكوا جرائم بحق الفلسطينيين، فأفرج عن قتلة الطفل محمد أبو خضير، وبرّأ معظم مرتكبي جريمة عائلة دوابشة، وكذلك المستوطنين الذين قتلوا المواطنة عائشة الرابي، والتي عمل فيها القضاء الإسرائيلي والطب الشرعي مع أجهزة الاحتلال كافة لتوفير الحماية لهؤلاء المستوطنين.
ولفت إلى أن الكثير من التقارير الصادرة عن مؤسسات حقوق الإنسان تظهر أن تلك الجرائم تتم ليس فقط برعاية جيش الاحتلال، بل بتحريض منه للقيام بها، مؤكدًا أنه لولا هذا الدعم من الجيش لما تجرأ المستوطنون على القيام بجرائمهم.
وبين أن كل الجرائم تنفذها مجموعات استيطانية منظمة كمجموعة "تدفيع الثمن"، تعلم حكومة الاحتلال القائمين عليها وتوفر لها الميزانيات وكل وسائل الدعم اللوجستي والمالي والحماية حتى تستمر بتلك الجرائم.
وبحسب علقم، فإن هدف هذه الجرائم تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، فتقوم حكومة الاحتلال بتنفيذ المخطط بأيدي المستوطنين، فتقع الملامة أمام المجتمع الدولي على عاتق المستوطنين والادعاء بأنهم جماعات وفئات قليلة غير منضبطة يقومون بأعمال فردية، لافتًا إلى أن المستوطنين رأس الحربة في مخطط التهجير والترحيل والإحلال بالضفة الغربية.
تكامل أدوار
ولفت المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، إلى أن هناك تكاملًا في الأدوار بين المستوطنين كجماعات شبه مدنية وحكومة الاحتلال بأذرعها السياسية والأمنية والعسكرية المختلفة، وأن ظاهر الأمر يبدو وكأن المستوطنين مدنيون، وهم في الحقيقية ميليشيات لها أدوار عسكرية وأمنية تتكامل مع جيش الاحتلال في السيطرة على الأرض، وخلق حقائق سياسية جديدة، تسهم في تقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف أبو غوش لـ"فلسطين" أن بعض غلاة المستوطنين يتجاوزون الأدوار الموكلة إليهم في المبالغة بارتكاب جرائم حرق أراضي المزارعين، تساندهم فيها حكومة الاحتلال بوسائل عديدة من ضمنها التسهيلات الكبيرة في الدخل والتنقل، بينما تطبق على الفلسطينيين الإجراءات الأمنية المشددة الموروثة منذ عهد الانتداب البريطاني.
وبين أن هناك أكثر من 250 موقعًا استيطانيًا في الضفة الغربية، يُعتبرون في حقيقة الأمر مواقع متقدمة في السيطرة على الأرض الفلسطينية؛ تمهيدًا للسيطرة عليها وضمها لـ"سيادة دولة الاحتلال".
وأردف أن المستوطنين طليعة في الاستيطان، وجرائمهم هدفها منع أي تواصل جغرافي بين المدن الفلسطينية بفصلها عن بعضها بتكتلات استيطانية ضخمة، وبالتالي خلق واقع على الأرض غير قابل للتراجع عنه.