تتباين التحليلات حيال مصير خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بصفقة القرن. في وقت سابق من العام الحالي، أعلن مهندس الصفقة جاريد كوشنر عن نيته طرح الخطة بعد عيد الفطر، حيث تكون قد اتضحت نتيجة انتخابات الكنيست في (إسرائيل).
وكما درجت العادة في التأجيل المتكرر للمواعيد، فاجأ كوشنر الجميع بالإعلان عن ورشة في البحرين نهاية الشهر الجاري لعرض الشق الاقتصادي من الصفقة، ما يعني أن الشق السياسي وهو الأهم تأجل إلى إشعار آخر. فشل نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة والتوجه لإجراء انتخابات جديدة في (إسرائيل) أربكا خطط الإدارة الأمريكية، لكنهما لم يوقفا حملات الترويج للخطة.
لكن بدا واضحا من تصريحات الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته شعور بخيبة الأمل لما آلت إليه الأوضاع السياسية في إسرائيل والقلق على مستقبل نتنياهو السياسي بعد قرار إعادة الانتخابات. وتزامن ذلك مع إدراك بعض أركان إدارة ترامب لحجم الصعوبات التي تهدد بفشل الخطة قبل إطلاقها، وانعدام التأييد لها في الأوساط الفلسطينية والعربية والغربية، ناهيك عن موقفي موسكو وبكين المتحفظتين بقوة على الأفكار الأميركية.
بالرغم من ذلك، ما يزال فريق كوشنر متمسكا بوعود الصفقة، وقدم الأخير مرافعة مطولة عن خطته دون الكشف عن مضمونها في مقابلتين صحفيتين أخيرا. وتحسبا من فشل الخطوة الأولى على طريق إتمام الصفقة، أطلق كوشنر وفريقه حملة دبلوماسية لحشد الدعم والمشاركة في ورشة البحرين المقررة نهاية الشهر الجاري.
زار الفريق عمان والرباط وتل أبيب، وبعد ذلك توجه لعواصم غربية في مسعى لإقناع الدول الأوروبية بالمشاركة في الورشة الاقتصادية. لم يقدم كوشنر خلال جولته أي تفاصيل جديدة حول مضمون الصفقة، واكتفى بالعموميات والوعود بالرخاء الاقتصادي، وفي المقابل سمع في عمان تحديدا كلاما صريحا وواضحا حول شروط السلام العادل والدائم، ولم يتمكن من الحصول على وعد قاطع بالمشاركة في الورشة، أو دعم رسمي وعلني لانعقادها.
على المستوى اللوجستي تمضي التحضيرات لانعقاد الورشة في البحرين، وقد وجهت اللجنة الأمريكية المشرفة على تنظيمها الدعوات لرجال أعمال وشخصيات عربية بينهم أردنيون وفلسطينيون، بالإضافة إلى مؤسسات دولية وعربية، وهيئات رسمية.
لكنّ مراقبين على صلة وثيقة بالتحضيرات لم يستبعدوا خيار تأجيلها في ظل الفتور الواضح بمواقف دول غربية، وإعلان موسكو وبكين مقاطعتها، وتردد دول عربية وإسلامية بالمشاركة فيها، باستثناء ثلاث دول وافقت على الحضور لغاية الآن.
والشيء المؤكد أيضا أن الشق السياسي من الصفقة لن يتم الكشف عنه قبل ورشة البحرين، والمرجح الانتظار إلى حين إجراء الانتخابات الإسرائيلية أيلول/ سبتمبر المقبل، وتحديد هوية الائتلاف الحكومي الذي سيقود في المرحلة المقبلة، أي حتى نهاية العام الجاري تقريبا، حيث تقترب الولايات المتحدة من الدخول في أجواء الانتخابات الرئاسية، وهو ما يدفع بمحللين أمريكيين وعرب للاعتقاد بأن الإدارة المنشغلة في الحملة الانتخابية لن تغامر بطرح خطة للسلام في الشرق الأوسط، لن تجني من ورائها سوى الفشل الدبلوماسي.
الغد الأردنية