لم تتغير سياسة حكومة محمد اشتية عن سياسة حكومة رامي الحمد لله في تعاملها مع الشأن الفلسطيني الداخلي وخاصة مع قطاع غزة، فبقيت العقوبات التي فرضتها السلطة في إبريل/ نيسان 2017م بخصم نحو 50% على رواتب موظفيها في غزة على حالها دون أي تغيير.
لكن أثارت تصريحات اشتية بتقليص أعداد عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة مخاوف الموظفين ومراقبين من أن تدفع غزة ثمن أي إجراءات ستقدم عليها الحكومة للتعامل مع أزمتها المالية.
وقال رئيس الحكومة برام الله محمد اشتية ، في 5 يونيو/ حزيران، إن السلطة الفلسطينية ستبدأ في تسريح عناصر من الأجهزة الأمنية لو استمرت الأزمة المالية الراهنة.
وأضاف اشتية في تصريحات لجريدة نيويورك تايمز الأمريكية، إن الأزمة المالية تشتد، مضيفا أن "شهري تموز وآب سيكونان الأصعب، وفي حال استمرارها سنبدأ بوقف عناصر من الأجهزة الأمنية لعدم القدرة على تغطية النفقات".
رئيس نقابة موظفي السلطة بغزة عارف أبو جراد يقول: إن حكومة "اشتية" تتعامل مع أبناء غزة باختلاف كبير عن تعاملها مع أبناء الضفة الغربية وأنها تكيل بمكيالين، أي أنها انتهجت نفس نهج سياسات حكومة رامي الحمد الله في تعاملها مع غزة.
وأكد أبو جراد لصحيفة "فلسطين" أنه لا يحق للحكومة احالة أعداد كبيرة من الموظفين إلى التقاعد مجددا، أو إلى اجازة بدون راتب، معتقدا أن الهدف من تصريحات اشتية كانت من أجل الضغط على المجتمع الدولي والعرب للضغط على الاحتلال للعدول عن قرار خصم أموال "المقاصة".
نصيب الأسد
من جانبه، يربط رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النجاح د. رائد نعيرات تصريحات اشتية بسياسات الحكومة تجاه قطاع غزة، غير مستبعد أن ينال القطاع نصيب الأسد من أي إجراءات تقشفية تقدم عليها الحكومة.
وقال نعيرات لصحيفة "فلسطين": "لا أعتقد أن يكون هناك تغيير في تعامل حكومة اشتية مع غزة عن السياسة الحالية أو عن السياسة السابقة بعدما قامت باتخاذ إجراءات عقابية خلال العامين الماضيين بخصم 50% من رواتب الموظفين في وقت كانت تتمتع به بأعلى مستوى مالي".
ورأى أنه لم يتبق شيء لكي تقوم الحكومة باتخاذه ضد غزة سوى قطع العلاقة النهائية معها، معتبرا أن الظرف السياسي لا يسمح باتخاذ هكذا خطوة.
وأضاف أن حكومة اشتية تلتزم بالسياسات السابقة المتبعة تجاه غزة، مستبعدا في الوقت ذاته أن تقوم هذه الحكومة بأي اختراق في موضوع ملف المصالحة الفلسطينية كون الملف مرتبط بحركة فتح أكثر من الحكومة.
غير واضحة
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف أن تصريحات اشتية لم تكن واضحة في مقصدها سواء إن كان الغرض منها التنصل من الالتزامات الأمنية كوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، أو إحداث تغيير في ألويات النفقات والموازنات المالية وتقليص عدد الأجهزة الأمنية.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين" إن سياسات الحكومة تجاه غزة لم يحدث فيها أي تغيير سواء سياسيا أو اقتصاديا، معربا عن خشيته أن تدفع غزة ثمن أي إجراءات تقشفية تقدم عليها الحكومة نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها.
وأضاف أن حكومة اشتية كان يمكنها اتخاذ اجراءات مختلفة في الرد على قيام الاحتلال باقتطاع جزء من أموال المقاصة أولها وقف التنسيق الأمني الذي كان من شأنه تشكيل خطوة رادعة لإجراءات الاحتلال.
لكن إجراءات الحكومة غير الواضحة تثير الريبة حول مواجهة الاحتلال دون أي خطة أو قرارات سياسية تعزز صمود المواطنين، خاصة أن الجميع بحاجة لتحقيق الوحدة في مواجهة صفقة القرن وتجنب التجاذبات السياسية وهو ما لم تضعه الحكومة على سلم أولوياتها.
من جانبها، أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن سياسات الحكومة الحالية هي استمرار لنهج الحكومة السابقة، مما فاقم من الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأبناء شعبنا خصوصاً في قطاع غزة الذي يئن من وطأة الحصار واستمرار الإجراءات العقابية المفروضة عليه.
واعتبرت الجبهة في بيان لها أن حكومة اشتية لم تستخلص العبر من التجربة المريرة للحكومة السابقة، إذ أكدت المؤشرات أن هذه الحكومة تمارس المزيد من التمييز العنصري بين أبناء الشعب الواحد في غزة والضفة وخصوصاً في موضوع صرف الرواتب.
وأضافت أنها لم تتبع خطة إسعافية لمعالجة حالة الإفقار والتجويع، في الوقت الذي كشفت فيه تقارير إعلامية ودولية رسمية عن امتيازات جديدة حصل عليها الوزراء في الحكومتين السابقة والحالية رغم الادعاء بإقرار سياسات مالية تقشفية في أعقاب اقتطاع الاحتلال أموال المقاصة الفلسطينية.