لم تتوقف السلطات الأمريكية عن ملاحقة العالم الفلسطيني البروفيسور عبد الحليم الأشقر، منذ وصوله للولايات المتحدة الأمريكية عام 1989، في رحلة علمية، حصل خلالها على درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال.
الأشقر (61 عامًا) من قرية صيدا بمحافظة طولكرم، شمال غرب الضفة الغربية المحتلة، أنهى دراسته الثانوية من مدرسة عتيل، وتخرج عام 1982 من جامعة بيرزيت، وحصل على الماجستير في تخصصه من جامعة لافيرن باليونان عام 1989، والدكتوراة في إدارة الأعمال من جامعة المسيسيبي.
عمل محاضرًا في الجامعة الإسلامية بغزة، ثم تولى مسؤولية العلاقات العامة والناطق الرسمي باسم الجامعة، وفي عام 1989 حصل على منحة "أمديست" وسافر إلى الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين وهو يتعرض لمضايقات وملاحقات واعتقل ثلاث مرات من السلطات الأمريكية.
ويقول شقيقه مؤيد لصحيفة "فلسطين": "شقيقي د. عبد الحليم رجل مثابر وعنده كم هائل من الجلد ليواجه أي إشكالية في حياته، وهو من الأوائل الذين حققوا مستوى عاليًا في الامتحان الأمريكي العالي"، مشيرًا إلى حلمه الكبير في استرداد حقوق شعبه المضطهد.
ملاحقة أمريكية!
عمل الأشقر بروفيسورًا في العديد من الجامعات الأمريكية، كان آخرها جامعة هاورد في واشنطن، قبل اعتقاله عام 2003، وإخضاعه للإقامة الجبرية في منزله، بتهمة الدعم والانتماء لحركة "حماس"، ومن ثم إحالته للاعتقال في السجون الأمريكية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2007.
في عام 2007 حكمت السلطات الأمريكية عليه بالسجن 11 عاما بتهمة تمويل حركة "حماس".
ورغم اعتقاله ومكوثه فترة الإقامة الجبرية، تقدم الأشقر للترشح في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية عام 2005م، إذ أكد في برنامجه الانتخابي على ضرورة تعميق وترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال تطوير ميثاق شرف ينظم العلاقة بين الفصائل الوطنية والإسلامية، وتطوير نظام التعليم، والخدمات الصحية، وقطاع الإسكان، والتنمية الاقتصادية.
وعن أسباب اعتقاله لدى السلطات الأمريكية، أوضحت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أنها "تهم تتعلق بدعم الشعب الفلسطيني ورفض الشهادة على زملاء له في المحاكم الأمريكية".
وتشير إلى أن السلطات الأمريكية اعتقلت الأشقر ثلاث مرات لرفضه الشهادة ضد بعض الناشطين الفلسطينيين والمسلمين، وبقي تحت الإقامة الجبرية في منزله بانتظار المحاكمة لرفضه الإدلاء بالشهادة.
وبعد الإفراج عنه منذ أكثر من سنة وضع الأشقر تحت الإقامة الجبرية بانتظار ترحيله إلى دولة تسمح باستقباله بعد إجباره على التخلي عن جنسيته الأمريكية بشكل تعسفي.
واستدعت إدارة الهجرة الأمريكية الأشقر قبل ثلاثة أيام فذهب إلى مقرها برفقة شقيقته، وبعد انتظار دام أربع ساعات جاء موظف الهجرة وأخبر شقيقته بأن عليها أن تغادر لأن شقيقها قد تم ترحيله على متن طائرة خاصة برفقة عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي "الإف بي آي" في طريقة إلى (إسرائيل).
وتوضح المنظمة الحقوقية أن إجراء عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي غير قانوني وتم دون علم محاميه، مشددة على أن إعادة محاكمته في (إسرائيل) تعد خرقًا فاضحًا للقواعد القانونية التي تمنع ازدواج العقوبة.
وبينت المنظمة أن الأشقر وصل فلسطين المحتلة في 5 يونيو/ حزيران وأودع أحد السجون بانتظار إعادة محاكمته، "لكن سلطات الاحتلال أعادته مجددًا لأمريكا استنادًا إلى إجراءات قانونية سلكها محاموه"، كما تفيد زوجته.
وأوضحت زوجة الأشقر-أسماء مهنا- أنه تم إصدار قرار قضائي، بمحكمة أمريكية في ولاية فرجينيا بمنع تسليم زوجها إلى الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت: "بحمد الله وفضله ثم بدعاء المخلصين وجهود المحامين تم إصدار قرار من قاضي بمحكمة في ولاية فيرجينيا بمنع تسليم الدكتور عبد الحليم الأشقر للحكومة الإسرائيلية، مما اضطرهم لإرجاعه إلى الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضافت: "يمكث زوجي الآن في سجن في ولاية فيرجينيا، ونسأل الله تعالى له الفرج التام والعودة لأهله وبيته سالما ومعافى".
استنكار فلسطيني وطني
من جهتها، حملت فصائل فلسطينية الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن حياة العالم الفلسطيني، رافضة تسليمها إياه للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن الخطوة الأمريكية عدائية للشعب الفلسطيني، وتواطؤ ضد القضية الفلسطينية.
وأكدت حركة حماس في بيان صحفي لها أن الأشقر من القامات الوطنية المشهود لها بالعلم والانتماء لوطنه وقضيته، والتي يفتخر ويعتز بها شعبنا، مشيرة إلى إجرائها حوارًا مع بعض الدول لاستقباله، بعد أن قضى ظلمًا أحد عشر عامًا في السجون الأمريكية.
من جهته، قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: إن إعلان الإدارة الأمريكية تسليمها المرشح الرئاسي عبد الحليم الأشقر للاحتلال مخالفة للأعراف والقوانين الدولية، محملًا الإدارة الأمريكية وقيادة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأشقر.
بدورها، ثمّنت وزارة الخارجية في غزة قرار محكمة فرجينيا القاضي بمنع تسليم الأشقر للاحتلال الإسرائيلي، والذي ترتب عليه إرجاعه إلى الولايات المتحدة بعد صدور القرار، قائلة: "هذا القرار يشكل انتصارًا للحق الفلسطيني في وجه الظلم والقهر الذي تمارسه دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم داخل وخارج فلسطين المحتلة".