قائمة الموقع

أحداث الحرب وتدمير البيوت حفزت عائلتين غزِّيتين على المصالحة

2019-06-01T15:45:27+03:00
صورة تعبيرية

"في وقت الشدائد والمحن تظهر معادن النفوس"، نهجٌ اتبعه أهل الفقيد "م.ج"، الذي توفي إثر حادث سير وسط مدينة غزة، في أول أيام العدوان الاسرائيلي على غزة صيف سنة 2014.

تفاصيل القصة يرويها رجل الإصلاح في رابطة علماء فلسطين ناصر البطراوي الذي واكب القضية منذ لحظاتها الأولى حتى يوم اجتماع العائلتين للعفو والمسامحة، يقول في الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك جاء اتصال من كبار عائلة الشاب "م. ل" تطلب من لجنة الزكاة التوجه إلى مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، لحادث عرضي تعرض له ابنهم.

يكمل البطراوي لصحيفة "فلسطين"، توجهنا على الفور إلى المستشفى وأُخبرنا بأن الشاب "م. ل" كـان يقود دراجته النارية قبيّل أذان المغرب وإذا بـ "م.ج" يخرج من زقاق فرعي لم يلاحظه الشاب ما أدى إلى التصادم، تزامن مع ذلك الوقت بداية أحداث الحرب على قطاع غزة، ما صعّب عملية البحث والتعرف على عائلة المصاب خاصة بعد دخوله في غيبوبة لعدة أيام.

خلال الأيام الأولى وقبل التعرف على عائلة الرجل المصاب تكفّل الشاب "م. ل" به وكان لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا، حتى تمكن الأهل بعد بحث الطرفين من الوصول لابنهم المصاب، ورغم أن حالته كانت تزداد سوءًا لكن وجدنا نفحات شهر رمضان من الصبر والسلوان تغمر عائلته، من اللحظات الأولى، خصوصًا بعد موقف الشاب مع ابنهم خلال أيام العلاج.

يروي البطراوي أنه بعد 10 أيـام من مكوث المصاب في المستشفى جاء خبر وفاته، وفي ذات اللحظة اشتد وطيس الحرب وأعداد الشهداء، لكن لم يمنع ذلك "الجاهة" وعائلة الشاب من الخروج والمشاركة في مراسم الدفن والعزاء، حتى تفاجؤوا باتصال ينبئ بتهديد منزل عائلة الشاب سائق الدراجة بالقصف من قبل الاحتلال، ما جعل عائلة الفقيد أول المؤازرين لعائلة الشاب في مشهد تلاحمي مفعم بالإخاء.

وأضــاف: "لم تمنع آلة الحرب وقصف المنزل، واستشهاد أحد أقارب الفقيد بعدها من إكمال الإجراءات العرفية، وكنا نزورهم في كل فرصة أو هدنة من أجل المحافظة على الودّ والتلاحم بين العائلتين لحين انتهاء الحرب والجلوس لوضع حلّ نهائي للقضية".

يقول البطراوي مع انقضاء غمامة الحرب توجه الوجهاء برفقة عائلة الشاب إلى منزل الفقيد، لتثبيت الحق والعرف، وبعد تداولات طالب أخ الفقيد من رجل الإصلاح مرافقته إلى الغرفة التي تجتمع بها عائلة (م.ج)، لسماع حكمهم وطلباتهم، مضيفًا: "أبلغوني حينها أنهم قد سامحوا الشاب وعائلته بشكل كامل دون أي حقوق واجبة عليهم.

وتـابـع "رتبت لجنة الإصلاح صلحا عشائريا يجمع العائلتين ووجهاء ورجال دين، في أحد المساجد أعلن خلالها الصلح الكامل بين العائلتين، وانطواء صفحة الحادث الأليم الذي مرّ على العائلتين".

وقد تفاجأ البطراوي قبل حوالي عام ونصف بخبر استشهاد الشاب (م. ل) أثناء مشاركته في أحداث مسيرات العودة وكسر الحصار على حدود قطاع غزة الشرقية، وشارك في تشييع جثمانه الآلاف منهم ذوو الرجل (م. ج) شاهدين له بزيارته الدائمة لهم وحسن خلقه وعدم نكرانه الجميل والمعروف.

ويختم البطراوي: "دائمًا ما نلمس روح العفو والتسامح لدى أهلنا في قطاع غزة، الجميع يبتغي الأجر العظيم من كظم الغيظ، وذلك من منطلق ديني واجتماعي ووطني، يجب تعزيزه بشكل أكبر في الأجيال الصاعدة".

اخبار ذات صلة