قائمة الموقع

أبو رصاص تستذكر رمضان يافا عروس البحر

2019-06-01T15:22:06+03:00
الحاجة فتحية أبو رصاص

البكاء كان فاتحة الحديث وخاتمته، حينما دقت الذكريات باب الثمانينية فتحية أبو رصاص، فهي كلما تذكرت كيف هُجّرت قسرًا من مدينتها يافا عام 1948؛ انخلع قلبها وجعًا وأخذت تذرف الدموع، فماذا روت لـ"فلسطين"، عن رمضان البلاد في يافا.. اقرأ التفاصيل لتعرف..

تبدأ فتحية حديثها وهي تتحسبن على الاحتلال واليهود، بقولها: "حسبي الله عليهم اليهود، حسبي الله عليهم قاطعة مانعة، الله لا يباركهم".

التقطت أنفاسها، وشرد بصرها قليلًا، كأن الروح ردت إليها وهي تشير لافتقادها بحر يافا الذي كانت تزوره يوميًا أكثر من أربع مرات لأن منزلها لا يبعد عنه كثيرًا.

وتلفت إلى أنه في رمضان لا يوجد طعام مميز تشتهر به المدينة، فالجود من الموجود والطبيخ من جميع الأشكال، مبينة أنهم مع بدء الإعلان عن استقبال رمضان يعلق أهل المدينة الفوانيس والزينة.

أما الأطفال – تروي أبو رصاص– كانوا يركضون، ويدقون الأبواب في أول ليلة من رمضان، ويأخذون ما تجود به نفوس أهل المدينة، ويجمعون الطعام، عائدين إلى منازلهم بأكياس مليئة، ويرددون في جولتهم هذه، وهم يطرقون الأبواب: "يا مهل الدار وما جينا، لا رحنا ولا جينا"، "فكوا الكيس وطعمونا، طعمونا من حلويات رمضان".

وتتابع: "في رمضان والأعياد والمواسم تعد ربات البيوت الحلوى لزيارات الأرحام، ويحملون ما طاب ولذ"، مبينة أن الناس كانوا الإخوة، كل يهتم بالكل، والنساء يقعدن مع بعضهن البعض يجهزن "البصارة" ويوزعنها على البيوت، بخلاف اليوم حين تفرقت القلوب ولم يعد يعجبهم أي شيء.

وفي العيد توضح أبو رصاص أن أهل يافا "اليافويين" كانوا يذهبون إلى البلدة القديمة وخاصة "ساعة التاكسيات"، وهي ساعة مربعة في البلد، فيلتم أهل المدينة فيها، وتكون "هوشة كبيرة"، ويحضرون جرار الفخار المليئة بـ"المِش"، والمخللات، ولا يغادرون إلا والجرار فارغة تمامًا، فالكل يذهب ليمرح ويشتري ويأكل.

وتقول: "يافا كبيرة، كنت تفوت الشارع هذا، والشارع الثاني متعرفوش، وكمان كان فيها أحياء كتير، منشية، وعجمي، وأبو كبير، تل الريف، الشيخ درويش"، لافتة إلى أنهم كانوا يخرجون من حي العجمي إلى البلد سيرًا على الأقدام، ومعهم الطبلة، وطوال الطريق يدقون الطبلة ويزغردون ويغنون، حتى يصلون إلى حيث يريدون، فيسهرون حتى السحور، ومن ثم يعودن بالطريقة ذاتها، والمسحراتية يوقظون المدينة.

سرحت قليلًا، وهي تذكر كيف كان اليهود في يافا، قبيل الهجرة، فتقول: "اليهودي في يافا طول النهار الكزمة والطورية –أدوات قديمة- على كتفه، والكندرة في رجله مقطعة، ويبقى يزحف في رجله زحف".

وتضيف: "والله ييجي اليهودي ينادي على ستي: "يا إم هاشم"، ويكون على كتفه تلت أربع شقفات قماش، "إيش يا إم هاشم بدكيشي أواعي للولاد والبلاد"، تقوله "لأ"، فيقلها "سويلي كاسة شاي يا إم هاشم"، يقعد يقرفص على الأرض يستنى كاسة الشاي".

للحظة من الزمن، توقفت أبو رصاص عن الحديث، وأجهشت ببكاء قارب النحيب، وبعد أن هدأت، وعن بكائها هذه المرة، تقول: "في يوم، رحت مع جوزي على يافا، وشفت بيتنا، لقيت "اليهودية" إلي كانت ساكنة في "خص" آخر الشارع، قاعدة في بيتنا، لما شافتني قالت لي "تفضلي"، أنا ما قبلتش أدخل، قلتلها" بفوتش بيتي ضيفة والغُرُب فيه".. فقالتلي "حييجي يوم وترجعوا لبيوتكم، لأنكم أصحابها الحقيقيين".

اخبار ذات صلة