رأى محللان سياسيان أن سلوك حكومة رام الله من خلال طلب زيادة رواتب رئيس الحكومة والوزراء، رغم الأزمة المالية التي تعاني منها (حسب قولها)، هو سلوك غير رشيد من الناحية المالية و السياسية، ويعد تبديدا للمال العام.
وأوضح المحللان أن زيادة الرواتب تأتي في ظل تقليصات واضحة لرواتب الموظفين العموميين؛ بذريعة نقص المال لدى السلطة، داعين إلى الإقلاع عن تصرفاتها التي لا ترتهن للمصلحة العامة.
وقالا إن الأولى هو زيادة نسبة صرف رواتب الموظفين، وإعادة رواتب أسر الشهداء والجرحى المقطوعة، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين بدلا من طلب زيادة رواتب المسئولين في الفئات العليا.
وكانت مصادر اعلامية كشفت عن وثائق تظهر طلبات لزيادة رواتب وزراء حكومة رام الله التي يترأسها محمد اشتية من 3000دولار أمريكي شهريًا إلى 5000 دولار أمريكي أي بزيادة قدرها 2000 دولار أمريكي، فيما يرتفع راتب رئيس الحكومة ليصل إلى 6000 دولار امريكي.
ورغم نفي حكومة اشتية ان تكون هي من طلبت الزيادات، وأنه تمّ إقرارها في الحكومة السابقة التي كان يرأسها رامي الحمد الله قبل عامين، الا أن الحمد اللهنفى بشكل قاطع أن يكون الأمر تم الترتيب له خلال توليه منصب رئيس الحكومة.
شبهات فساد
وأكد المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم، أن وجود أزمة مالية لدى السلطة يعني أن طريقة إدارة المال العام شابها الكثير من الفساد والعشوائية خلال السنوات السابقة، معربا عن أسفه لعدم وجود بوادر لتغيير تلك الطرق التي أهدرت المال العام.
وذكر قاسم لصحيفة "فلسطين"، أن خبر زيادة الرواتب لرئيس الحكومة والوزراء لا يجب أن يمر مرور الكرام على المجتمع الفلسطيني، مشيرا إلى أن تلك الزيادة ستكون بالتأكيد على حساب قطاعات حيوية أخرى تحتاج الى ميزانيات قد لا توفرها الحكومة حاليا بالمستوى المطلوب.
واعتبر قاسم أن الخلل الذي يعتري المنظومة الحكومية في الضفة الغربية "قد ساهم في صنع بارونات مال تكونت ثروتاهم عبر استغلال المال العام ونهبه"، منوها الى ضرورة محاسبة كل مسئول يثبت عليه إهدار أو اختلاس المال العام.
وطالب الحكومة بالنظر الى احتياجات القطاعات الأخرى من المجتمع الفلسطيني كالفقراء والعمال والاهتمام بالموظفين الذين تنازلوا عن متطلبات معيشية كثيرة بسبب التقليصات في رواتبهم.
واستهجن قاسم إصرار الحكومة على توجيه معظم النفقات نحو الملف الأمني، مشيرا إلى أن السلطة مستمرة في وظيفتها كحارس أمن للاحتلال وبأموال فلسطينية يتم استقطاعها من عرق جبين الشعب الفلسطيني عبر الضرائب وغيرها.
تضليل وخداع
وأكد المحلل السياسي تيسير محيسن، أن نفي الحكومة لهذا الخبر هو نوع من التضليل للجمهور؛ نظرا لأنها تنفي التوقيت ولا تنفي الجوهر، لافتا الى أن الحكومة لا تتوقف عن الترديد بأنها تعيش حصارا ماليا خانقا وخاصة بعد قيام الاحتلال بخصم جزء من أموال المقاصة.
وقال محيسن لصحيفة "فلسطين"، إن السلطة وبرغم الحديث الدائم والمتكرر عن وجود أزمة مالية، إلا أن تأثيرات تلك الأزمة تطال المواطنين والموظفين، دون أن يتأثر الانفاق على متطلبات المسئولين في الإدارات العليا للحكومة.
وأوضح أن جزءا كبيرا من التصريحات الصادرة عن الحكومة حول وجود أزمة مالية تهدف بالأساس لتبرير الإجراءات العقابية التي تقوم بها السلطة والحكومة تجاه قطاع غزة من قطع لرواتب فئات مهمة كأسر الشهداء والأسرى والجرحى.
وذكر أن السلطة وبرغم ادعائها وجود أزمة مالية خانقة تعاني منها، إلا أن انفاقها مثلا على قطاع الأمن في الضفة الغربية لا يكاد يتوقف، بل تقوم بتعزيزه وصرف مبالغ كبيرة من أجل الحفاظ عليه.
وأكد محيسن أن ملف الامن الذي يستنزف الموارد المالية لا يعدو كونه تأدية لواجب السلطة في حفظ الامن للاحتلال الإسرائيلي بدلا من انفاقه على قطاعات مهمة أخرى كالصحة والتعليم والزراعة، وهي قطاعات لا تصل ميزانيتها لثلث ميزانية الأمن.
ولفت المحلل السياسي إلى أن حكومة رام الله ومنذ تولي محمد اشتية مقاليدها، بدأت أول ما بدأت في تقليص خدمات مهمة للجمهور الفلسطيني تحت ذريعة نقص المال، فقامت بإلغاء بعض تفاصيل العلاج في الداخل المحتل، ورسخت الاستقطاع الظالم من رواتب الموظفين وغير ذلك من الاجراءات.