أكد حقوقيون فلسطينيون أن تصريحات المدعي العسكري العام الإسرائيلي لن تفلح في نفي المسئولية الجنائية والقانونية لقادة وجنود الاحتلال عن جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وشدد الحقوقيون على أن محاسبة الاحتلال على جرائمه لا تسقط بالتقادم أو ادعاء عدم المسئولية، لافتين الى ان العدالة الدولية ما تزال تخضع للاعتبارات السياسية التي تمنعها من إنصاف الفلسطينيين.
وزعم المدعي العسكري العام الإسرائيلي، شارون أفيك، أول من أمس، في مؤتمر دولي للنيابة العسكرية بشأن قوانين الحرب، أنه لا يوجد صلاحية للمحكمة الجنائية الدولية للنظر في قضايا تتصل بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في إشارة إلى جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وزعم "أفيك" أن "(إسرائيل) دولة قانون لديها جهاز قضائي مستقل وقوي، وأنه لا يوجد سبب لأن تكون عملياتها خاضعة لفحص المحكمة الجنائية الدولية". على حد تعبيره.
يذكر أن النيابة العسكرية الإسرائيلية قد قررت، قبل أسبوعين، إغلاق ملف التحقيق بشأن استشهاد إبراهيم أبو ثريا المقعد في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2017، بدون اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد مطلقي النار، وزعمت أن أبو ثريا لم يقتل بنيران مباشرة من الجيش.
دور مكمل
وأكد عضو لجنة الفريق القانوني في الهيئة الوطنية لمسيرة العودة د. صلاح عبد العاطي، أن تصريحات المدعي الإسرائيلي لن تجعل جنود وقادة الاحتلال يفلتون من المحاسبة على جرائمهم.
وقال عبد العاطي في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إن تاريخ الصراع مع الاحتلال شهد توثيق آلاف الجرائم التي ارتكبها، لافتا إلى أن الاحتلال يشعر بالفوقية في تعامله مع مجمل المؤسسات الحقوقية وخاصة الدولية منها.
وأعرب عن أسفه لاستمرار افلات قادة وجنود الاحتلال من العقاب، مشيرا الى أن الاعتبارات السياسية لدى الاطراف الدولية كثيرا ما حالت دون المضي قدما في إجراءات المحاسبة.
وأوضح أن غياب العدالة الدولية واستمرار الحالة على ماهي عليه جعلت من دولة الاحتلال تتصرف على أنها فوق القانون ومحمية من الملاحقة والعقاب، موضحا أن المجتمع الدولي لم يستطع أو أنه لم يرد أن ينصف الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال بكل أدواته ومن ضمنها القانونية. لكن عبد العاطي اشار الى ان دور المحكمة الدولية هو دور مكمل، منبها الى أن ذلك الدور مرتهن أولا بضرورة إجراء تحقيق جدي لدى منظومة القضاء الاسرائيلي، والتي في حال لم تقم بذلك فإنه يمكن للضحايا ان يتوجهوا الى المحكمة الدولية.
وذكر أن منظومة القضاء في دولة الاحتلال تشكل جزءا من أدوات القهر التي يستعين بها الاحتلال من أجل مواصلة ممارساته القمعية بحق الشعب الفلسطيني، مشيرا الى أن تلك المنظومة تأتمر بأمر المستويات السياسية والامنية في دولة الاحتلال.
حق قانوني
وأكد الخبير القانوني د.حنا عيسى، أن المستوى الأمني في دولة الاحتلال يؤمن بحماية كاملة للقادة والجنود، والعمل على إفشال ملاحقتهم قانونيا على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح عيسى لصحيفة "فلسطين"، أن هذه الحماية شجعت الجنود على ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي يجرمها القانون الدولي ويضع مرتكبيها تحت مقصلة المحاسبة الشديدة كما حصل في عدة نماذج من صربيا والسودان وغيرها.
وشدد على أن جرائم الاحتلال واضحة لا لبس فيها، مؤكدا أن كل الأفعال التي قامت بها قوات الاحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية وخاصة في حروبها الثلاثة الاخيرة ضد قطاع غزة وعمليات القتل المباشر في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة وقطاع غزة وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة تندرج تحت بند ما يسمى "جريمة الحرب".
وقال القانوني إن دولة الاحتلال تتحمل المسؤولية كاملة حول ممارستها بحق الفلسطينيين باعتبارهم شعبا يقع تحت الاحتلال استناداً لنص المادتين 1و29 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م.
وشدد على أن القادة السياسيين والعسكريين بدولة الاحتلال يتحملون أيضا المسؤولية الجنائية استنادا لنص المادتين 146و147 من اتفاقية جنيف الرابعة ولنص المادتين 3 و52 من اتفاقية لاهاي، ولنص المادتين 86 و88 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف ولنص المادتين 27 و 28 من نظام المحكمة الجنائية الدولية، والتي بمجملها تؤكد على تقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لإيقاع العقوبة الرادعة بحقهم نتيجة الجرائم التي اقترفوها بحق الفلسطينيين.
وأوضح عيسى أن تقاعس المجتمع الدولي عن محاكمة قادة الاحتلال لا يعني أن تلك الجرائم تسقط بمرور الزمن أو التقادم وفقا لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لسنة 1968م ولنص المادة 29 من نظام روما لسنة 1998 .
وأكد خبير القانون الدولي أن من حق العائلات الفلسطينية المتضررة أن ترفع شكاوى وملفات جرائم دولة الاحتلال إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والطلب من الدول السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف اتخاذ الإجراءات لضمان تطبيق الاتفاقيات ومساءلة دولة الاحتلال.