منذ إعلان البحرين استضافتها ورشة عمل اقتصادية في العاصمة المنامة آخر الشهر القادم، تهافتت بعض الدول العربية والخليجية على قبول الدعوة والمشاركة فيها، غير آبهة بما ستؤول إليه القضية الفلسطينية لاحقًا وفق ما ذكر مراقبان لصحيفة "فلسطين".
ويُعد إعلان استضافة المرحلة الأولى من "صفقة القرن" وما تلاها من قبول المشاركة من بعض الدول العربية مفاجأة صادمة للفلسطينيين، خاصة بعدما تلقوا تطمينات عربية بعدم الانخراط في الصفقة.
وأعلنت السعودية والإمارات وسلطنة عُمان وقطر مشاركتها الرسمية بالورشة التطبيعية، وبررتها بالتأكيد على "ضرورة التخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق"، في حين من المرجح أن توافق دول أخرى أيضًا خلال الأيام القادمة.
وكان البيت الأبيض كشف استضافة العاصمة البحرينية المنامة ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان "السلام إلى الازدهار" لجذب الاستثمارات إلى الضفة الغربية والقدس المحتلتين والمنطقة، في 25 و26 يونيو/ حزيران القادم، بمشاركة مسؤولين سياسيين ورجال أعمال.
ويبقى السؤال الأبرز حول الدوافع التي جعلت بعض الدول تتهافت للمشاركة في الورشة الاقتصادية رغم علمها بحجم الضرر الذي ستتركه على القضية الفلسطينية، خاصة أن الراعي الأول لها هي الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة "صفقة القرن".
طلب سعودي وتوجهات أمريكية
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية د.وليد عربيد، يرى أن انعقاد الورشة في البحرين جاء بطلب من المملكة العربية السعودية وبتوجيهات من الولايات المتحدة الأمريكية.
يقول عربيد لصحيفة "فلسطين": إن التهافت العربي على القبول بالمشاركة في الورشة الاقتصادية جاء بأمر من الولايات المتحدة الأمريكية، للقضاء على القضية الفلسطينية.
ويوضح أن الاحتلال يحاول تمرير ما تُسمى "صفقة القرن" بمشاركة دول عربية، ومشاريع اقتصادية استثمارية في منطقة الشرق الأوسط.
ويعتقد أن قبول بعض الدول العربية بالمشاركة بورشة المنامة يندرج في إطار إيمانها بضرورة إنهاء القضية الفلسطينية، لأن تلك الدول لا تمتلك القوة لمواجهة الولايات المتحدة.
ويشير عربيد إلى أن بعض الدول العربية تعي جيدا أنها لن تكون قادرة على إقامة علاقات جيدة مع بعضها إلا بإيجاد حل للمسألة الفلسطينية والأزمات الحاصلة في بعض الدول.
ويرى أن دولًا عربية تعمل منذ زمن بعيد على استراتيجية لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية من أجل توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم، عادًا المشاركة العربية في ورشة المنامة "تعميقًا للتطبيع".
وينبه إلى أن البحرين من الدول التي تعاني من مشاكل في اللجوء السياسي في منطقة الخليج، لذلك تسعى لتحسين علاقاتها وتوطيدها، سيّما أنها ترتكز على السعودية ماليا ومرتبطة بالمحور الإماراتي.
أبطال الصفقة
في حين يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة د. عبد الله الأشعل، أن مشاركة بعض الدول العربية في المؤتمر تندرج في إطار محاولاتها للقضاء على القضية الفلسطينية.
ووصف الأشعل خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، المشاركين بأنهم "أبطال صفقة القرن"، سيما أنهم يقومون بالدور الأساسي لذلك بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وعد أن "صفقة القرن" الحقيقية التي تشارك بها دول عربية هي إلغاء كلمة فلسطين، وتوطين فلسطينيي الشتات في أماكن وجودهم، والقضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية.
وعد انعقاد الورشة "محاولة لاختبار الرد العربي والشعبي على إحلال السلام السياسي بالسلام الاقتصادي، والأرضية التي ستقام عليها الخريطة الجديدة".
ولم يستبعد إلغاء الورشة المقررة في حال تشكّل ضغط من الرأي العام الشعبي والعربي، خاصة في الدول التي وافقت على المشاركة.
وأوضح أن نجاح انعقاد الورشة سيكشف عن الدول الأساسية التي تعمل على تصفية القضية الفلسطينية.
وشدد الأشعل على ضرورة مقاومة هذه الصفقة من خلال إجراءات عملية على أرض الواقع، تتمثل بتوعية الشعوب بطبيعتها والمخاطر التي تلحقها بمنطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بشكل خاص.
تجدر الإشارة إلى أن استضافة البحرين لهذه الورشة لاقت رفضًا شعبيًّا وفصائليًّا فلسطينيًّا، حيث عدّتها الفصائل بداية التطبيق العملي لـ"صفقة القرن"، محذرين الدول العربية من المشاركة فيها.