تفخر دولة الاحتلال بأنها واحة الديموقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وما هي كذلك؛ فاحتلال وقمع شعب بأكمله ثم سيطرة فئة اثنية عليه، وفي الآونة الأخيرة أكْل مؤسساتها بعضها البعض، كضرب مكانة القضاء وترويض الإعلام لصالح رجل واحد هو بنيامين نتنياهو، كلها مؤشرات على تدهور الديموقراطية فيها، وأخيرا برز أسلوب نتنياهو الساخر في إدارة الحكومة نفسها.
كشفت صحيفة "هآرتس" طريقة إدارة نتنياهو للكابينت؛ حيث الفردية وتجاوز المؤسسات بعذر هو أقبح من ذنب، وهو تراجع مستوى الوزراء وانتشار الشعبوية في صفوفهم، وبالتالي من الضروري إبعادهم عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالسلم والحرب، فالكابينت الإسرائيلي لم يجتمع في الأشهر الثلاثة الأخيرة سوى مرتين، بتاريخ 17-3 و 5-5، على الرغم من وجود ضرورة لذلك كالمواجهة العسكرية الأخيرة مع غزة.
يتضح -وفق هآرتس- أن اتخاذ القرار بشأن الحرب والتصعيد يتم من خلال استشارة نتنياهو -الذي يمثل وحده المستوى السياسي في (إسرائيل)، فهو رئيس وزراء وهو أيضا وزير جيش- لقادة الأجهزة الأمنية، ثم يتم بعد ذلك عقد اجتماع رسمي شكلي للكابينت للموافقة على الأمر.
موافقة الكابينت لا تتم قبل مسرحية استعراضية ينال فيها بعض الوزراء منصة للتعبير عن مواقفهم الشعبوية وغير الواقعية، حيث يحرص أحدهم على تقديم خطاب صقوري يزايد فيه على رؤساء الأجهزة الأمنية كالجيش والشاباك والذين يهدئهم نتنياهو بإشاراته المتكررة لهم بألا يعبؤوا أو يتأثروا بذلك.
وفي نهاية الجلسة يتم توثيق مواقف الوزراء في البروتوكول، ويحرص الوزراء على تسريب ذلك لوسائل الإعلام كي يظهروا بمظهر الشجعان الذين يدعون للمواجهة.
هكذا يتخذ قرار الحرب والتهدئة في (إسرائيل)، أما في الجانب الفلسطيني ومع كل الفوارق بين الحالتين، فقد أظهرت المقاومة الفلسطينية في غزة مستوى لافتا من الشورى، عبرت عنها غرفة العمليات المشتركة لجميع الفصائل التي نجحت في إدارة المعارك الأخيرة بشكل موحد، وتجاوز بعض مظاهر التفلت السلبية من هنا أو هناك.