ورشة البحرين بعنوان "السلام من أجل الازدهار", تأتي بدعوة من الولايات المتحدة الأمريكية, حيث إن ترامب هو الحاكم الأول في الممالك العربية, والراعي لقطيع المهرولين العرب, يسوقهم نحو حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني, لا شك أن هذه الورشة المزعومة من ضمن التحركات الفعلية لتنفيذ صفقة القرن الأمريكية, والمشاركة العربية فيها إعلان الولاء والطاعة للإدارة الأمريكية والانخراط في خدمة مشروعها الخبيث المسمى صفقة القرن, والمساهمة في إنجاح مخططات تصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال الصهيوني والاعتراف به ودمجه مع دول المنطقة.
استطاع ترامب أن يكشف سوءة الأنظمة العربية الخانعة, ويفضح موافقتها على صفقة القرن ومشاركتها في تنفيذها, فلم يعد ينفع مع هذه الفضائح كل الشعارات الرنانة والخطب الصاخبة في دعم القضية الفلسطينية وحق شعبها في الحرية واستعادة وتحرير أرضه من الاحتلال المجرم, التي كانت تستخدم للاستهلاك المحلي لكسب الرضا الشعبي, وتخفيف حالة السخط التي تسود الشارع العربي تجاه الأنظمة الرسمية الخانعة للإرادة الأمريكية المعادية.
قبيل إعلان قرار مدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني, طاف ترامب هاتفياً على معظم الرؤساء والملوك العرب ولم يسمع من أحد منهم أي اعتراض, فأيقن أنه أمام قيادة عربية خانعة فاقدة لأي إحساس بالمسؤولية تجاه فلسطين ومقدساتها, وأن أسمى ما يشغل بالهم هو البقاء على كراسي الحكم في عواصم العرب التي يحكمونها بالحديد والنار.
استكملت إدارة ترامب مسيرها بقطيع المهرولين في لقاء "وارسو" التطبيعي حيث جلس "نتنياهو" إلى جانب زعماء العرب, ليناقش العدو الوهمي المشترك للكيان الصهيوني والممالك المختطفة من فاقدي البوصلة العربية والإسلامية, وكان لقاء "وارسو" يمثل الدمج السياسي للكيان الصهيوني وتفاعله في قضايا المنطقة وما تتطلبه من تنسيق وتعاون مشترك وإقامة تحالفات مع الأنظمة العربية الرسمية.
وخلال هذه الفترة أصبحت وسائل الإعلام العربية المتنوعة تروج للتطبيع مع الكيان الصهيوني, وخرج أنصاف المثقفين ليبرروا هذا "الإسهال التطبيعي" الذي أصاب مفاصل الأنظمة العربية, وتمت استضافة الصهاينة في عواصم العرب تحت ذرائع ويافطات المشاركة في المسابقات الرياضية وغيرها, بل زاد قبح بعض الأنظمة أن تطوع وزراء خارجيتها للدفاع عما يزعم أنه حق للمحتل الصهيوني في ذبح الشعب الفلسطيني, بحجة الدفاع عن النفس, فأين حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الغزو الخارجي والعدو الغاصب والدفاع عن النفس والأرض في مواجهة المجازر الصهيونية؟
تأتي ورشة البحرين التطبيعية استكمالاً للخطوات الأمريكية في تنفيذ مؤامرة الاستهداف للقضية الفلسطينية, ليجتمع أحفاد "أبي رغال" في سوق النخاسة لبيع ما تبقى لديهم من كرامة, ليشاركوا في جيش الدجال ترامب الذي يتشكل من أجل غاية واحدة هي هدم المسجد الأقصى المبارك وفقاً لمخططات الحاخامات الذي يقبل أياديهم ترامب المخبول, وبذلك يساهم "الرغاليون" في طمس معالم الهوية الفلسطينية العربية الإسلامية في الأرض المحتلة خدمة للمخطط الصهيوأمريكي.
بعد هذا الانكشاف الخطير للمؤامرة وموقف الأنظمة الداعم والمساند لتنفيذها, ورفض المجموع الفلسطيني بلا استثناء التعاطي مع الجهود الأمريكية التآمرية, وموقف السلطة الفلسطينية المعلن الرافض لصفقة القرن ومحتواها وما يتقدم من مؤتمرات في طريق إعلانها الرسمي, لم يعد أمامنا كشعب فلسطيني إلا أن نتمسك بحقنا في أرضنا ونعزز وحدتنا الوطنية ونرص الصفوف ونقاتل بكل ما نملك من وسائل وأدوات وعلى مختلف الجبهات وفي جميع المحافل إحقاقاً للحق الفلسطيني الراسخ وإبطالاً للباطل الصهيوني, فلم يعد مسموحاً أن يستمر الانقسام الفلسطيني أمام هذا الخطر الداهم الذي تتعرض له قضيتنا الفلسطينية, فلنعد لوحدتنا ولنصطف حول مقاومتنا ونتشبث بوطننا ومقدساتنا, ولتكن وحدة وثورة من أجل إسقاط المؤامرة وإفشال صفقة ترامب الخبيثة.