أكد محللان سياسيان أن ممارسة الشعب الفلسطيني لأنماط المقاومة الشعبية ساهمت في منح المقاومة العسكرية زخما وحيوية، مشيرين الى أن عقلية النضال الفلسطيني لن تعجز عن ابتكار أساليب جديدة كلما تطلب الأمر.
وذكر المحللان، أن حيوية الشعب الفلسطيني منذ سنوات الاحتلال البريطاني قد ساهمت في مواصلة المقاومة الشعبية، وذلك منذ الاضرابات المتكررة في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي وصولا الى مسيرات العودة التي تخرج على حدود غزة في الوقت الحالي.
وذكر أستاذ العلوم السياسية د. رائد نعيرات، أن استمرار المقاومة الشعبية، من شأنه أن يخلق حالة من الضغط على الاحتلال، مؤكدا في الوقت ذاته أن المقاومة الشعبية لن تتمكن وحدها من القضاء على الاحتلال بالضربة القاضية.
ولفت في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة الشعبية لها أساليب وطرق كثيرة أبرزها المسيرات الجماهيرية والاعتصامات في الاراضي والمنازل المهددة بالهدم في الضفة، اضافة الى النشاط الواسع في مقاطعة بضائع الاحتلال خارج الأراضي الفلسطينية وداخلها.
وأوضح نعيرات ان الشعب الفلسطيني استطاع أن يعمل على ثلاثة مستويات من المقاومة، أولها النشاط الشعبي من خلال حملات المقاطعة والاضراب الذي بدأت بواكيره ضد الاحتلال البريطاني مطلع القرن العشرين.
وذكر أن ثاني المستويات كانت من خلال تفعيل المقاومة المجتمعية عبر الصمود والتشبث بالأراضي والبيوت ورفض بيعها او إخلائها، اضافة لاستمرار رباط المقدسيين في المسجد الأقصى، مشيرا الى أن ثالث تلك المستويات كان المقاومة العسكرية التي اتخذت اشكالا مختلفة منذ بداية النضال الفلسطيني وحتى الآن.
ولفت نعيرات إلى أن المقاومة الشعبية تعد سلاحاً قوياً في يد الفلسطينيين، منوهاً إلى أنها كانت أحياناً تسير بمصاحبة العمل العسكري كما يحدث حاليا في قطاع غزة، من خلال وجود سلاح بيد المقاومة من جهة، واستمرار مسيرات العودة من الجهة الأخرى.
وأوضح أن الشعب الفلسطيني استطاع أن يطوع التكنولوجيا أيضا في مقاومته الشعبية عبر ترتيب حملات على مواقع التواصل الاجتماعي للتأكيد على حقوقه وثوابته تارة، والتعبير عن موقف ما من القضايا الراهنة كالمفاوضات والتنسيق الامني وغيرها تارة أخرى.
وشدد نعيرات على أن المقاومة الشعبية تشكل أهم العناصر في الاستراتيجية النضالية الفلسطينية، معتبرا أنها شكلت فرصة لانخراط كافة الفئات الشعبية في معركة مواجهة الاحتلال بكافة الأساليب والأشكال الممكنة، مضيفاً كذلك أن من شأن هذه المقاومة المفتوحة على مصراعيها أن تحدث سلسلة من التفاعلات المحلية والإقليمية والدولية.
ونوه الى أن أبرز التفاعلات المحلية التي أحدثتها المقاومة الشعبية هي الزج بكل القوى والقدرات والإمكانات والكفاءات في الشارع الفلسطيني في معركة الاستقلال والخلاص من الاحتلال والاستيطان، ونقل الحركة الشعبية من موقع الانتظار والترقب إلى موقع الفعل والتأثير، وإعادة صياغة موازين القوى المختلة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وبيَّن نعيرات أن حملات المقاطعة الأكاديمية والسياسية في وتيرة متصاعدة على المستوى العالمي، موضحا أن نجاح الجهد الشعبي في المقاومة يحتاج إلى تحقيق سلسلة من الخطوات وتوفر عوامل الثبات والصمود من بينها تنظيم حملة مقاطعة منتجات المستوطنات، وتطويرها لتشمل المنتجات الإسرائيلية كافة.
وشدد على أهمية المقاومة الشعبية في التأثير على العلاقات الفلسطينية الداخلية، من أجل الضغط على الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام وإحلال الوحدة الداخلية التي تلتف حول المقاومة الشعبية، وتعزز صمودها.
من ناحيته، أكد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية د. حنا عيسى، أن المقاومة الشعبية الجماهيرية باتت أحد أهم الوسائل الكفاحية في نضالنا التحرري، مؤكدا أن تصاعدها لا يعني إلغاء الأشكال الأخرى في المقاومة بأي حال من الأحوال.
وذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة الشعبية تحظى بالإجماع الوطني والشعبي، منوها الى أنها قدمت نماذج وطنية من خلال التصديللاستيطان ونهب وابتلاع الأراضي ومحاولات تهويد القدس وإطباق الحصار على غزة.
وأشار عيسى إلى أن الحفاظ على ديمومة هذه الوسيلة النضالية يتطلب إنهاء حالة الانقسام والشروع بحوار وطني فوري يعيد الوحدة إلى جناحي الوطن على قاعدة الالتزام بحقوق شعبنا الثابتة، ويحافظ على مكتسبات شعبنا، ويعزز الديموقراطية كنهج لا بديل عنه في الساحة الفلسطينية.
وأوضح أن التحديات والمهمات التي تنتظر الشعب الفلسطيني باتت كبيرة، معتبرا أن تصاعد الاستيطان واللغة العدوانية التي يبديها الرئيس الامريكي دونالد ترامب تجاه القضية الفلسطينية، تستوجب أن تتداعى الفصائل الفلسطينية لاستحداث برنامج وطني كفاحي من اجل التحرر والخلاص الاحتلال.
وطالب عيسى الجماهير الفلسطينية أن توسع قاعدة نشاطها النضالي الشعبي من خلال استخدام الاعلام بكل أشكاله ووسائله للترويج للقضية الفلسطينية بين الشعوب الغربية التي يتصاعد فيها منسوب التعاطف مع الشعب الفلسطيني يوما بعد يوم.
وشدد على أهمية توسيع حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني وتعزيز حملات مقاطعة منتجات دولة الاحتلال وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، مؤكدا أن ذلك يشكل رافعة لنضالات شعبنا المختلفة، وللجهد السياسي المبذول لملاحقة ومحاكمة الاحتلال على جرائمه.
وأكد عيسى أن الحالة الفلسطينية الراهنة تتطلب نموذجا مميزا في النضال ومواجهة المخاطر، داعيا إلى حوار فوري وشامل على أساس يصون التعددية السياسية ويحافظ ويصل إلى ثوابت لا يمكن المساس بها في ظل الخلافات او الاختلاف في الرؤى.