لا تكاد تمضي شهور حتى تُطلق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" صافرات إنذار مُعلنة حاجتها لمزيد من الدعم المالي؛ خشية انهيارها وحفاظًا على استمرار خدماتها المُقدمة للاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم في مناطقها الخمس، وخاصة قطاع غزة.
وحذرت "أونروا" من أن أكثر من نصف عدد سكان قطاع غزة الذين يعتمدون على المعونة الغذائية المقدمة من المجتمع الدولي مهددون بنقص الطعام ما لم تؤمن الوكالة ما لا يقل عن 60 مليون دولار إضافية بحلول يونيو/ حزيران المقبل.
ويتزامن هذا الإعلان مع إحياء الذكرى الـ71 للنكبة الفلسطينية، الموافقة الخامس عشر من مايو/ أيار من كل عام، التي تمثلت بسيطرة العصابات الصهيونية على أكثر من 80% من الأرض الفلسطينية عام 1948، ومرور عام على نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة مزعومة للاحتلال الإسرائيلي.
ويترك إعلان الأونروا الذي يتزامن مع سلسلة أحداث فلسطينية في الوقت الراهن، التساؤل المهم: "هل هناك أهداف سياسية خفية لذلك؟".
مؤامرة كبيرة
الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب يرى أن دعوات "أونروا" بين الوقت والآخر تندرج في إطار تذكير العالم بأن هناك مؤامرة كبيرة تهدد استمرار عملها وتقديم خدماتها للاجئين.
وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": إن قضية أونروا "سياسية بامتياز"، مشيرًا إلى أنها ليست فقط إنسانية مقتصرة على تقديم الخدمات، إنما هي مسؤولية سياسية يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليتها.
وأوضح أن استمرار عمل الوكالة جزء من اعتبار وجود مسؤولية دولية عن الكارثة الإنسانية في فلسطين التي حلت عبر احتلالها عام 1948، وتهجير الفلسطينيين قسرًا من أراضيهم.
وأشار إلى أن إحياء الذكرى الـ71 للنكبة يأتي بعد عام مليء بالمحاولات المستمرة من الإدارة الأمريكية ضد القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية اللاجئين بشكل خاص.
وبيّن أن الجهود الأمريكية والإسرائيلية كانت تتجه لشطب حق العودة وإنهاء عمل الوكالة باعتبارها الشاهد الوحيد على النكبة الفلسطينية، وذلك من خلال جملة من الممارسات والوقوف بوجه الاجتماعات والقرارات الدولية.
ولفت حبيب إلى أن أبرز القرارات الأمريكية هو وقف تمويل الوكالة البالغ قيمته أكثر من 300 مليون دولار العام الماضي، ودعوة الدول الأخرى لوقف دعهما للأونروا.
وأضاف أن "الإدارة الأمريكية و(إسرائيل) تحاولان تعريب الوكالة، من خلال جعل تمويلها من الدول العربية وليس الأوروبية"، عادا ذلك "خطوة خطيرة على الوكالة".
وشدد على ضرورة وجود حرص فلسطيني على استمرار الوكالة بشقيها الإغاثي والسياسي، كونها الشاهد الوحيد على النكبة الفلسطينية.
السلوك الأمريكي
ويتفق مع سابقه، المحلل السياسي د.محمود العجرمي حيث أشار إلى أن كل ما تتعرض له الأونروا مرتبط بالسلوك الأمريكي وخاصة بعد سحب الولايات المتحدة دعمها لها العام الماضي.
ولفت العجرمي في حديث لـ"فلسطين" إلى أن الإجراءات الأمريكية تتقاطع مع تشديد الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 13 سنة، وهو ما يثبت نواياهم بإنهاء قضية اللاجئين.
وبيّن أن الإدارة الأمريكية لها أهداف سياسية واضحة واستهداف القضية الفلسطينية بشكل عام وشطب حق اللاجئين بشكل خاص، وهو ما قوبل برفض فلسطيني واسع.
وبحسب العجرمي، فإن الشعب الفلسطيني استطاع إعادة جوهر القضية الفلسطينية على جدول أعمال دول العالم مرة أخرى، بعد انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار في مارس/ آذار 2018.
وعدّ الإجراءات الأمريكية "محاولات يائسة" تهدف للضغط على الشعب الفلسطيني، وإرغامه على التنازل عن القضية الفلسطينية.
وكانت الوكالة الأممية قالت في بيان لها أول من أمس: "مقدرتنا على مواصلة تقديم الغذاء لأكثر من مليون لاجئ فلسطيني في غزة، بمن في ذلك حوالي 620,000 شخص يعانون من فقر مدقع لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية ويجب عليهم العيش على أقل من 1,6 دولار في اليوم الواحد".
وأضافت أن حوالي 390,000 شخص يعانون من فقر مطلق، ويعيشون بأقل من 3,5 دولارات في اليوم، سيكونون عرضة لتحديات كبيرة ما لم تؤمن الوكالة ما لا يقل عن 60 مليون دولار.
ولا تزال الأونروا تعاني من أزمة مالية خانقة، جراء تجميد واشنطن دعمها لها بأكثر من 300 مليون دولار، وسط مطالبات للدول المانحة بسد العجز المالي لها.