تجري الانتخابات النقابية في قطاع غزة دون تدخل أو تأثير في المنتسبين أو المرشحين، ما يعده مراقبون مؤشرًا ودليلًا على أن المواطنين في القطاع يمارسون درجة عالية من حرية الرأي والتعبير لاختيار ممثليهم في الهيئات والنقابات، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا البيئة السياسية التي تتيح جوًّا من المنافسة والشراكة بما ينعكس إيجابًا على مصلحة المواطن.
وكان تيار حركة فتح الإصلاحي الذي يقوده النائب محمد دحلان قد فاز بانتخابات نقابة الصيادلة التي جرت مؤخرًا في قطاع غزة.
وكان القطاع قد شهد قبل ذلك انتخابات نقابة المحامين، والانتخابات الطلابية الجامعية، دون حدوث أي إشكالات، وهو ما يعده المراقبون دليلًا على غياب الوصاية السياسية على رأي الناخبين بالاحتكام إلى صندوق الاقتراع بخلاف ما يحدث في الضفة الغربية المحتلة من تدخلات وتزييف للوقائع وتشويه للحقائق.
بيئة سياسية
ويعتقد الكاتب السياسي مصطفى الصواف أن الانتخابات النقابية في غزة تجري على درجة عالية من المهنية والشفافية، وأن انتخابات نقابة الصيادلة تؤسس لمجتمع قادر على التغيير، ودليلٌ على إمكانية إشاعة الحرية في صفوف المواطنين.
وقال الصواف لصحيفة "فلسطين": إن عدم تدخل أحد لتوجيه انتخابات نقابة الصيادلة وترك المجال للأعضاء لاختيار ممثليهم، دليل حقيقي وديمقراطي على أن المجتمع الفلسطيني بغزة يمارس درجة عالية من حرية الرأي والتعبير.
ولفت إلى أن الوعي لدى المجتمع الفلسطيني جزء من النجاح في إرساء مبدأ حرية التعبير، إضافة إلى أن الإدارة الحكومية التي تتولى شأن القطاع وفرت مناخًا وبيئة ديمقراطية.
وحول انعكاس ذلك على العمل النقابي، يرى الصواف أنه إن توافرت حرية الرأي والشفافية العالية ومحاسبة المقصرين، فإن ذلك سيؤدي إلى تحسين الأداء وخدمة الجمهور وأعضاء النقابات.
ووصف ما تحقق إنجازًا جديدًا للشفافية العالية والمساءلة للأعضاء والمرشحين الذين طرحوا برامجهم ووجهات نظرهم حول مبدأ الشفافية والنزاهة وتركوا التصويت للجمهور.
كما يرى الصواف أن الأجواء والبيئة السياسية المتوافرة بغزة لا يوجد مثيل لها بالضفة الغربية، مدللًا على أن الانتخابات الطلابية التي جرت بجامعة "بير زيت" وغيرها من الجامعات شهدت تدخلًا كبيرًا من الجهات التي تتولى أمر النظام هناك، في إشارة إلى أجهزة أمن السلطة التي أكرهت الكتل الطلابية على الانسحاب، وكذلك انسحاب بعض الكتل من انتخابات نقابة الأطباء.
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يرى أن انتخابات النقابات في غزة وخاصة الصيادلة تشير إلى عدم التدخل في العملية الانتخابية، والحرص على أن تكون حرة نزيهة.
وقال عوكل لـ"فلسطين" إن هذه النتائج تعطي رسالة مهمة بالاستعداد للشراكة وصناديق الاقتراع، كما أن لها بعدًا معنويًّا وقيميًّا، مشيرًا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية حماس "بكل الحالات قدمت نموذجا مختلفا عن ما قدمته السلطة فيما يتعلق بالانتخابات".
حرية محمودة
في حين يقول الكاتب الصحفي خالد صادق: إنه لا غرابة من تحقيق "التيار الإصلاحي" فوزا في انتخابات الصيادلة كون غزة تشهد حرية محمودة دون وصاية أمنية على القرار، وهذا الأمر مختلف عما في الضفة الغربية التي تشهد أجواء بوليسية ضد الكتل المعارضة.
وأضاف صادق لـ"فلسطين": "في غزة نشعر بالفعل في كل المراحل أن هناك حرية كاملة في الأداء على المستوى المهني والخيارات السياسية والانتخابات دون أن يتم التعرض لأي أحد".
ولفت إلى أن التجارب الانتخابية النقابية تؤسس لحالة ديمقراطية حقيقية تلزم الناخبين باختيار من يرونه مناسبا بحرية تامة، وهو ما يعبر عن إرادة حقيقية لتطلعاتهم وآمالهم ويسمح بإحداث نقلة نوعية في الخدمات التي تقدمها النقابات على قاعدة التنافس والمصلحة العامة.
ويرى صادق أن الأمان التي يتمتع به معتنقو الرأي في قطاع غزة تجاه الأفكار السياسية هو ما دفع لمثل تلك النتيجة.
وعزا الممارسة الديمقراطية السليمة في غزة إلى التلاحم بين الجسم الحكومي فيها مع الجماهير والأطر السياسية الأخرى ما أدى لوجود حرية في التعبير عن الرأي والموقف والآراء.