قائمة الموقع

​المجدلاوية خديجة أبو ليل.. في رمضان كنا نتقاسم الأطباق ويحتفل الأطفال

2019-05-12T12:56:48+03:00

لطقوس رمضان خصوصية في كل زمان ومكان، لكن تلك الخصوصية قد تختلف من حين إلى آخر نظرًا لظروف طارئة، فكيف إذا كانت تلك الظروف الطارئة قاهرة ومصدرها الاحتلال الذي احتل البلاد وشرد أهلها على حين غرة، واستولى على كل ما يملكون، وأنهى حقبة من الاستقرار، وطمس جملة من العادات والتقاليد، التي منها ما هو متعلق بشهر الخير والصيام شهر رمضان المبارك؟!

وكانت بلدة المجدل في الداخل المحتل واحدة من تلك القرى والبلدات التي كان لشهر رمضان المبارك خصوصية فيها، رغم الفقر والحاجة اللذين كان يعيش فيهما الناس، والبساطة التي تميزت بها القرى الفلسطينية آنذاك، كما تقول الحاجة خديجة أبو ليل، التي ولدت وعاشت أعوامها الأحد عشر فيها قبل تهجيرها من المدينة.

وتتابع أبو ليل حديثها لمراسل صحيفة "فلسطين": "كانت أجواء رمضان في حينها جميلة رغم تواضعها، وما زاد جمالها التعاون بين الناس والتكافل الاجتماعي؛ فالفقير على فقره يتفقد الآخرين، ويتقاسم هو وجاره ويتبادلان الأطباق مما طبخ في المنزل أو الحلوياتالبسيطة".

ومن أجمل المظاهر تقول خديجة التي كانت طفلة: "المظاهر الاحتفالية التي كانت ترافق إعلان رؤية هلال رمضان، وفي مقدمتها ما كان يقوم به الأطفال من تجول في شوارع البلدة مهللين ومنشدين لرمضان، مع طرقهم علىالآنية الفارغة أو أي أداة تصدر صوتًا في حينها، وكان يستمر ذلك أكثر من ساعة".

وعلاوة على احتفالية الصغار كذلك الكبار كانوا يهنئ بعضهم بعضًا بقدوم رمضان، وكانوا يتجمعون فيما كان يعرف في وقتها بالبيادر، ويعمدون إلى إشعال بعض الشعل، ويبقون عدة ساعات يتسامرون على أضوائها إلى أن يتفرقوا استعدادًاللراحة قبل أن يستفيقوا للسحور، بحسب ما تروي.

وعن عمل الفلاحين في هذا الشهر تقول أبو ليل: "في مواسم الحصاد كان المزارعون يخرجون إلى حقولهم بمجرد الانتهاء من السحور وصلاة الفجر، ويعودون إلى بيوتهممع ساعات الصباح الباكر كي لا يصابوا بالإرهاق، وكان جميع أفراد العائلةيتشاركون في تلك اللحظات".

وتكمل حديثها: "الجريشة من أفخم الأطباق، وكانت الأيادي العديدة تجتمع على الطبق وعلى الإناء الواحد، فالإمكانات في حينها لم تكن كما اليوم، وكنا نتقاسم الخبز، وكانت النساء تطبخ ما يمليه عليهن رجالهن، وما يتوافر من طعام".

وتستذكر أبو ليل تحفيز والديها لها كما غيرها من الفتيات والأطفال على صوم رمضان، وتعويد الصغار صيام ما يعرف بصوم "درجات المئذنة" مقابل بعض الحوافز المادية، المتمثلة في ذلك الوقت في حلوى الراحة أو الكظامة (الحمص المحمص)، التي في حينها كانت من أهم مظاهر الضيافة والمسليات.

وتختم حديثها: "الاحتلال شوه جمال كل تلك الأيام منذ اللحظة الأولى لاحتلاله بلادنا؛ فغاب الضياء وحل الظلام، وتلاشت الطقوس المتواضعة وباتت ركامًا وجزءًا من الماضي، واليوم لا نشعر بمذاق الطعام، مهما تلون، والشراب مهما تلذذ،ما دمنا مسلوبي الأرض والإرادة".

اخبار ذات صلة