لكل واحد منهم حكاية يحتفظ بها لنفسه، ولا يريد أن يفصح عنها لوسائل الإعلام، ربما خوفا من أن يتم منعهم من السفر من قبل الجهات الأمنية المصرية، أو لأنهم يعتقدون أن معاناتهم لن تتوقف بالحديث عبر الإعلام.
لكنهم وبعد إقناعهم بضرورة إظهار معاناتهم وإيصالها للجهات المسئولة يوافقون بشروط لعل تكرار ذلك يلفت نظرها نحو تخفيف الإجراءات في السفر، والعمل على فتح المعبر لأطول فترة ممكنة أو على فترات متقاربة.
وتتمثل شروط بعض المسافرين عند الحديث وإظهار معاناتهم، عدم ذكر أسمائهم وكشف هوياتهم، وحالهم كالذي يريد أن ينفد بجلده من غزة المحاصرة التي أصبحت كـ"السجن الكبير".
الأربعيني نضال أحمد -اسم مستعار- أوضح لصحيفة "فلسطين" أنه يريد السفر إلى الشقيقة مصر، من أجل تلقي العلاج المناسب لمرضه المستعصي في معهد ناصر".
وقال: "أعاني من مرض السرطان الذي أصاب الغدة الدرقية في الرقبة، وآمل أن يتم شفائي لأعود لحياتي الطبيعية"، مشيرا إلى أنه حضر في اليوم الأول للمعبر دون أن يتمكن من السفر كباقي المسافرين في حافلته.
وطالب أحمد السلطات المصرية بضرورة فتح المعبر على مدار الساعة من أجل إنهاء معاناته ومعاناة المرضى مثله، قائلا: "الحصار أنهكنا وليس أمامنا إلا الشقيقة الكبرى مصر لنطبب جراحاتنا في مستشفياتها".
من جانبه، أعرب رمضان علوان عن أمله بتسهيل إجراءات سفره إلى الأراضي المصرية، بعد أن جاءه الدور في السفر ضمن كشوفات هيئة المعابر والحدود، من أجل إجراء عملية زراعة كبد له.
ولفت إلى أنه يعاني من تليف الكبد على مدار سنوات، ووصل لمرحلة لا يستطيع فيها التحمل أكثر، وأنه بحاجة ماسة لعملية زراعة كبد، قائلا: "أجرينا فحوصات لابني ووجدناها سليمة، وهو مستعد للتبرع بالكبد لي".
وأشار علوان إلى أن إغلاق المعبر يشكل عائقا أمام إجراء عملية الزراعة في الوقت المناسب، معربا عن أمله باستجابة الأشقاء المصريين لنداءات المرضى وأناتهم وآلامهم، وفتح المعبر على مدار الساعة، كونه بوابة الحياة الوحيدة لسكان القطاع.
وقررت السلطات المصرية فتح معبر رفح البري في الاتجاهين، استثنائيا، لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من يوم أول من أمس السبت وحتى اليوم الاثنين، وفق وزارة الداخلية في غزة، لسفر الحالات الإنسانية.
غير مطبقة
وأظهرت إحصائية عمل اليوم الأول عدم تطبيق ما أوضحه مدير معبر رفح هشام عدوان في تصريح سابق لصحيفة "فلسطين" من وجود لتفاهمات مع الجانب المصري تقضي بتقليص عدد المسافرين في الحافلة الواحدة من 120 إلى 60 مسافرا، مقابل زيادة عدد الحافلات المغادرة.
وتمكن 325 مسافرا في اليوم الأول من فتح المعبر، من مغادرة غزة على متن سبع حافلات، في حين وصل 183 مسافرًا إلى القطاع، بالإضافة إلى حالتي وفاة، وتم إرجاع 11 مسافراً دون ذكر أسباب محددة، وفق مدير الإعلام في معبر رفح وائل أبو محسن.
وأوضح أبو محسن لصحيفة "فلسطين" أن وزارة الداخلية جهزت ثماني حافلات من المسافرين المسجلين في كشوفات هيئة المعابر والحدود، وفقا للتفاهمات الجديدة، مشيرا إلى أنه لم يسافر منها سوى ثلاث حافلات، وجرى تسفير باقي الحافلات المرجعة في اليوم الثاني من فتح المعبر.
وقال: "خصصت ثلاث حافلات لأصحاب التنسيقات المصرية، وحافلة لحملة الجوازات المصرية، وثلاث للحالات الإنسانية"، مشيرا إلى أن وتيرة العمل في اليوم الثاني كانت كاليوم الأول، أي أنها لم تشهد تحسنا.
وأشار إلى أنه في اليوم التالي من عمل المعبر غادرت عشر حافلات باتجاه الصالة المصرية وتضمنت حافلة جوازات مصرية، خمس حافلات كشوفات وزارة الداخلية، أربع حافلات تنسيقات مصرية. كما وصلت عدة حافلات تحمل مسافرين عالقين إلى الصالة الفلسطينية من معبر رفح، بالإضافة إلى حالة وفاة.
ونوه أبو محيسن إلى أن السفر اليوم سيخصص للحافلات المرجعة وللكشوفات المعلنة.
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح منذ صيف 2013 بشكل كامل، سوى فتحه استثنائيا لأيام معدودة على فترات متباعدة، لسفر الحالات الإنسانية، في ظل حاجة سكان القطاع الماسة للسفر والتنقل عبره.