فلسطين أون لاين

​بخلاف توقعاتها..استمرت"ربى عنبتاوي"في الإعلام البيئي

...
صورة أرشيفية لربى عنبتاوي
غزة - فاطمة أبو حية

مجالٌ ضيقٌ ليس فيه ما يكفي من القضايا للاستمرار بتناولها في وسائل الإعلام، وبالتالي سيكون التوقف عن الكتابة فيه مؤكدًا ولكن بعد خوض التجربة، هكذا كانت ترى الصحفية ربى عنبتاوي مجال البيئة من بعيد، ولكن ما إن اقتربت، حتى تبين لها أن فيه من التفاصيل ما يفرض عليها مواصلة التحدث عنه، فتخصصت فيه، وتطرقت إلى مختلف قضاياه.

حصلت عنبتاوي على بكالوريوس الصحافة والإعلام والعلوم السياسية في جامعة بيرزيت عام 2004 ، ثم نالت درجة الماجستير في التنمية والتعاون الدولي عام 2016، وقبل نحو ثماني سنوات تخصصت في الصحافة البيئية، وفي بداية العام الماضي التحقت بدورة في الصحافة الاستقصائية نظمتها شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)"، ومنها انطلقت نحو التحقيقات الاستقصائية في مجال البيئة.

وقد حصلت عام 2003 على الجائزة الأولى لأحسن قصة صحافية في مؤتمر الإعلام الثالث للجامعات الفلسطينية، وفي 2008 حصلت على جائزة أفضل سيناريو وثائقي في مهرجان الجزيرة الوثائقية عن فيلمها "الزواج الأزرق".

سأتوقف!

تقول عنبتاوي لـ"فلسطين": "بعد تخرجي عملت في الصحافة المكتوبة في الصحف المحلية، وتطرقت إلى قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، وإلى أن بدأت أكتب كمراسلة متفرغة في مجلة آفاق البيئة والتنمية، وعندما عُرض عليّ هذا العمل لم يكن لديّ خلفية عن القضايا البيئية، ولكن قررت خوض التجربة".

وتضيف: "في البداية، وكصحفية غير مطلعة على البيئة كان لا بد من القراءة والاطلاع لمعرفة تفاصيل المجال الذي أكتب فيه، ومن خلال الحوارات الصحفية التي أجريتها عرفت أكثر عن البيئة، وتعمقت فيها وانتميت لها، وبدأت أشعر أن رسالتي في الصحافة البيئية يجب أن تستمر، ومنذ ذلك الوقت وأنا أكتب فيها بمختلف الفنون الصحافية".

وتتابع: "الصحافة الفلسطينية تركز على السياسة والاقتصاد والقضايا الاجتماعية بالدرجة الأولى، وتأتي البيئة في آخر الاهتمامات، وبالكاد يُنشر موضوع بيئي واحد في الأسبوع، وأنا كنت أركز على القدس المحتلة وظروفها، ولم أكن أتخيل أن عالم البيئة واسع إلى هذا الحد".

وتوضح عنبتاوي أنها كانت تتوقف عن الكتابة في مجال البيئة بعد إعداد عدة تقارير، وذلك لمحدودية هذا المجال كما كانت تراه آنذاك، ولكن سرعان ما تبين لها غير ذلك، واكتشفت أنه مجال واسع ومتجدد ومرتبط بالتطور التكنولوجي الموجود في العالم، وموضوعاته عالمية وليست محلية فقط، مؤكدة: "موضوع البيئة متجدد ومهم جدا وحيوي، ويتحدث عن أحد أسباب وجودنا على هذه الأرض، والحفاظ على البيئة من أسباب استدامتنا".

لا بد من الاستمرار

بعد تخصصها في الصحافة البيئية، انتبهت عنبتاوي إلى عدة أمور جعلتها مصممة على الاستمرار في هذا المجال، وأهمها أن وعي الناس بالبيئة في فلسطين والعالم العربي ضعيف جدا، بدءا من أبسط شيء مثل الحفاظ على النظافة العامة، وكذلك عدم وجود معرفة كافية بقضايا البيئة المهمة، مثل قضية تغير المناخ التي هي قضية العصر ويُعقَد لمناقشتها مؤتمرات دولية بينما الأغلبية هنا تجهل معناها.

ومن أسباب استمرارها في التطرق لقضايا البيئة أيضًا، أن "أولويات الناس في فلسطين ومشاكلهم سياسية واقتصادية واجتماعية، بينما البيئة لا اهتمام فيها رغم أنها يجب أن تحتل المرتبة الأولى، لأننا نعيش على الأرض، نتنفس هواءها، نشرب ماءها، ونأكل من ترابها، ولو كانت هذه العناصر ملوثة فهي حتما ستؤثر في حياتنا ووجودنا".

وتبين: "بُعد الشعب عن القضايا البيئية، وعدم التعامل مع البيئة كمفهوم تنموي، وفي ظل ممارسات الاحتلال التي تدمر الطبيعة، كان لا بد من نشر الوعي، وصحيح أننا محاصرون وتحت احتلال، ولكن بما نملكه يجب أن نوفر وعيا بيئيا أفضل، وأن نبدأ التغيير، ولا ننتظر التحرير واستقلال الدولة حتى نهتم بمثل هذه القضايا، فهذا لا علاقة له بالأولويات، بل علينا أن نبدأ من الآن، لأننا كلّما بدأنا أسرع سنحافظ على أرضنا وسبب وجودنا".

وبحسب عنبتاوي، فإن تعمقها في قضايا البيئة، جعلها أقرب إلى أن تكون ناشطة بيئية وليست صحفية فقط، وانعكس هذا الأمر عليها وعلى تعاملها مع بعض الأمور، مثل رفضها عملا بمواصفات مغرية لأنه يقتضي منها أن تكتب تقارير مضرة بالبيئة.

وتبين: "بعض المشاريع المضرة بالبيئة لا أستطيع أن أقبلها، لأني منتمية لهذه البيئة، ولا أعمل بمشروع يمس جوهر ما أؤمن به، وكيف أقدم شيئًا أناضل منذ سنوات لعكسه، لذا لا يمكنني أن ألغي كل هذه الأمور لأجل عملي".

وعن مواصفات الصحفي البيئي، تقول عنبتاوي: "إلى جانب ضرورة أن يكون موهوبًا في الكتابة، ومثقفًا، ومتمرسًا في عمله، فينبغي أيضا أن يكون مثقفا بيئيا، ومطّلعا على تطورات الأمور البيئية في العالم كله، وراصدًا لكل خطأ بحق البيئة، وبالطبع يجب أن يعمل على تغيير الخطأ وليس رصده فقط".

وتشير إلى أن القضايا البيئية التي تعالجها تختارها من ملاحظاتها، ومن شكاوى الناس، ومن متابعة وسائل الإعلام والأخبار البيئية ومن ثم طرحها بشكل أكثر تعمقا وتوسعا.

وتلفت إلى أن الإعلام البيئي يحقق ثمارا، وإن كانت بوتيرة بطيئة، فهناك من يتفاعل مع ما يطرحه هذا الإعلام، إضافة إلى حدوث تغيير في بعض الحالات، مثل ما حدث في تحقيقها الاستقصائي "موسم إعدام الشجر"، والذي تناولت فيه قطع الأشجار للتحطيب، وهو أمر لم تكن الجهات المسؤولة منتبهة له.

وبعيدًا عن البيئة، فلضيفتنا نشاطات أخرى، منها كتابة القصص القصيرة، وقد نشرت من قبل مجموعة قصصية بعنوان "الخامدون"، ولها تجارب قليلة في الأفلام الوثاقية، وتصف نفسها بأنها: "صحفية ومصورة، هاوية كتابة، وأحب كتابة القصص والمقالات".