فلسطين أون لاين

​بلا قناع.. أجهزة أمن السلطة "نفاق مفتوح"

...
أبو الخطاب محمد رضوان

كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الصهيونية في مقال لها يوم الثلاثاء الماضي، للصحفي الصهيون (إلي أورليفي)، عن معلومات أمنية خطيرة (سمح بنشرها) تحت عنوان عريض (هكذا حماس استخلصت (ابتزت) معلومات أمنية من ضباط أمن فلسطينيين) وعنوان مصغر (عملاء حماس المزروعين).

من خلال هذا العنوان اللامع في الصحيفة المذكورة، يريد إظهار مدى خطورة الوضع داخل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله، والتي تعتبرها الأجهزة الأمنية الصهيونية رديفة لها في الساحة الفلسطينية وأهمها الضفة الغربية.

الحديث هنا حسب الرواية الصهيونية عن (خطة محكمة أدارتها حركة حماس في غزة والخارج، والتي كشفتها السلطة قبل عدة أشهر وقاموا باعتقالات على إثرها). قد يظن المتابع للمقال المذكور أن الفكرة الأساسية له هو إلقاء الضوء على الخطة المزعومة؛ لكن وبعيدًا عن صدق الرواية من عدمها يتبين لنا أن هناك قراءة أخرى نجدها بين السطور.

فالركيزة المهمة للكيانية الحاكمة في مقاطعة رام الله كانت قائمة على صلابة الأجهزة الأمنية التابعة لها في مواجهة الخصم اللدود وهو كل من يحمل الفكر المقاوم وتحديدا المسلح منه. وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأن أي محاولة تقود إلى زعزعة استقرار هذه الأجهزة الأمنية يدق ناقوس الخطر في تل أبيب المحتلة كون اليد الرخوة لهذه الأجهزة سيقود المقاومة الفلسطينية لضرب الأهداف الصهيونية حسب المتاح وهذا ما لا تريده الدوائر الأمنية الصهيونية، لذاك كان الموضوع الأساسي لهذه المقالة هو حالة الابتزاز المالي التي تقوم به حركة حماس وهذا من منطلق حاجة أجهزة أمن رام الله بضباطها وعناصرها إلى السيولة المالية والتي أصبحت معيارا لولائها لكيانية مقاطعة رام الله. من هنا يتبين لنا أن الحديث عن الضائقة المالية لسلطة رام الله جعلت منها الثغرة التي يمكن لحماس حسب ادعاء المقال أن تستخدمها في تجنيد عناصر من أجهزة أمن رام الله لصالحها. وهذه الضائقة الأمر الذي يريد المقال تبيانه أتت بفعل قيام حكومة العدو الصهيوني بمصادرة أموال المقاصة أو جزء منها والذي أدى بشكل مباشر إلى تخفيض قيمة راتب عناصر الأمن إلى 50%. وهذا يعني أن أي قصور في السيولة المالية من الجهات الداعمة وتحديدا من قبل واشنطن وصولا إلى الخصومات المالية من ضريبة المقاصة سيقود إلى حالة الابتزاز المالي المذكورة في المقال سابق الذكر؛ لكن السؤال المشروع هو عن إمكانية أو عدم حصول حالة تجنيد عناصر أمنية لصالح حركة حماس من داخل أجهزة أمن رام الله عن طريق الابتزاز المالي؟

في البداية هذه الأجهزة الأمنية قد سيرت نفسها لخدمة الاحتلال الصهيوني تحت شعار التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب (وهو في حقيقته مقاومة المقاومة)، جعلت من نفسها مدار استهداف الدوائر الأمنية في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وكون هذه الحركة، رائدة المقاومة اليوم، أعطت لنفسها الحق في الدفاع عن الشعب الفلسطيني من خلال الدفاع عن مشروع المقاومة، وعليه لاقت هذه الأجهزة الأمنية فعلا مقابلا لفعلها، مثلا بمثل، مع اختلاف المضمون والمقصد.

لكن لا نقول إن هذا الفعل قد استنسخ نفسه هنا بالكمية والنوعية كما حصل في قطاع غزة قبل الحسم العسكري والذي كان من أهم عوامل نجاحه وجود ضباط وعناصر أمن مزروعين من قبل حماس داخل هذه الأجهزة الأمنية بذاتها ومسمياتها، بل الحديث عن أفراد معدودين يتم تجنيدهم بين الفينة وأخرى، ففي عام 2013 تم تجنيد ضابط أمن من منطقة نابلس برتبة عالية في جهاز المخابرات العامة التابع لماجد فرج، والذي كان يشغل موقع رئيس فريق ضباط التحقيق بالنيابة عن الجهاز المذكور في اللجنة الأمنية المشتركة، والمشكلة من أجهزة المخابرات العامة (الأمن الوقائي، وجهاز الاستخبارات العسكرية) بشكل أساسي، والذي تم اعتقاله ومحاكمته عسكريًّا (فصل لاحقًا) على خلفية التعاون مع جهات معادية (حماس) وتقديم معلومات تضر في المجهود الأمني العام.

وعلى خلفية المقال المذكور خرج المتحدث باسم الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله اللواء عدنان الضميري على إحدى الاذاعات الفلسطينية في رام الله موضحا أن الحدث المذكور قد تم تضخيمه، فالقضية ليست بهذا الحجم بل الأمر يتعلق بضابطي أمن تم تجنيدهما من قبل حماس قبل قرابة العام والنصف وتم اعتقالهما وهما الآن في السجن العسكري على خلفية ذلك وهذا ما يؤكد إمكانية حدوث ذلك بشكل ما حسب الشواهد السابقة وشواهد التاريخية كما حصل في قطاع غزة قبل الحسم.

لذلك تسعى أجهزة أمن العدو الصهيوني وعلى مدار الساعة، إبقاء الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله في أتم الاستعداد والجهوزية، من أهم مفاصل هذا الاستعداد، المحافظة على نقائها الأمني بألا تدخلها العناصر الوطنية من جميع الاتجاهات الفلسطينية، تطبيقًا للقواعد التي أسست عليها، وتنفيذًا لخطة دايتون المعروفة، والتي سعت لإيجاد الضابط والعنصر الأمني الجديد، وهو الذي يؤمن بأحقية دولة العدو الصهيوني في الوجود، ومحاربة كل من يعارض ذلك، وخصوصًا المقاومة الفلسطينية المسلحة.

وقبل الختام نذكر هنا ما عرّج عليه المقال أنه ومن خلال التنسيق الأمني المشترك، تم الاشتباه بالعشرات من عناصر الأجهزة الأمنية، التابعة لسلطة رام الله، بتعاونهم من حركة المقاومة الإسلامية حماس، وتنفيذ أجندة لا تصب في صالح الحالة الأمنية المتفق عليها بين أجهزة أمن رام الله مع أجهزة أمن العدو الصهيوني، وكما ذكر المقال السابق الذكر، بأن هذه الاجندة تتمحور حول نقاط التالية:

1.إرسال المعلومات الاستخباراتية عن الحملات التي تخطط لها السلطة ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

2.نشر وزرع معلومات كاذبة حتى يتم التشويش على عمل أمن رام الله.

3. استخدام الخداع لتعميق الخلاف بين قيادات الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله.

وبحسب السطور السابقة يبقى الحديث مفتوحا عن إمكانات اختراق حركة حماس لأجهزة أمن رام الله من جهة، ومن جهة أخرى إلى أي مدى يمكن أن يغير ضابط أو عنصر لأمن السلطة في رام الله ولاءه حسب قيمة المخصص المالي الذي قد يدفع له.

وعليه تبقى حالة الاستهداف والرد المضاد سيدة الموقف في هذه المرحلة الحالكة من تاريخ الشعب الفلسطيني حتى يعود الضال إلى هديه ويعود المنفلت إلى سربه.