يتنقل بسام أبو غضيب مثقل الخطى بين الدوائر اللازمة حاملًا بيديه رزمة من الأوراق عله يتمكن من الحصول على العلاج اللازم ليخفف من معاناة والدته المريضة، فقرار وقف التحويلات الطبية إلى مستشفيات الداخل المحتل جاء في وقت حساس بالنسبة لمرضها.
وأبو غضيب من مدينة نابلس واحد من مئات الفلسطينيين الذين تضرروا من القرار رغم وعود وزارة الصحة بإيجاد بدائل، فوالدته تعتمد منذ ثلاثة أعوام على مستشفيات الداخل المحتل للحصول على العلاج اللازم.
وتعاني والدة أبو غضيب من مرض سرطان الدم وتليف بالنخاع العظمي وتضخم في الطحال، ولكن ذلك لم يظهر في مستشفيات الضفة بل في أحد مستشفيات الداخل المحتل بعد خمس مرات من فحص "الخزعات"، حيث إن التحويل إلى ذلك المستشفى كان ضروريًا مع حالتها الصحية.
ويوضح أن والدته ولكبر سنها لم تحتمل جرعات العلاج الكيماوي، فأعطيت دواء مكونا من 56 حبة بتكلفة تبلغ 45 ألف شيكل للعلبة الواحدة وذلك في مستشفيات الداخل المحتل، ولكن منذ أن صدر القرار بمنع التحويلات الطبية إليها بقيت في مدينة نابلس وتدهورت حالتها الصحية دون توفير الدواء.
ويضيف: "قالت لنا الجهات المختصة بأن الدواء سيتوافر في المستشفى الوطني بالمدينة ولكن حتى الآن لم يحدث ذلك وحالة والدتي الصحية متدهورة، وخلال الأسبوع الماضي أدخلتها المشفى مرتين بسبب ما تعانيه من المرض وتكسر الصفائح الدموية لديها".
ويشير أبو غضيب إلى أن القرار مهما كانت أسبابه، كان يجب توفير البديل عنه فورًا وليس بعد أن يعاني المرضى أو يفقدوا حياتهم -لا سمح الله- فالكثير من العلاجات غير متوافرة في مستشفيات الضفة وتلزم تحويلة طبية من أجل إنقاذ حياة المرضى.
بديل ولكن!
وكانت وزيرة الصحة مي كيلة في الحكومة الانفصالية، قد ذكرت في تصريحات صحفية بعد استلامها حقيبة الصحة بالضفة الغربية المحتلة، أن البديل عن التحويلات الطبية لمستشفيات الاحتلال هو التحويل لمستشفيات عربية في مصر والأردن وتركيا، وهذا يبدو أمرًا جيدًا لمن يسمعه ولكن الكثير من العوائق تقف أمامه.
وتصف عائلات المرضى القرار بأنه "ممتاز نظريًا، لكن الكثير من المرضى وعائلاتهم يمنعهم الاحتلال من السفر، أي أنه قد يعرقل سفرهم ببساطة، فهو يسيطر على المعابر كافة، إضافة إلى إمكانية عدم قدرة المريض على السفر بسبب حالته فتبقى مستشفيات الداخل هي الأقرب".
لماذا لا يطور قطاع الصحة؟
ويقول القيادي في الحراك العمالي محمد عايش: إن قرار وقف التحويلات إلى مشافي الأراضي المحتلة عام 48 جلب الكثير من المعاناة للمرضى وأهاليهم، حيث إن الحديث عن تحويل المرضى إلى دول عربية غير منطقي بالنسبة للكثيرين.
ويرى أنه كان من الأجدر بدل تحويل المرضى العمل على تطوير القطاع الصحي الفلسطيني وجلب المستلزمات الطبية بدلًا من صرف الملايين على الأجهزة الأمنية على حد تعبيره.
ولفت عايش إلى أن معاناة المرضى لا يمكن تحملها في ظل تدهور القطاع الصحي وعدم العمل على تطويره كأولوية في حياة الفلسطينيين لأن الكثير من العوائق تقف في طريق سفرهم للعلاج.
وأضاف:" الأمر ليس منطقيا أن يتم وقف التحويلات الطبية وله أكثر من زاوية، المرضى الآن بحالة يأس وأنا التقيت أحدهم وأخبرني كيف هي حالتهم وهم يتوجهون للمستشفيات، كما أن أوضاعهم المعيشية لا تساعدهم على السفر".