قائمة الموقع

محمد سلام.. بأعواد الكبريت جسّد ويلات وحكايات

2017-02-11T09:03:29+02:00

باتت أعواد الثقاب أملًا للشاب محمد سلام، بعدما أضناه السماع لتجارب الخريجين الذين سبقوه في الوقوف في طابور البطالة لسنوات دون حدوث أي تحرك أو تغير، سوى فقدان الأمل في إيجاد فرصة عمل مناسبة مع الشهادة الجامعية، فأتاح لعقله الفرصة للتفكير خارج الصندوق، وذات يوم كان شقيقه الصغير يلهو مع ابن عمه بأعواد الكبريت، الأمر الذي استفزه خوفًا من أن يصابوا بمكروه، فأخذ العلبة وجلس في غرفته شارد الذهن، وبين يديه أعواد الكبريت يكسر الواحد تلو الآخر، فخطرت بباله فكرة، "لماذا لا أستخدم الأعواد في تعميق هوايتي في التصوير الفوتوغرافي لتجسيد الصورة، وأتميز بذلك عن باقي المصورين".

بصمة مميزة

الشاب محمد سلام (24 عامًا) جسد بأعواد الكبريت واقع القطاع الغزي المحاصر بمعاناته وويلاته القائمة منذ عشرة أعوام، ليحاكي بها قصصًا تغني عن الكلام، وجعل منها لوحات فنية تنطق بمأساة الشعب بمختلف فئاته.

أول فكرة خطرت بباله وقام بتنفيذها، كانت مجسمًا يعبر عن واقع الخريجين في قطاع غزة، حيث جسد قبعة الخريجين محمولة على سرير إسعاف، بعدما أغلقت كافة الأبواب في وجوههم، فلا وظائف ولا مشاريع، فلا شيء بأيديهم سوى الانتظار، فلاقى عمله إعجاب من حوله، فتشجع على المواصلة، وتزامن ذلك مع احتجاجات الخريجين على الوضع السائد، وإضراباتهم.

سلام خريج علاقات عامة وإعلان من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، مارس هواية التصوير أثناء دراسته الجامعية، ولكنه أراد أن تكون له بصمة مميزة، خاصة أنه أصبح بإمكان كل شخص يحمل كاميرا أو هاتفًا ذكيًا أن يصبح مصورًا، وقال: "أردتُ أن أعبر عن الواقع الذي نعيشه بأسلوبٍ جديد، بعيدًا عن الأسلوب التقليدي الذي ينتهجه الكثير في نشر الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

عكف على شراء كميات كبيرة من أعواد الكبريت ليصنع منها مجسماتٍ ذات قيمة فنية وجمالية وتجسد لوحات تشكيلية ذات رونق خاص تحاكي الواقع الفلسطيني وخاصة الغزي، واتخذ من غرفته مشغلًا لصناعة أعماله الإبداعية.

وعلى طاولة صغيرة متناثر عليها أعواد الثقاب، وعلى يمينه جهاز السيليكون اللاصق، وبعض الخيوط الملونة، يضيف سلام: "ما دفعني لهذا التوجه أصبحت من ضمن المنتظرين في طابور البطالة كالحال الكثير من الخريجين، فقررتُ استغلال وقتي في دمج التصوير بالكبريت لأخرج بمجسم يوصل الرسالة بشكل مباشر".

تجسيد للواقع

وقبل البدء في عملية صناعة المجسم يعمل "سلام" على رسم الصورة التي ينوي تجسيدها في مخيلته، ويقوم بتنفيذها بأعواد الكبريت مستعينًا باللاصق، ثم يقوم بتصوير المجسم بعد الانتهاء من صنعه لإضافة بعض التأثيرات عليه عبر البرامج، فيرى نفسه أنه هو من يصنع الصورة ليعبر عن ما بداخله من معاناة سكان القطاع، أو المناسبات الوطنية والدينية.

ومن موضوعات مجسماته المصالحة ومعاناة المرضى، والطلبة الممنوعون من السفر فخسروا منحًا دراسية، وضاع مستقبلهم بسبب السياسة المستفزة لمعابر القطاع كوسيلةٍ للحصار، ولم ينسَ معاناة أهل حلب والنازحين السوريين، فاختياره للأفكار وفقًا للأوضاع القائمة؛ حسب قوله.

وأوضح "سلام" أنه يرجو من هذه الأعمال إيصال رسالة للأوضاع التي نعيشها في غزة، فالصورة أقوى من الكلام وتصل لكل أنحاء العالم بمختلف لغاته، مشيرًا إلى أنه يسعى إلى تطوير طريقته في التشكيل لتصل الرسالة بشكل أعمق وأوضح، كما أنه سيعمل على إضافة إعلانات عليها ليوظفها كمشروع يمكنه من توفير دخل مادي في ظل عدم توفر فرص عمل.

ومن أكثر العقبات التي تواجهه في هذا العمل رغم بساطته مشكلة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وخاصة أن طبيعة العمل تتطلب الدقة.

وكان قد شارك في معارض محلية، ويطمح الشاب "سلام" إلى أن يصل لكل العالم بفكرته، ويخاطبهم من خلال مجسماته، ويوصل رسالة الفلسطينيين، "فنحن شعب مبدع ولدينا طموح وأحلام وأفكار"، ويأمل أن تتاح له الفرصة للمشاركة في معارض دولية.

اخبار ذات صلة