الإضراب المفتوح عن الطعام هو امتناع الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن تناول كل أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح.
وتعد هذه الخطوة الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها الأسرى لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة ،جسدية ونفسية، تصل في بعض الأحيان إلى فقدان عدد منهم أرواحهم بعدما سلب الاحتلال حريتهم وحقوقهم.
ويروي الأسيران المحرران أكرم الريخاوي (46 عاما) صاحب إضراب الـ104 أيام في 2011 وإضراب سبقه في 2004، وأحمد الشاعر (37 عاما) الذي خاض إضرابا عن الطعام في 2004، تجربتهما لصحيفة "فلسطين"، وما يتخللها من أعراض نفسية وجسدية.
مراحل الإضراب
عند الامتناع عن تناول الطعام, فإن جسم الانسان لا يحصل على (بروتينات ودهون وكربوهيدرات), لذلك يبدأ بهضم المخزون الاحتياطي من السكر (الجلوكوز) والأحماض الدهنية والأجسام الكيتونية، لذلك يشعر الأسير بالجوع.
في اليوم الأول، يشعر الأسير بجوع شديد، أما في اليوم الثاني يشعر بمغص وآلام في البطن مع شعور بالدوخة ونتيجة لذلك تصاب العضلات بالضعف.
وفي اليوم الثالث يخف الألم لأن الدوار هو الضيف الجديد على الجسم، أما في اليوم الرابع يبدأ الجسم بأكل نفسه، فيشعر الأسير بأنه لا يقدر على الحركة، وفي اليوم الخامس لا يعود الأسير يشعر سوى بالدوخة والرغبة في التقيؤ.
سادس أيام الإضراب تتحفّز حاسة الشم ويستطيع الأسير أن يشمّ رائحة الأكل عن بعد مئات الأمتار وفي السابع والثامن والتاسع يخلد للنوم كثيرا فترى قادة الأسرى يجبرونهم على النهوض للتريّض والإكثار من شرب الماء وأكل الملح حتى لا يتعفن الجسم.
وفي عاشرها يبدأ شعر الرأس بالتساقط وتظهر علامات ضعف الجسم بشكل غير مسبوق، وبين اليومين الـ10 والـ15 تبدأ من جديد المعاناة على جسد كل من عانى من إصابة أو مرض سابق ويتلقف الأسرى أي نبأ أو أي خبر من الخارج فتصبح كل حياتهم مرهونة بخبر صغير على المذياع عن مسيرة تضامنية معهم أو مسؤول يناصر قضيتهم وهي أخبار لا تقدّر بمال العالم، وفق إفادة المحررين.
وفي اليوم الـ16 تصبح عنابر السجن أشبه بغرفة إنعاش مكثّف، وفي اليوم الـ17 تكثر ساعات النوم لتصل إلى 17 ساعة يوميا، أما في اليوم الـ18 يعصى الجسم على صاحبه فلا تقبل الشهية أن تتناول الملح أو الماء رغم الخطر المحدق بهم، وفي اليوم الـ19 يدخل الأسير مرحلة الغيبوبة في كثير من الأحيان.
أما في اليوم الـ20 يدخل الأسير مرحلة اللاعودة ويواصل اضرابه، وهو مقدم على الشهادة في أي وقت.
ويصاحب الأسير في أيام إضرابه آلام ومغص ودوار وتقيؤ وإغماء، وينتج عن توقف عمل الجهاز الهضمي، التهاب وتقرحات الجدار المعوي، كما أن أمراضا جديدة قد تظهر بفعل الإضراب أو يصاب بها الأسير مثل: الفتاق والبواسير وتلف الكلى.
ويتعرض الأسير لفقر الدم وتساقط الشعر وضعف جهاز المناعة والتسمم، ويصبح عرضة لحزمة أمراض مزمنة كالسكر وضغط الدم وأمراض أخرى متعلقة باختلال الإفرازات الهرمونية من الغدد الصماء الأمر الذي قد ينتهي بالإصابة بأورام سرطانية.
المحرر الريخاوي، بعد أن استعرض تجربته المريرة في الإضراب عن الطعام، يوضح أن سمو الهدف من خوض الإضراب يهون على الأسير آلامه، قائلا: "إرادة الأسرى القوية هي أكبر دافع لهم في مواجهة غطرسة الاحتلال، من خلال أي خطوة يقدمون عليها".
ويشدد على أن حركة التضامن مع الأسرى والأخبار الواردة لهم عبر المحامين تعطيهم دفعات صمود جديدة للاستمرار في الإضراب رغم صعوبة حالتهم الصحية والنفسية.
بدوره يوضح المحرر الشاعر، أنه نظرا لصعوبة اتخاذ قرار الإضراب لدى الأسير فإنه يخضع لتهيئة وتوعية بخطورة الخطوة وأهميتها في ذات الوقت، سيما أن الإضراب هو السلاح الاستراتيجي المتاح أمام الأسرى للعيش بكرامة.
في السياق يبين الاختصاصي في شؤون الأسرى رياض الأشقر لصحيفة "فلسطين"، أن الإضرابات عن الطعام من حيث المشاركة نوعان، أولهما إضرابات جماعية تتضمن دخولا جماعيا للأسرى في كل السجون أو سجون معينة، أو سجن بعينه، وغالباً تهدف إلى تحقيق قضايا مطلبية تتمثل بتحسين الظروف المعيشية.
أما ثانيهما إضرابات فردية وهي دخول أسير واحد في إضراب مفتوح عن الطعام، كشكل نضالي لتحقيق هدف خاص به وهذا النوع انتشر في السجون في السنوات الاخيرة وتحديداً ضد الاعتقال الإداري، أو رفضا للعزل الانفرادي أو مطالبة بالعلاج، وفق الأشقر.