تتبع إدارة سجون الاحتلال أساليب عدة للتعامل مع خطوة الإضراب عن الطعام، التي يلجأ إليها الأسرى الفلسطينيون لانتزاع حقوقهم، وتحسين ظروفهم الحياتية.
ويوضح أسيران محرران لصحيفة "فلسطين" أبرز هذه الأساليب التي يستخدمها الاحتلال قبل الشروع في الإضراب وفي أثنائه.
الأسير المحرر خضر عدنان يقول: "إن الاحتلال يسعى إلى منع الأسرى من الدخول في الإضراب، لأن إعلان الأسرى دخول إضراب عن الطعام هو بمنزلة انتصار أولي على السجان، الذي حاول ثني الأسرى عن ذلك".
ويبين عدنان لصحيفة "فلسطين" أن أول هذه الأساليب هو الترغيب، إذ تمنح إدارة السجون بعض الأقسام غير المضربة عن الطعام امتيازات على حساب الأقسام المضربة، تلبيةً لمطالب الإضراب، في محاولة لثني مجموعات أخرى عن الدخول في الإضراب.
أما الترهيب فيتمثل في تصريحات قادة الاحتلال بالتهديد بالموت بالقول: "ادخلوا الإضراب ثم موتوا، ما إلنا علاقة"، بحسب إفادة عدنان.
ويروي المحرر ما جرى معه حين كان مضربًا عن الطعام في 2018م، إذ قالت له إدارة السجون: "نحن في عهد دونالد ترامب لا باراك أوباما"، في محاولة لتخويفه، غير التهديد بالعقوبات المالية.
لكن الفلسطينيين لا يفرقون بين رئيس أمريكي وآخر، ويؤكدون أن جميع الإدارات الأمريكية تنحاز إلى كيان الاحتلال.
وبعدما يشرع الأسرى في إضرابهم، تحاول إدارة السجن الضغط عليهم، لكي يبقوا في الزنزانة ذاتها مع الأسرى غير المضربين، لتصوير أنهم متفرقون.
ويضيف: "الإضراب عن الطعام عمل فدائي، لا يمكن إجبار الأسرى عليه قسرًا، وذلك لم يحدث في تاريخ القضية الفلسطينية".
ويوضح أن من الترهيب أيضًا محاولة أطباء السجون تخويف الأسرى المضربين من مصيرهم بعد الإضراب، وتوزيع نشرات كُتب عليها آثار الإضراب على صحة الأسير.
وينبه إلى أن أطباء السجون يحاولون إقناع الأسرى المضربين عن الطعام بتناول المدعمات، وتصوير أنها لا تكسر الإضراب، مضيفًا: "صحيح أنها وفق المفاهيم الدولية لا تكسر الإضراب، ولكن في حال أخذ المدعمات تصبح إدارة السجون في معرفة تامة عن وضع الأسير الصحي".
ويضاف إلى ذلك محاولة إجراء الفحص الطبي للأسرى المضربين، لأنه يساعدهم على تقدير الموقف خلال مفاوضاتهم مع الأسرى، والمماطلة، دون إعطاء الأسرى مطالبهم، وكذلك الأمر بعد انتهاء الإضراب، لأنه يساعدهم على معرفة وضع الأسرى في أي إضرابات قادمة، وفق حديثه.
ضرب وحدة القرار
الأسير المحرر في صفقة وفاء الأحرار عام 2011م علي المغربي يقول من جهته: "إن الاحتلال يسعى إلى منع حدوث الإضراب بمحاولته شق الصفوف وضرب وحدة القرار، وذلك بسعيه إلى مفاوضة أسرى من تنظيمات دون أخرى".
ويبين المغربي لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يبث أيضًا الشائعات الكاذبة بين صفوف الأسرى، لتشتيت وحدة الموقف في الدخول في الإضراب.
ويوضح أنه بمجرد معرفة إدارة السجون نية دخول الأسرى في إضراب عن الطعام تستخدم أسلوب عزل قيادة الحركة الأسيرة؛ لإفراغ العقول المدبرة والمفكرة للخطوات التصعيدية ضدها.
أيضًا يستخدم الاحتلال أسلوب التسويف وما يسمى "التنفيس" مع الإضراب، فحين يكون للأسرى 20 مطلبًا تبلغهم إدارة السجون بقبولها المطالب الخمسة الأولى، أما المطالب الـ10 التالية فستناقش بعد ثلاثة أشهر، والمطالب المتبقية تؤجل إلى آخر العام، وفقًا لقول المغربي.
وأسلوب ما يسمى "التنفيس" يتمثل في منح الأبسط من مطالب الأسرى على حساب المطالب الكبيرة؛ لـ"تنفيس" الأزمة داخل السجن.
ويضيف المغربي: "إن الاحتلال يستخدم أسلوب التهديد والوعيد مع الأسرى قبيل الشروع في الإضراب، إذ تبدأ إدارة السجن تهديد الأسرى أنهم في حال شرعوا في الإضراب ستسحب "الامتيازات" الموجودة لديهم كافة من التلفاز والمذياع، وتمنع الزيارة، فضلًا عن تصريح وزير الأمن الداخلي للاحتلال جلعاد أردان بعدم الاكتراث لإضراب الأسرى".
ويكثر الاحتلال من التفتيشات داخل غرف الأسرى، والنقل التعسفي من سجن إلى آخر؛ بهدف إرهاق الأسرى وإحباط معنوياتهم.
أما في أثناء الإضراب فتقتحم قوات الاحتلال جميع غرف الأسرى، وتصادر مقتنياتهم والطعام والملابس، بهدف عزل الأسرى عن العالم الخارجي تمامًا، كي لا يطلعوا على حالات الدعم والتضامن الخارجي معهم.
وتعمل على دمج أسرى من تنظيمات مختلفة، بمعنى أنها تأتي بأسيرين من كل تنظيم وتضعهم في غرفة واحدة، في محاولة لإيجاد حالة من التنافر بين الأسرى، وضرب وحدة الصف الداخلي.
ويلفت إلى أن الاحتلال يستخدم سياسة خبيثة، وهي "الابتزاز بالطعام"، إذ يأتي بسجناء جنائيين إسرائيليين ويقيم لهم حفلات شواء داخل الأقسام المضربة، محاولًا ابتزاز وإسقاط بعض الأسرى.
"وأخيرًا يستخدم الاحتلال أسلوب التغذية القسرية، التي ينفذها أطباء إدارة السجن، واستشهد بسببها أكثر من ثلاثة أسرى في "إضراب 1980م"، وهو ما يكمل به المغربي حديثه.