فلسطين أون لاين

هل الفصائل الفلسطينية جاهزة لبلورة برنامج وطني موحد؟

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تحدق بالقضية الفلسطينية مخاطر جمة لا يمكن حصر تداعياتها على المشهد السياسي الفلسطيني، تأتي في مقدمتها صفقة القرن التي تلتف حول عنق القضية الفلسطينية وتهدف لتصفيتها، ما يحتم على الكل الفلسطيني تجاوز الخلافات والتجاذبات القائمة وركنها جانبًا للتصدي للصفقة ومجابهة الاحتلال.

حركة "حماس" أكدت في بيان لها الخميس الماضي سعيها لتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة الحقيقية، باعتبارها أصوب وأقصر الطرق للتصدي للاحتلال، لافتةً إلى أنها على أتم الاستعداد للعمل على نهضة حقيقية في الوحدة الوطنية والشراكة يكون عنوانها مقاومة الاحتلال الغاصب، وحماية الضفة الغربية من أطماع الضم، ومواجهة صفقة القرن، والاستيطان، وتفعيل المقاومة الشعبية في أنحاء الضفة لكبح جماح المخططات الاستيطانية، فما إمكانية تحقيق ذلك؟

عائقان أمام الوحدة

أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح د. رائد نعيرات يتساءل حول إن كانت الفصائل الفلسطينية جاهزة نتيجة لظروف موضوعية للذهاب لتحقيق وحدة وطنية.

ويرى نعيرات في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أن هناك عائقين أمام تحقيق الوحدة الفلسطينية بين الفصائل، الأول يتعلق بالموقف الدولي والإقليمي من خلال سياسة المحاور وتشجيع طرف على حساب آخر، والثاني الأمل لدى السلطة الفلسطينية بإمكانية تجدد مشروع عملية التسوية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مشيرًا إلى أنه إذا ما جرى الإعلان عن "صفقة القرن" فإنها ستقضي كذلك على حلم الدولة.

ويعتقد أن المطلوب هو الاتفاق على أولويات وطنية داخلية، لكون الجميع متفقًا على مشروع وطني "مرحلي" بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967م، مضيفاً: "لكن هناك العديد من الإشكالات في الأولويات الداخلية، عنوان تجاوزها يتلخص في قضية واحدة بتعزيز صمود المواطن الفلسطيني وتحقيق الشراكة السياسية، من خلال برنامج وطني موحد فصائليًّا تطبيقه واضح للجميع".

وتابع: "اليوم من غير المقبول للفصائل الفلسطينية أن تتذرع بوجود معوقات هنا وهناك، فالمطلوب وضع برنامج للتغلب على الإشكالات القائمة"، مستغربًا من سعي السلطة لإقامة دولة فلسطينية ومواجهة الموقف الأمريكي والإسرائيلي دون الاستماع لفصائل المقاومة وعلى رأسها حماس، وهو ما لا يقبله المواطن والنخبة السياسية.

واستدرك نعيرات: "لا يعقل أن نتحدث عن مجابهة صفقة القرن بسلطة فلسطينية دون حركة حماس والعكس، ولا بموقف عربي دون موقف فلسطيني، فالجميع بات يحتاج إلى توحيد الموقف الوطني للتغلب على بعض المواقف العربية المنسجمة مع الاحتلال في قضية التطبيع رغم وجود مواقفة عربية داعمة للقضية من دول كالأردن وقطر لكنها ليست محورية".

وحول كيفية تطبيق وصياغة خطة وطنية، يرى نعيرات أنه ليس المهم من يطرح المبادرة رغم أهمية الحصول على التفاف إقليمي حولها، لأن المهم الموقف الوطني إذا كانت الفصائل تريد تحقيق المصالحة لو بحدها الأدنى.

فرصة قائمة

القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدران جابر يقول: إن "البرنامج الوطني كان مطلوبًا صياغته بعد لقاء الفصائل في بيروت يناير/ كانون الثاني 2017م التي جرى الاتفاق خلالها على تشكيل لجنة تحضيرية لانتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد".

ويعتقد جابر في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أن الفرصة ما زالت قائمة لتحقيق الوحدة، رغم حالة إحباط يعيشها الشارع الفلسطيني نتيجة الخلافات الفصائلية في لقاء الفصائل بموسكو في فبراير/ شباط الماضي.

ودعا كل الفصائل للالتقاء مجددًا على أرضية مواجهة الاحتلال، تقود الجميع لموقف الانتصار على صفقة القرن، وتحقيق وحدة وطنية تقوم على برنامج كفاحي، وتقديم التنازلات الممكنة لأجل هذا البرنامج دون التفريط باستراتيجيات مواجهة الاحتلال، مشدداً على ضرورة التوحد على تصويب نهج أوسلو، مع استمرار الاشتباك مع الاحتلال.

وحول إن كانت فتح جاهزة للانخراط بهذا البرنامج، قال: "حتى لو رفضت فتح يجب السعي لإحراجها سياسيًّا واستخدام ورقة الضغط الشعبي عليها لإجبارها للعودة للصوابية وإصلاح المسار السياسي، فلا يعقل أن يبقى إدارة الشأن الفلسطيني بيد فصيل أو جهة معينة".

خطة يمكن تحقيقها

ولا يستبعد الكاتب والمحلل السياسي خالد عمايرة تحقيق هذه الخطة رغم حجم التباينات في المواقف الفلسطينية، قائلًا: "إذا كانت الخطة تتعلق بأمور يتفق عليها جميع الفصائل كرفض صفقة القرن، يمكن تحقيقها، لأنه لا يستطيع أي فصيل فلسطيني التأخر والمناورة في هذا المجال، لأنها مسألة مبدئية تتعلق بالموت أو الحياة بالنسبة للقضية الفلسطينية".

وقال عمايرة لصحيفة "فلسطين": "إذا كانت فتح حريصة على القضية الفلسطينية، فيجب عليها التصدي لصفقة القرن والانخراط في المشروع الوطني الذي تطالب فيه حركة حماس"، مشددًا على ضرورة تحديد الأولويات بكل حكمة، بالاتفاق على القضايا الجامعة كالمقاومة والاستيطان.