بدأت وحدة "المتسادا" رحلتها القمعية بحق الأسرى في سجون الاحتلال عام 2003، بعد ازدياد حالات احتجاج الأسرى ضد سياسات إدارة سجون الاحتلال، وقد شكلت كوحدة خاصة للاستجابة السريعة في أوقات الطوارئ.
وتتكون هذه الوحدة من جنود وضباط في صفوف النخبة من وحدات مختارة من جيش الاحتلال، وتعتبر من الوحدات عالية التدريب، فيما تخضع هذه الوحدات لتدريبات دائمة للسيطرة على الأسرى والالتحام المباشر معهم في أي وقت.
تتبع هذه الوحدة لشرطة وقوات إدارة سجون الاحتلال مباشرة، مثلها في ذلك مثل باقي الوحدات الخاصة كـ"النحشون"، و"لدرور"، و"اليماز"، غير أنها الوحدة الأعنف من بين هذه الوحدات بما تملكه من حالة تسلح وتدريب على القمع.
أسرى محررون وفي ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الحركة الأسيرة في بعض السجون مؤخرًا، من هذه الوحدة، يروون لصحيفة "فلسطين"، من واقع التجربة الخاصة بهم، طرق تعامل هذه الوحدة مع الأسرى، وما تنفذه من عدوانية منذ اللحظة الأولى لاقتحامها، حتى انتهاء مهمتها نهائيًا.
تتوشح وحدة "المتسادا" كما يقول الأسير المحرر يونس الحروب من مدينة الخليل المحتلة، والذي قضى 7 سنوات ونصف داخل سجون الاحتلال، بلباس أسود، يتجمعون بصمت عند مداخل الأقسام الخارجية ويقسمون أنفسهم إلى مجموعات حتى إعطاء الإشارة ببدء عملية الاقتحام لغرف الأسرى المستهدفة.
يشير الحروب إلى أنه وخلال ثوان معدودة تصبح هذه الوحدة داخل غرف الأسرى، وسط صراخ شديد، وترهيب وإشهار لأسلحتها في وجوه الأسرى، فيما أنه وخلال 12 ثانية فقط من اقتحامها يكون جميع الأسرى مقيدة أيديهم للخلف بمن فيهم النائم والموجود في الحمام بقيود بلاستيكية أو عبر "كلبشات" حديد.
ويلفت إلى أن هذه الوحدة القمعية وفي أول خطوة تعمل على تحقيقها تقييد الأسير بأسرع وقت ممكن وقبل أن يتحرك من مكانه، خشية من وجود ردة فعل أو التفكير بذلك، ومفاجأة الأسرى بحيث لا يمتلكون الوقت لإخفاء أي "محظورات" تمنعها إدارة سجون الاحتلال.
وأي ردة فعل من قبل الأسرى يشير الحروب إلى أنها تواجه فورًا بردة فعل عنيفة جدًا يتخللها الضرب بالعصي والركل وإطلاق رصاص الفلفل الذي يحدث حروقا في كامل الجسم بعد إصابة جسم الأسير.
ويذكر الحروب أن هذه الوحدة وأثناء وجودها داخل غرف الأسرى تمارس كل أنواع "القذارات" اللفظية والجسدية، من شتم وضرب، ودون أي سبب، بحق الأسرى، ومن ثم تقوم بتوزيع الأسرى إلى غرف العزل أو في الساحات الخارجية المفتوحة بعد تفتيشهم داخل الحمامات كل على حدة عراة.
وتتركز عمليات اقتحام السجون ومهاجع الأسرى غالبًا إما في ساعات الصباح الباكر بعد العد الصباحي، أو بعد منتصف الليل، بحيث يكون الاقتحام بشكل مفاجئ ما يمنع الأسرى والمعتقلين من تحضير أنفسهم واتخاذ إجراءات احترازية.
وحدة "المتسادا" تبدأ اقتحامها كما يقول الأسير المحرر عامر أبو سرحان، في لحظة نوم الأسرى أو استراحتهم، يتسلل أفرادها المدربون والمسلحون نحو فتح أبواب غرف الأسرى بهدوء كامل، ومن ثم ينقضون على الأسير وتكبيله بسرعة فائقة.
يقول أبو سرحان إن عناصر وحدة "المتسادا" يبدؤون فورًا بعد اقتحامهم في حال سارت الأمور دون ردة فعل من قبل الأسرى بتفتيش الغرف بشكل دقيق جدًا وبصورة لا يمكن أن يتخيلها أحد تصل إلى هدم بعض الجدران.
تستمر وحدات "المتسادا" في تفتيشها للغرف 9 ساعات في بعض الأحيان، والأسرى محجوزون في مكان واحد منهم من يكون حُجز في الحمام، أو غرف العزل، أو الساحة الخارجية، ودون اكتراث لحالة الطقس أو حاجة الأسير لقضاء حاجته.
ويعود الأسرى إلى غرفهم والحديث للمحرر أبو عامر فيجدون جميع ما في غرفهم من مأكولات ومشروبات وملابس وأغطية، جلها وضعت كومًا واحدًا في قلب ثوب فرشات الغرفة، وقد سكبت الأطعمة على الملابس والمقتنيات ووصلت لحالة لا يمكن تخيلها.
ويلفت الأسير المحرر أحمد الفليت إلى أن وحدة "المتسادا" تتعمد وأثناء اقتحامها تحطيم الأدوات الكهربائية والمقتنيات الخاصة، كونها يصعب تعويضها، إلى جانب دلق زيت الطعام على الملابس، والأغطية لتكون عملية الاقتحام لها ما بعدها من تأثير على نفسية الأسير.
ويشير الفليت إلى أن عودة الأسير من هذه العملية لغرفته لا تعني مطلقا الاستراحة مما جرى من ساعات طويلة من عملية ضرب وتفتيش واهانة وتقييد، حيث يعود للعمل أيضًا لساعات طويلة لكن بروح جماعية وفريق واحد في ترتيب الغرف، وإصلاح ما يمكن إصلاحه أو استخدامه مرة أخرى.
ويؤكد أن عمليات الاقتحام التي تقوم بها وحدة "المتسادا"، تترك إلى جانب الأثر الجسدي والنفسي خسائر مادية، وعقوبات جماعية على الأسرى في أي من الأقسام التي يتم تفتيشها ووجد بداخلها أي من المحظورات التي تمنعها إدارة السجون سيما الهواتف النقالة.
وهذه الحالة القمعية وفقا للمحرر الفليت تعيشها معظم السجون، بحيث ترى فيها إدارة السجون خدمة مهمة ترسي عبرها سياسة العقاب الجماعي، ووضع الأسرى في حالة خنق وتضييق دائمة إلى جانب وضع الأسرى في ظل ظروف إنسانية قاسية ولا إنسانية يفقدون فيها طعم الراحة.