لم يمضِ سوى أسبوع واحد على إصابته للمرة الثالثة، حتى عاد زكريا اسليم (30 عامًا) للمشاركة مجددًا في فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية في جمعتها الـ55 التي حملت عنوان "جمعة الأسير الفلسطيني".
وتوكأ اسليم على عكازين في طريقه إلى مخيم العودة شرق غزة على بعد بضع مئات الأمتار عن السياج الاحتلالي الفاصل الذي تتمترس خلفه القوات المدججة بالسلاح.
وقال اسليم لصحيفة "فلسطين": على كل العالم أن ينظر لرسالة الشعب الفلسطيني ولمعاناة الأسرى الذين ذاقوا الويلات والعذابات في سجون الاحتلال.
وجاءت هذه الفعاليات بعد يومين من إحياء الشعب الفلسطيني يوم الأسير الذي يوافق 17 إبريل/ نيسان سنويًّا. ويقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي قرابة 6 آلاف أسير فلسطيني، وفق معطيات هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وتمكنت الحركة الأسيرة أخيرًا من إجبار إدارة سجون الاحتلال على التوقيع على اتفاق يلبي بعض مطالب الأسرى الذين انخرطوا في "معركة الكرامة 2".
وتمثلت مطالب الأسرى بإزالة أجهزة التشويش المسرطنة، وتركيب هواتف عمومية في السجون، وإلغاء حظر الزيارة المفروض على مئات الأسرى، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، ورفع العقوبات الجماعية التي فرضتها إدارة السجون منذ 2014، وتوفير الشروط الإنسانية لهم خلال تنقلاتهم بين السجون، وتحسين ظروف احتجاز الأسرى الأطفال، ووقف سياسة الإهمال الطبي وتقديم العلاج اللازم للمرضى، وإنهاء سياسة العزل.
وبيّن اسليم أنه أصيب مرتين برصاص الاحتلال في القدم وثالثة باليد خلال مشاركاته في مسيرة العودة السلمية.
واعتادت قوات الاحتلال على استهداف المشاركين في المسيرة السلمية بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أسفر منذ انطلاق المسيرة في 30 مارس/آذار 2018 عن استشهاد وإصابة الآلاف بينهم صحفيون ومسعفون.
وعلى بعد بضع عشرات الأمتار من السياج الفاصل تمركز اللاجئ من مدينة أسدود، يوسف حمد (61 عامًا)، متوشحًا بالكوفية الفلسطينية، غير آبه بإمكانية تعرضه للرصاص وقنابل الغاز التي تطلقها قوات الاحتلال ضد المشاركين العزل في المسيرة السلمية.
وقال حمد لـ"فلسطين": إن الاحتلال يعذب الأسرى تعذيبا لا يطاق، ويحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، ويأسر حتى الأطفال الذين لم يبلغوا بعد الثامنة أو التاسعة من أعمارهم وهم ذاهبون إلى مدارسهم.
ووصف المسن ذلك بأنه ظلم ليس بعده ظلم، لكنه أبدى تفاؤله بأن الأسرى سينعمون بالحرية وأن اللاجئين سيعودون إلى أرضهم المحتلة التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948.
وأشار إلى أن الفلسطينيين موحدون في نضالهم ضد الاحتلال، وفي نصرة قضية الأسرى.
استراتيجية وطنية
من جهته دعا الأسير المحرر علام الكعبي، جماهير الشعب الفلسطيني إلى مزيد من الدعم والإسناد للأسرى في سجون الاحتلال.
كما دعا الكعبي في كلمة خلال فعاليات المسيرة شرق غزة، إلى انخراط قطاعات الشعب الفلسطيني كافة في برنامج إسناد الحركة الأسيرة، وفق استراتيجية وطنية موحدة يُشتق منها برنامج فعاليات وأنشطة ميدانية شاملة في غزة والضفة الغربية والقدس المحتلتين أمام السجون الاحتلالية وفي الأراضي المحتلة سنة 1948.
وقال: إن معركة الكرامة والصمود التي تخوضها الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال هي محطة في نضالات الشعب الفلسطيني المستمرة، مؤكدًا أن إرادة الأسرى ستنتصر بدعم وإسناد أبناء شعبهم لهم، وستتحقق مطالبهم على طريق تحقيق الأهداف الوطنية العادلة في العودة والحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني.
وأشاد إلى دور وسائل الإعلام في الاهتمام بقضية الأسرى ولاسيما معركة الكرامة، مشددًا على ضرورة تنظيم أوسع حملة إعلامية وقانونية وسياسية على المستوى الدولي لتجنيد أغلبية في الأمم المتحدة تدين جرائم الاحتلال وتجاوزاته لاتفاقيات جنيف وخصوصًا الاتفاقية الرابعة، وتلزمه بوقف استهتاره بالقانون الدولي، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري التي باتت سيفًا مسلطًا على رقاب الفلسطينيين.