قائمة الموقع

​أثر مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في الإصلاح الأسري

2019-04-18T12:57:47+03:00

لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي عصب الحياة، واجتاحت أيامنا وأعمالنا بأدق تفاصيلها، فبتنا لا نستطيع العيش بمعزل عنها، فهي طالت جميع مناحي حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العاطفية، وككل شيء له نتائج إيجابية وسلبية في الوقت نفسه، فما هو دور مواقع التواصل الاجتماعي في الإصلاح الأسري؟

قالت إيمان سلمان: "من أهم إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي، ساحة كبيرة للحوار والنقاش وتبادل الآراء حول كل ما يهمنا في حياتنا اليومية، كما أنه وسط اجتماعي، ووسيلة لنشر الدعوة إلى الله، وتساهم مثل هذه المواقع في مد جسور التواصل بين أفراد العائلة المتناثرة في مختلف بقاع الكرة الأرضية".

وأشارت إلى أنها سبب للتسلية والترويح عن النفس مع مراعاة الضوابط الشرعية وعدم تضييع الوقت، وتعمل على زيادة الثقة، فمواقع التواصل تتيح للناس معرفة خبايا أنفسهم، وما هو الجانب الأفضل فيهم من خلال انتقادات وثناء الآخرين، الأمر الذي يحسن تقدير الذات.

وبينت أن من إيجابياتها متابعة شخصيات مؤثرة، فكثير من المشاهير والدعاة والمصلحين والرياديين في المجتمعات أصبح لديهم صفحات خاصة بهم في مواقع التواصل، وبالتالي الاستفادة من نصائحهم، بالإضافة إلى متابعة جديد الأخبار وملخصات الأحداث، وتسويق الذات والمنتجات.

أما سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي، فأوضحت سلمان أن استخدامها يقلل الاتصال واللقاء وجهًا لوجه بين البشر، فبدأ الناس ينسون كيفية التواصل بشكل شخصي، بل وفقدوا فن التواصل وصاروا يقضون الكثير من الوقت أمام شاشة الحاسوب .

ولفتت إلى أن تضييع الوقت يؤثر سلبًا على أداء الواجبات الزوجية من قبل الطرفين، ونشر الخصوصيات الزوجية على مواقع التواصل، أو قد يقوم أحدهما بنشر منشور على الفيسبوك ليعبر بها عن حالة ما لا يعرفها الطرف الآخر، الأمر الذي قد لا يروق للطرف الآخر ويؤدي إلى خلافات وخصومات بين الزوجين.

كما أنه قد يحول الحوار الهادئ المباشر بين الزوجين إلى مشحون غير واضح نتيجة عدم تركيز

الطرفين والإهمال بسبب الانشغال في محادثات وسائل التواصل الاجتماعي، فتقل عملية التواصل المباشر وتتأثر العلاقة بينهم ويولد ذلك العديد من المشكلات الاجتماعية، وفق قولها.

وأضافت: "وسيطرة الحياة الافتراضية على الحياة الواقعية، واستحواذ هذه المواقع على جزء كبير من وقت الأزواج يشكلان عقبة أمامهم لكي يعيشوا حياة طبيعية، ويسببان جفاء عاطفيا وحالة من توتر العلاقات، وعدم الوفاء والخيانة".

ونبهت سلمان إلى أن الحياة الزوجية أصبحت في خطر شديد بسبب تلك الوسائل التكنولوجية، فمن الغريب أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في معظم البلدان العربية.

ورأت أن لا أحد ينكر فضل هذه المواقع في مد جسور التواصل إلا أن الإدمان عليها أصبح يضر بعلاقة الزوجية، والتي يمكن أن تؤدي إلى تآكل الحياة الزوجية وتهدد السلم الأسري والسكينة والرحمة، ليحل مكانها التشتت والانفصال.

والسؤال المطروح هو كيف نتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي؟ أجابت سلمان بأنه لا بد أن يستشعر كل منهما بروح المسؤولية في طريقة الاستخدام، ويعتمد ذلك على الثقة المتبادلة بينهما، فإذا كانت العلاقة بينهما قوية وصحيحة وحقيقية ستكون مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا ترفيهيًا لهما وتساعد في الترويح عن النفس، أما إذا كانت علاقتهما مجرد زوج وزوجة وتقليدية زائفة فالوضع سيكون مختلفًا هنا، وتسمى حالة هروب من الواقع.

وتطرقت إلى الحكم الشرعي لاستخدام تلك المواقع، فقال الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، "إن الفيسبوك شأنه شأن أي شيء في الحياة حلاله حلال وحرامه حرام، فمن يستخدمه في اكتساب المعلومات والاستفادة منه في كل سبل الحياة فلا إثم عليه في شيء، ومثل مواقع الدردشة مجرد محادثة، وهذه المحادثة ربما تكون مشروعة وربما تكون غير مشروعة، فالحديث في حد ذاته ليس محرمًا أو مرفوضا، لكن المرفوض هو سياق الحديث إذا خرج عن مراعاته للآداب الشرعية".

وقد شهدت المحاكم الشرعية بغزة تسجيل حالات طلاق بسبب فيسبوك وغيره من المواقع الاجتماعية، مشيرة إلى أنه لا بد من وجود ضوابط وآداب شرعية لاستخدام المواقع، كالتحلي بالفضيلة ونشر القيم الدينية وتنمية هذه القيم في أفراد المجتمع الإسلامي ليكون متماسكًا وقويًا.

وأكملت: "والالتزام بالتعاليم الشرعية ومنهج الوسطية والاعتدال والقيم الاجتماعية والأخلاقية والثقافية، ومراعاة الأمانة وتحري الصدق والتثبت في نشر الأخبار ونقلها، وعدم نشر الشائعات وترويجها، وحرمة التشهير والمجاهرة بالمعصية".

وختمت سلمان حديثها: "وحرمة نشر الأسرار، ويشمل خصوصيات الإنسان وعيوبه التي يكره أن يطلع عليها الناس، وغض البصر عن ما لا يحل النظر إليه، ومراعاة أدب الحوار مع الآخر وخاصة بين الجنسين وآداب النصح وفق الضوابط الشرعية، واستثمار الوقت في الأمور النافعة وعدم الإفراط في تلك المواقع".

اخبار ذات صلة