يعد يوم الأسير الفلسطيني الذي يوافق السابع عشر من نيسان/أبريل، يومًا وطنيًا للوفاء للأسرى وتضحياتهم، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقوقهم بالحرية، ولتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب عائلاتهم وهم يخوضون معركة "الأمعاء الخاوية"، والذين سطروا خلالها أروع ملاحم الصمود والتحدي في مواجهة السجان عبر "سلاح الجوع" الذين لا يملكون سلاحًا غيره في الزنازين والخيم والمعتقلات والسجون، وكسروا كل محاولات الإذلال والقهر من خلال سلسلة إجراءات القمع والتعذيب التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم، التي فشلت في النيل من هاماتهم وعزائمهم ووطنيتهم، لقوة إيمانهم برِّبهم واعتزازهم بالانتماء لمسيرة الجهاد والنضال من أجل قضيتهم التي دفعوا من أجلها الغالي والنفيس من أعمارهم ودمائهم، وإيمانهم ويقينهم أيضًا بالنصر والتمكين، ليُعيدوا لنا ولأمتهم المجد والكرامة والعزة، وليمسحوا عار النكبة والنكسة عن الجبين.
فقد استطاع أسرانا الأبطال داخل معتقلات الاحتلال تحقيق انتصار كبير بفعل إرادتهم القوية وصمودهم وثباتهم وإصرارهم على تحدي جبروت الاحتلال الظالم، وهو أيضًا تأكيد على أهمية نهج المقاومة الشعبية داخل السجون وخارجها في إحقاق الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني.
أجل انتصر الأسرى في صفقة "وفاء الأحرار" وانتصروا في معركة "الكرامة" ولا يزالون يحققون الانتصارات، لطالما أنهم أصحاب الحق ويؤمنون بعدالة قضيتهم وأن الاحتلال المجرم هو الباطل، ولطالما أنهم يشعرون بالتضامن الشعبي والجماهيري من حولهم لنصرة قضيتهم على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، وفضح ممارسات وقوانين الاحتلال وسجانيه وممارساتهم اللا إنسانية بحقهم أمام المؤسسات والمحافل الدولية الحقوقية وفي كل الميادين الرسمية وغير الرسمية طوال أيام إضرابهم عن الطعام، داعمين ومدافعين عن قضية أصحاب "الأمعاء الخاوية" التي وقف أمامها الاحتلال صاغراً ذليلاً، لأن الحقوق لا تنتزع ولا تسترد إلا بالقوة وليس بالاستجداء.
فانتصار الأسرى يعتبر صفعة قوية للاحتلال بأن إرادتهم قوية، رغم التعذيب والحرمان والقسوة والانتهاكات وامتهان للكرامة الإنسانية المتنافية مع كل الاتفاقيات والأعراف والمواثيق الدولية، التي تجرم تلك الممارسات اللا إنسانية التي تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية وعلى رأسها جهاز الأمن العام "الشين بيت" و"الشاباك" بحق أسرانا في السجون والمعتقلات باستخدام العديد من أشكال ووسائل التعذيب، هي انتهاك لحقوق الإنسان، وتمثل سلطات الاحتلال حالة فريدة من حيث ممارسة التعذيب بين دول العالم، بحيث لا يوجد دولة أخرى في العالم تشرِّع التعذيب سوى (إسرائيل)، التي شرعت لنفسها التعذيب حين صدق الكنيست الإسرائيلي على توصيات تقرير لجنة "لنداو" سنة 1987، ثم إصدار محكمة العدل العليا واللجنة الوزارية التابعة لشؤون المخابرات مجموعة قرارات سنة 1996 تعطي فيها الضوء الأخضر لرجال "الشين بيت" و"الشاباك" باستخدام التعذيب، ثم قانون شاليط ٢٠١٠، بالإضافة لقرارات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان الأخيرة التي زادت من حدة سوء أوضاع الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال، أهمها تركيب أجهزة تشويش مسرطنة.
لقد حان الوقت كي يسمع صناع القرار في مختلف عواصم العالم عموما وفي عواصمنا العربية والإسلامية والغربية صرخة الأسرى، وأن تتعامل هذه العواصم بشكل مختلف تمامًا مع الانتهاكات الإسرائيلية الفظة للقانون الدولي ولمواثيق الشرعية الدولية، كما وأننا في هذا اليوم نقف جميعًا كشعب فلسطيني وقفة رجل واحد مع أسرانا المنتصرين في معركة الكرامة الثانية, الأمعاء الخاوية حتى يجبر الاحتلال صاغرا عاجلا أو أجلا على فك أسرهم جميعا والإقرار بحقوقهم.