أكد الخبير في شؤون القدس فخري أبو ذياب، أن غياب الدعم العربي والإسلامي عن مدينة القدس قد زاد من صعوبة الأوضاع داخل المدينة المقدسة وخاصة على صعيدي الاقتصاد والإسكان، مشيرًا إلى أن القمة العربية الأخيرة في تونس لم تكن سوى محطة جديدة من محطات الخيبة والعجز العربي والإسلامي تجاه ما يحدث في القدس.
وأوضح في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن أمنيات المقدسيين بالنسبة للعرب والمسلمين قد تقزمت من توقع النصرة والتأييد في السنوات السابقة، إلى تمني ألا يكون العرب والمسلمون جزءًا من المواقف والسلوكيات التآمرية على القدس وسكانها.
وقال أبو ذياب: إن "علاقة العرب والمسلمين مع القدس هي علاقة دينية، وليست موقفا سياسيا ولا واجبا يريدون التهرب منه، وإنما يقع على عاتقهم نصرتها وحمايتها وهو شرف كبير لمن يريد أن يحوزه".
وأضاف: "أقول لزعماء الأمة العربية إن صمتكم وعدم قيامكم بواجبكم سيجرِّئ المؤسسة الإسرائيلية على تنفيذ مخططاتها، على الرغم من أننا لم نفقد إيماننا بالشعوب التي وإن همدت وخمدت إلا أنها لن تصمت وستدافع عن القدس والأقصى".
وذكر أبو ذياب أن قيادة السلطة الفلسطينية لا يبدو أنها تكترث للمخاطر المحدقة بالقدس والأقصى، مؤكدا أن تشكيل الحكومات في رام الله وحلها لم يعد يعني المقدسيين في ظل حالة الغياب الفلسطيني الرسمي التام عن معاناة القدس وسكانها.
وبيّن أن فوز حزب الليكود في الانتخابات الاسرائيلية واحتمال توحده مع الأحزاب اليمينية يشير إلى أن سلطات الاحتلال ستُصَعِد من عدوانها على القدس والمقدسيين، منبها إلى أن الاحتلال ينظر إلى المواطنين المقدسيين باعتبارهم مقيمين على سبيل السياحة داخل القدس، وليسوا أصحاب الأرض التي ولدوا فيها هم وآباؤهم وأبناؤهم.
وأكد أبو ذياب أن ما يفعله الاحتلال في القدس لا يمكن السكوت عنه أو التسليم به، مؤكدا أن الوهم الذي يحلق بخيال الاحتلال بأن المقدسيين يمكن أن تردعهم أي اجراءات عقابية هو وهم خادع وسراب.
سوء الأوضاع
ولفت النظر إلى أن الوضع في القدس يزداد سوءا يوما بعد يوم، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال تستغل انشغال الدول العربية بتصحيح أوضاعها الداخلية واستمرار حالة الانقسام الفلسطيني كي تمعن في ممارساتها باتجاه القدس وأهلها.
وبشأن ما تقدمه المؤسسات المقدسية، أشار أبو ذياب إلى أنها جزء من الحالة المقدسية، وكل مؤسسة تقوم بواجبها وفق إمكاناتها وقدراتها، على الرغم من أن الاحتلال يستهدف كل المؤسسات المقدسية كجزء من برنامجه الهادف إلى تهويد المدينة المقدسة.
ونبه إلى أن الاحتلال أصبح يركز في إجراءاته على قهر المقدسيين نفسيا واجتماعيا، بموازاة حملات التهويد الجغرافي والمكاني التي تشهدها المدينة المقدسة، لافتًا إلى أن أذهان المؤسسة الإسرائيلية تتفتق يوما بعد يوم عن أساليب واجراءات جديدة تمكنها من طرد المقدسيين خارج المدينة وإحلال مستوطنين يهود مكانهم.
ولفت أبو ذياب إلى أن الاحتلال يمنع المقدسيين مع اعادة بناء بيوتهم أو التعمير فيه، ويهدد المخالفين بدفع الغرامات المالية وهدم البيوت، معتبرا أن سلطات الاحتلال لا تكترث سوى لإرضاء المستوطنين والمتطرفين في الشارع الإسرائيلي، على حساب المرابطين والمسجد الأقصى.
وبيَّن أن المعركة بين المقدسيين والاحتلال غير متكافئة، إذ إن المقدسيين لا يمتلكون أوراق قوة مادية تعينهم على الاستمرار في هذه المعركة غير المتكافئة وحدهم، داعياً إلى تعزيز صمود المواطنين المقدسيين وإسناد دورهم ورباطهم في الأرض المقدسة.
وأشار أبو ذياب إلى أن عددًا من المؤسسات التي تحمل على عاتقها مسؤولية دعم صمود أهالي القدس، تهتم فقط بما يتم عرضه على الإعلام دون مساعدة حقيقية على الصعيد الاقتصادي، مشيراً إلى أن دعمها المالي تكون نسبته ضئيلة جدا على أرض الواقع.
ونوه المتخصص في الشؤون المقدسية إلى أن سلطات الاحتلال تتبع أيضا منهج الحصار الاقتصادي ضد المقدسيين، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي داخل مدينة القدس صعب جدا نتيجة سياسة "العقاب الجماعي" التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق المواطنين هناك، بدءًا من إرهاق كاهلهم بالديون، وليس انتهاءً بمنعهم من الذهاب للعمل وكسب الرزق بسبب الحواجز.
وذكر أن المواطن المقدسي ربما يدفع ما يعادل 90% من دخله الشهري كضرائب ورسوم للاحتلال تحت ذرائع مختلفة، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال زادت من هذه الضرائب منذ اندلاع انتفاضة القدس.