قائمة الموقع

مصنع "الصفا" للألبان.. من رافد اقتصادي استراتيجي إلى مدين بالملايين

2019-04-11T11:45:54+03:00
المصنع لم يحصل على أي تسهيلات بنكية ولا أي منحة مالية
الحنبلي: حققنا نجاحات كبيرة سابقًا وكنا نشغل 82 موظفًا وننتج 22 طنًا يوميًا
اللحام: المصنع حاليا مدين بـ 8 ملايين شيكل وينتج 8 ملايين طن فقط
خبير اقتصادي: تراكم الأخطاء الإدارية والتسويقية تسبب بهدر الموارد وتراكم الديون

علقت إدارة مصنع الصفا للألبان التابع للجنة زكاة نابلس المركزية شمال الضفة الغربية المحتلة الدوام في المصنع منذ الجمعة الماضية وحتى إشعار آخر، وبات يواجه معضلة إدارية ومالية كبيرة، بعدما كان في السابق مشروعا استراتيجيا يهدف لاستصلاح الأراضي الزراعية وأن يحل بديلا عن المنتجات الإسرائيلية، فما الذي أدى بالمصنع إلى ذلك القرار؟.

يقول مدير المصنع السابق (قبل استيلاء السلطة عليه) د.عبد الرحيم الحنبلي: "أنشئ مصنع الصفا عام 2000 كأحد مشاريع لجنة زكاة نابلس، من أجل استيعاب كميات الحليب التي تنتجها مزارع الأبقار في نابلس وما حولها من القرى، وزيادة عدد الأبقار، واستصلاح الأراضي الزراعية كمشروع استراتيجي، يشغل مصانع العبوات البلاستيكية، والطباعة، والنقل".

وبين الحنبلي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن المصنع حقق نجاحات باهرة في تلك الفترة، وأعطى قروضًا حسنة دون فوائد للمزارعين من أجل تربية أكبر عدد من الأبقار، على أن تسدد من خلال إنتاج الحليب، وخلال ستة أشهر ينتهون من سداد القرض.

وأشار إلى أن المصنع كان يشغل 82 موظفًا فضلًا عن أعداد كبيرة من المزارعين والموزعين والوكلاء.

وأوضح الحنبلي أن اللجنة كان لديها أطباء بيطريون ومهندسون زراعيون يشرفون على فحص الحليب المورد، وتوجيه المزارعين بطرق تربية الأبقار وإيجاد مصادر محلية للأعلاف، مبينًا أن الحليب كان يخضع لفحوصات دقيقة لمعرفة الحموضة والتلوث ونسبة البروتين، ونسبة المياه، ويرد لصاحبه إن كان مغشوشًا ويتلف إن كان فاسدًا، ولا تقبل إدارته أي حليب إلا إذا كان ضمن المواصفات العالمية.

وبحسب الحنبلي، فإن المصنع كان ينتج حينها (10-22) طنا يوميًا من الحليب ومشتقاته، منبها إلى أن مصانع الصفا حققت أرباحًا كبيرة تجبر مشغليه على التطوير أولا بأول، تمثلت بمد خطوط إنتاج أخرى مثل اللبنة، و"اللبن أب"، ولبن الشوكولاتة والفراولة والموز وغيرها من الأصناف.

ولفت إلى أن تلك المنتجات وصلت إلى كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك قطاع غزة، ومثلت منافسا قويا لشركة "تنوفا" الإسرائيلية وغيرها من الشركات.

ونبه الحنبلي إلى أن المصنع كان يوزع الحليب على المدارس مجانًا، ويقدم مساعدات للفقراء والأيتام وطرودا غذائية بمناسبات مختلفة وينفذ مشاريع مع مؤسسات أخرى.

وبعد أحداث الانقسام الداخلي عام 2007 أقصت السلطة إدارته المتمثلة بلجنة الزكاة وعديد المؤسسات الخيرية في الضفة الغربية المحتلة، وأحلت مكانهم وزارة الأوقاف.

إحلال وأطماع منافسين

مصدر يقول إن الإحلال الإداري الذي أوجدته السلطة كان بدوافع سياسية، وتوهمها بأن لجنة الزكاة محسوبة على حركة حماس.

وذكر المصدر لصحيفة "فلسطين" طالبًا عدم كشف هويته، أن المصنع بدأ رائدًا وواعدًا وامتلك خطوط إنتاج بملايين الدولارات، لم توجد بأي شركة فلسطينية أخرى لا من حيث الإنتاج ولا الإمكانيات.

وقال: حينما حلت السلطة الإدارة بدعوى أنها من حماس، وضعت المصنع تحت هيمنة وسيطرة أجهزة أمنها، ورغم وجود قرار من المحكمة العليا بعدم قانونية حل الهيئات الإدارية السابقة، ولكنه لم ينفذ، فشهد كغيره من المؤسسات تراجعا في العطاء".

وأضاف: "من هنا بدأت خيوط اللعبة والمؤامرة على المصنع من أصحاب الوكالات والمستوردين من شركة تنوفا المنتفعين من إغلاقه".

ديون وتراجع

ويوضح عضو لجنة إدارة مصنع الصفا وزكاة نابلس عماد اللحام، أن المصنع يعاني من ضعف سوق الألبان بشكل عام، وتراجع في الإقبال عليها، بسبب تعدد منتجات الحليب ومشتقاته.

وبين اللحام لصحيفة "فلسطين" أن تعدد الإدارات وضع المصنع بعدة مشاكل أدت إلى تراجع الانتاج، وبالتالي تقليص عدد العمال إلى (30) موظفا، في حين وصلت الديون المتراكمة عليه إلى (8) ملايين شيكل، مشيرًا إلى أن المصنع ينتج يوميًا نحو (8) أطنان فقط.

وأوضح أن المصنع لم يحصل على أي تسهيلات بنكية ولا أي منحة مالية من السعودية وهولندا وجهات أخرى، رغم أن المصانع الفلسطينية حصلت على هذه المنح من تلك الدول، وذلك منذ عدة سنوات رغم حاجته إلى تطوير الشاحنات وخطوط الانتاج.

مشكلة إدارة لا سوق

الخبير الاقتصادي د. نائل موسى يقول: "إن هدف إنشاء المصنع تمثل في ترسيخ المواطن بأرضه وإنتاج منتج بديل عن الإسرائيلي في السوق المحلي، لكن وبعد تسليمه لوزارة الأوقاف إثر أحداث الانقسام، فتلك المعضلات تقع على عاتقها".

وبين أن المشكلة التي واجهها مصنع الصفا داخلية تتمثل في الإدارة وليس مشكلة خارجية تتعلق بالسوق والمزودين.

وقال موسى لصحيفة "فلسطين": يعاني المصنع من مشاكل في إدارة الموارد والتسويق، فبعض المنتجات لا تتوافق مع ذوق المستهلك، فضلا عن تراكم الأخطاء الإدارية، ما أدى إلى هدر الموارد وتراكم الديون، وجعله يقف أمام معضلة مالية إدارية صعبة، رغم بدايته القوية لحظة تأسيسه بطريقة جيدة أسهمت في تعزيز الاقتصاد عبر مزارع الإنتاج الحيواني.

اخبار ذات صلة