فلسطين أون لاين

قمم ومؤتمرات مكررة

شهدنا عقد قمم ومؤتمرات عديدة في الأيام القليلة الماضية، كان آخرها في الأردن، وقبلها بأيام قليلة عقدت القمة العربية الثلاثون في تونس، والذي شعرنا به من هذه وتلك أنهما لن تختلفا كثيرا عن سابقاتهما وهي تنعقد في حالة من الفوضى العربية غير العادية والتطبيع السحري، حيث وجدنا أنواعا مختلفة، من التطبيع العربي الرسمي أو الفردي مع (إسرائيل).

أعجبني مقال للكاتب المقدسي راسم عبيدات عن القمة يقول فيه: "عن أي سلام يتحدث العرب العاجزون في ظل حرب شاملة تشنها (اسرائيل) وأمريكا على الأمة العربية، وصلت حد قبلتهم الأولى، المسجد الأقصى، وهم يجترون نفس الشعارات على مدار 30 قمة عادية وتسع قمم طارئة، وعن أي قضية مركزية للعرب تتحدث القمة ؟ وبعضهم من يشارك أمريكا العدوان على شعبنا ويشجعها على تجاوز المرجعيات الدولية، فمبادرتهم العربية التي أُقرت في قمة بيروت 2002 ، نصت على استعادة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 مقابل التطبيع مع دولة الاحتلال، ولكننا نجد أن التطبيع بلغ ذروته وشرعيته وعلنيته، وأصبح من لا يطبع متهما بوطنيته وعروبته".

هذا الأمر يجعلني حقيقة أتساءل: لماذا القمم العربية كلها نفس النمط ولم تُحدث أي تغيير يذكر بالنسبة للقضايا العربية الجوهرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فهل الدول العربية عاجزة عن التحرر من التبعية الغربية والأمريكية تحديدا؟! الغريب أن الدول العربية لديها من عوامل القوة والتأثير ليس فقط على السياستين الأميركية والاحتلالية، بل وأيضا على السياسة العالمية، فالعديد من الدول العربية لديها سلاح النفط الذي يمكن للدول الغربية خاصة الأوروبية الاستغناء عنه، وكذلك العديد من الثروات الطبيعية، إلى جانب موقعها الاستراتيجي الذي يربط قارات عدة، واذا ما استخدمت هذه الأسلحة فإن الادارة الأميركية ودولة الاحتلال لا يمكنهما التمادي والتصرف بالحقوق العربية وكأن الامة العربية غير موجودة، فلو أنها استخدمت أوراقها السياسية والاقتصادية كورقة ضغط حقيقية على الإدارة الأمريكية لكان موقفها أحسن من ذلك أو على الأقل لم تنحزْ (لإسرائيل)، وأجبرتها على الضغط عليها لإنهاء الاحتلال الحصار ووقف الاستيطان وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني.

نحن العرب ننتمي للمثل القائل، لو ناديت لأسمعت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي، فالإدانات والثرثرة الكلامية لا قيمة لها ولا تغير المواقف، ولا تجد لها مكانا في العلاقات الدولية، لذا يتغير انحياز الإدارة الامريكية للاحتلال، وكل الرؤساء الأميركيين اتبعوا نفس السياسة ولو بأشكال مختلفة، وذلك لأنهم يتأثرون باللوبي الصهيوني، رغم قلة عددهم لكنهم يمسكون مفاصل الدولة ودوائر القرار، ونحن أعدادنا كعرب تفوق الـ ٤٠٠مليون عربي، ولنا مواقع استراتيجية بالغة الأهمية والخطورة، ونملك ثروات بترولية هائلة، ولنا علاقات اقتصادية مهمة جدا مع الدول الصناعية بما نستورده من أسلحة وملابس وسيارات وغير ذلك الكثير. ومع هذا فإن نفوذنا أو تأثيرنا لا يذكران ولا يحسب أحد لهما حسابا.

اللافت أن أحدا لم يتطرق لذكر المأساة الانسانية ومعاناة أهالي غزة والحصار المفروض على أكثر من مليوني انسان يعيشون فيه ضنك الحياة وقسوة الفقر والجوع...الخ، فالذي يهم شعبنا، ليس فقط الإدانات والشجب والاستنكار وتأكيد أولوية القضية الفلسطينية وأنها جوهر الصراع العربي - الإسرائيلي، وأن أميركا منحازة بالكامل للاحتلال، فجميع هذه الأمور سمعها ويسمعها منذ أمد بعيد، فهي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأصبح الاحتلال يضرب بها عرض الحائط، ولكن ما يهمنا هو اتخاذ القادة العرب خطوات عملية تضع حدًا للعنجهية الأميركية والإسرائيلية. خاصة ان ادارة الرئيس الاميركي ومعها دولة الاحتلال تمادتا في انتهاكاتهما ليس فقط لحقوق شعبنا، بل لحقوق الامة العربية، الأمر الذي يستوجب ويستدعي اتخاذ خطوات عملية تضع حدا لهذا الصلف الاميركي والاسرائيلي.

--