فلسطين أون لاين

​بهذه السياسات.. السلطة تسهّل "ضم" المستوطنات وتطبيق "صفقة القرن"

...
صورة أرشيفية
رام الله- غزة/ نبيل سنونو:


قاسم: السلطة أضعفت الشعب الفلسطيني وهدمت المنظومة الأخلاقية الوطنية

المصري: السلطة تنسّق أمنيًّا مع الاحتلال من طرف واحد ولا تقوم بأي دور وطني


يحذر مراقبون من سياسات تتبعها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من شأنها أن تسهل "ضم" الاحتلال الإسرائيلي المستوطنات لدولته المزعومة، وتطبيق ما تعرف إعلاميًّا بـ"صفقة القرن" التي تعدها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.

يأتي ذلك في ظل تأكيد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لقناة "12 نيوز" الإسرائيلية، أول من أمس، أنه سيضم مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إذا فاز بولاية جديدة في وعد انتخابي أطلقه قبل الانتخابات المقرر إجراؤها غدًا.

وكان نتنياهو وضع ثلاثة شروط بخصوص الصفقة التي يعتزم ترامب طرحها، وهي إبقاء المستوطنات كافة، وسيطرة الاحتلال الكاملة على الضفة الغربية وعدم "تقسيم" القدس التي اعترف بها الرئيس الأمريكي "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2017.

وأشار نتنياهو في مقابلة معه نشرتها صحيفة "إسرائيل اليوم" الجمعة الماضية، إلى أن رئيس السلطة محمود عباس جلب بيديه ما وصفه "قطع العلاقة" بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال إجراءاته العقابية.

وإعلاميًا، يبدي عباس معارضة لـ"صفقة القرن"، بيد أنه يعد في مقدمة من روج لها في لقاء جمعه بترامب في سبتمبر/ أيلول 2017، عندما شكر الأخير "على إتاحة الفرصة" للقائه، قائلًا: "إن دل هذا على شيء إنما يدل على جدية الرئيس (ترامب) أنه سيأتي بصفقة العصر للشرق الأوسط خلال العام أو الأيام القادمة".

ويعد عباس مهندس اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993، الذي اعترف بـ(إسرائيل) على 78% من أرض فلسطين التاريخية، وترك المساحة المتبقية للتفاوض الفاشل منذ ربع قرن.

وأظهرت أحدث معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تزامنًا مع الذكرى الـ43 ليوم الأرض، أن عدد المستوطنين في الضفة بلغ 653.621 نسمة نهاية 2017، ويتواجد 47% منهم في محافظة القدس المحتلة.

ويقابل كل 100 فلسطيني في الضفة 22.6 مستوطن، أما في محافظة القدس يقابل كل 100 فلسطيني 70 مستوطنًا، وفق الجهاز نفسه.

وخلال 2018 صدق الاحتلال على مصادرة 508 دونمات، وفي 2018 على بناء 9,348 وحدة استيطانية جديدة.

ويعزل جدار الفصل العنصري 12% من مساحة الضفة الغربية، كما بينت الإحصاءات.

لكن عباس يواصل سياسة التنسيق الأمني الذي يصفه بـ"المقدس" مع (إسرائيل) ويتمسك باتفاق أوسلو. ولطالما ردد الرجل الثمانيني: "أنا ضد المقاومة.. أنا علنا بحكي، أنا ضد المقاومة علنا"، "نحن نشتغل عند الاحتلال"، "أنا عايش تحت البساطير الإسرائيلية"، "نحن سلطة بلا سلطة وهذا الاحتلال بلا كلفة".

كما أن عباس عقد العام الماضي مجالس منظمة التحرير منفردًا دون توافق وطني، في رام الله المحتلة، ويفرض إجراءات عقابية على قطاع غزة منذ مارس/ آذار 2017 تشمل الخصم من رواتب موظفي السلطة في القطاع دون الضفة الغربية، بنسب تصل إلى 70%، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر، وقطع رواتب أسرى وجرحى وذوي شهداء، عدا عن أنها تمس مجالات حيوية كالصحة والكهرباء.

وأحدث خطوات عباس –الذي انتهت ولايته كرئيس للسلطة منذ 2009 لكنه باقٍ في منصبه- تشكيل حكومة فتحاوية في رام الله دون توافق وطني، برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية.

وعما تفعله السلطة لمواجهة الاستيطان و"صفقة القرن" وخطر "ضم الضفة"، يقول أستاذ العلوم السياسية د. عبد الستار قاسم: "لا شيء. فقط بعض التصريحات في وسائل الإعلام ليس إلا".

ويضيف قاسم لصحيفة "فلسطين": "بالعكس، الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحمي المستوطنين".

وفي أحدث معطيات التنسيق الأمني، كتب القائد الأسبق لقوات الاحتلال في غزة والضفة إفرايم سنيه، أخيرًا، أن أجهزة أمن السلطة "مكّنت" جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية "الشاباك" العام الماضي فقط من إحباط 480 عملية فدائية حاولت المقاومة تنفيذها، إلى جانب تفكيك 219 خلية تابعة لها واعتقال عناصرها، إضافة إلى إحباط 560 محاولة لتنفيذ عمليات فردية.

ويوضح قاسم أن "عراقيل" كثيرة تمثل أمام الفلسطينيين في الضفة الغربية من السلطة فيما يتعلق بتسجيل الأراضي وإفرازها والاستفادة منها، مفسرًا: من ذلك إجراءاتهم الإدارية الكثيرة جدا والرسوم العالية التي يتقاضونها على مثل هذه النشاطات والكثير من الناس لا يستطيعون توفير الأموال اللازمة لتسجيل الأراضي ثم البناء عليها.

ويتابع: من الناحية العملية لا توجد نشاطات تقوم بها السلطة لمواجهة الاستيطان، وما هو موجود فقط الاحتجاجات ومناشدة الأمم المتحدة والصراخ في الإذاعات والتلفزيونات.

ويحذر قاسم من أن ما هو موجود من إجراءات في الضفة على المستويات كافة "يسهل" لـ(إسرائيل) تنفيذ "تطلعاتها" المستقبلية، متهمًا السلطة بأنها "فسخت وأضعفت الشعب الفلسطيني، وهدمت المنظومة الأخلاقية الوطنية لمصلحة الثقافة الاستهلاكية"، وفق تعبيره.

مهاجمة المقاومة

ويرى أن السلطة سببت الكثير من الهموم للناس "على حساب الهم الوطني"، مردفًا: البيئة الموجودة في الضفة تسهل على (إسرائيل) الاستيلاء عليها وبسط ما تسميها "سيادتها" عليها مستقبلًا.

وينبه قاسم إلى أن السلطة تنشغل في ممارسة الدعاية ضد المقاومة في قطاع غزة، مبينًا أنها تحاول إسقاط فشل مشروعها وما آلت إليه سياساتها على المقاومة.

ويؤكد المحلل السياسي أن مشروع السلطة السياسي "فاشل منذ أن وجد"، قائلًا: إن أصحاب هذا المشروع (منظمة التحرير) لا يملكون القدرة على تحقيق تسوية لأنهم لا يملكون القدرة في الحرب.

ويشير إلى أن القائمين على "أوسلو" وضعوا لقمة خبز الشعب الفلسطيني بيد الاحتلال، مردفًا: عندما تسلم رقبتك لعدوك ما الذي تبغيه بعد ذلك؟ لا شيء، لن يحصل لك إلا أنه سيقتلك.

من جهته يقول القيادي الفتحاوي عبد الحميد المصري: إن السلطة تنسق أمنيًّا من طرف واحد، مفسرًا: (إسرائيل) تأخذ حاجتها منه، في حين الفلسطينيون لا يستفيدون من هذا التنسيق.

ويوضح المصري لـ"فلسطين" أنه يتعين على السلطة مواجهة هذا الاستيطان قدر الإمكان، وأن "تجمع الناس وتؤدي حقوقهم حتى يتجمعوا حولها".

وأكد أن السلطة "هزيلة ولا تقوم بأي دور وطني" في ظل "الفرقة الفلسطينية وعدم تكاتف الفلسطينيين"، مشيرًا إلى وجود "تقصير" فلسطيني في مواجهة الاستيطان.