فلسطين أون لاين

​لماذا نميل للحزن؟!

...
بقلم / زهير ملاخة

دائمًا ينتابني شعور الخوف، القلق من المستقبل، الحسرة على ما فات، الرغبة بالبكاء، الجلوس بعيدًا عن أحد.

أجد وكأن طوقًا على صدري، أو همًا يملأ قلبي، أمنيتي أن أصرخ، أبكي، أتنفس من أعماق قلبي ألمًا.

إذا ما ذكرنا الحب أو السعادة أو الماضي لا نستذكر إلا مواقف الفراق أو الخداع أو الألم.

نجد أنفسنا أحيانًا نرغب بالحديث عن قهرنا أو ضعفنا أو الظلم الذي وقع علينا أو تصرفات البعض السيئة تجاهنا، نريد نظرات التعاطف مع الغير حتى أننا بوقتها نشعر ببراءة ما بداخلنا وحقيقة حياتنا.

حتى السعادة والفرح سرعان ما نتذكر الحزن بين ثناياها ونقول حينها "ربنا يستر"، ماذا بعد هذا الفرح أو الضحك أو اللهو.

لماذا نميل إلى الحزن؟

ما سبق هو حديث كثير من الذوات التي نلمسها في حياتهم وتفاعلاتهم ولغة أجسادهم وردود أفعالهم وحتى شكل استجاباتهم, كثير من الشخصيات تحمل صفات ما, من خلالها يجدون نفسهم أكثر حضورًا وتوافقًا مع أنفسهم أو استخدامهم لأساليب ما يجدون فيها تعويضًا عن غياب وضعف قدراتهم.

مع مشاعر الحزن الدائم عواطفهم تكون مشبعة وتحقق الراحة, أجسادهم تعودت بوظائفها للبحث عن التعاطف الاجتماعي من خلال مشاعر الحزن بأشكاله المختلفة.

يجدون من خلاله ملاذًا من ضعف الإمكانيات أو غياب بعض الصفات, فبعض الشخصيات نجد أن تربية الآباء وسلوكهم وحرصهم وخوفهم الزائد وطبيعة معاملتهم ولدت في نفس أطفالهم خوفا وقلقا وهوسا دائما, والآخر غابت عنه قيم جميلة ليتعود على تقمص مشاعر المظلومين أو المستضعفين, والبعض كان الكسل أو عدم المثابرة أو الاستسلام لظروف سيئة وعدم وجود القدرة على تجاوزها سببا في ارتداء ثوب الحزن والعيش على الأطلال والبحث عن تعاطف الآخرين.

والآخر لا يجد سوى الاسترخاء أو الخلوة والبكاء وسيطرة الكآبة عليه بدلا وحلا للتغلب على ضعفه أو مشاعر الغيرة والكراهية أو النقص ويكون ذلك ستارًا لهم.

ولذلك لا بد أن نفهم الحياة جيدًا حتى لا تنقضي الأعمار ونبدأ بالحسرة والندم أننا لم نستذكر يومًا اكتملت فيه الفرحة أو سكنت السعادة قلوبنا ونجد أن الأوان قد فات ولم نكن نسيمًا طيبًا وأثرًا حسنًا في قلوب أبنائنا وكل من عرفنا، ولذلك لا بد من فهم حقيقي وإيمان كامل لمجموعة من الأمور من خلالها نتعالى على المشاعر السلبية ونصطبر عليها ونحولها بفضل إيماننا وقوتنا وقدرتنا على إدارة إيجابية لذواتنا ومشاعرنا قائمة على الرضا والتوافق ونعمل جاهدين على استحضار كل ما هو سعيد أو يحقق لنا السعادة حتى نتميز ونعيش بسلامة نفسية وقبول اجتماعي طيب وقدرة على الارتقاء والتطور الإيجابي، ومن هذه الأمور:

- الإيمان الكامل بقدر الله والصبر عليه لاحتساب الأجر لأن أمر الله نافذ لا محالة.

- تسكين القيم الجميلة بالقلب كالقناعة والرضا وحب الخير.

- أن نحقق الفهم الصحيح بأن الكمال لله وأن الخطأ وارد لا محالة وبالتالي نرى جمال الغير قبل أن نقف على عثراته, بالإضافة على فهم المربين وأولياء الأمور خاصة كيف يغرسون هذا الحس والتفكير القائم على نزع السعادة من الحياة وعدم الاستسلام أمام منغصاتها بالإرادة والقيم وحسن بناء الشخصية.

- نجعل لنا من أصدقاء الخير ملاذًا لنطرد أي ألم قد يعصر قلوبنا ونرى الحياة بإشراقتها معهم.

- الصلابة النفسية والتحمل وعدم الاستكانة أو الضعف وتحدي الذات لصنع الإنجاز وتعديل وتغيير العادات السلبية التي توارثناها او تأثرنا بها.

- الكرامة والعزة والإباء، كل ذلك يدفعنا لنكون أكثر تحملًا وحرصًا على أن نكون متوافقين ومؤمنين وقادرين على التغلب على الظروف والتعايش معها وعدم البحث عن أساليب قد تنقص من قدرنا أو تؤثر سلبًا على ذواتنا.

- جمال الروح أن نحرص على حضوره مع الجماعة وبالعمل وبالأسرة وبكل مكان يجعلنا أكثر إيجابية وقدرة على التغلب على مشاعر الحزن والألم.

- التحكم العقلي بأنه كلما وجدنا تسلل التفكير السلبي انتفضنا ونفضنا ذلك من عقولنا وهذه هي الهندسة والبرمجة العقلية العصبية الإيجابية.

وليكن شعارنا وصوتنا وأفعالنا دائمًا تصدع بالسعادة فلا عائق أمامنا لتحقيق السعادة.