أكد خبيران مقدسيان أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يحاول إعادة إغلاق باب الرحمة تماما رغبةً منه في السيطرة على الجهة الشرقية للمسجد الأقصى، وعدّا احتمالية نجاحه في ذلك إحكاما للسيطرة على "الأقصى" والبدء في وضع موطِئ قدم للمستوطنين فيه.
وبينا لصحيفة "فلسطين" أن صمود المقدسيين هو الذي يحول بين الاحتلال ومخططاته، الأمر الذي يتطلب مساندة عربية وإسلامية عاجلة للحفاظ على قبلة المسلمين الأولى.
وأكد الخبير في شؤون مدينة القدس، جمال عمرو أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يبحث عن مسوغ لإعادة إغلاق باب الرحمة مجدداً، كما كان خلال الستة عشر عاماً الماضية.
وبين أنه ينطلق في ذلك من رغبته في أنْ يتجول اليهود بحرية في "الأقصى" من باب المغاربة وحتى باب الرحمة، لافتًا إلى أنهم يؤدون الآن صلواتهم التلمودية في الساحة الأمامية "للرحمة" (البالغة 12 دونماً)، برفقة جيش كامل من شرطة الاحتلال.
وأشار عمرو إلى أن الرسومات التي يصدرها الاحتلال حول مستقبل "الأقصى" يعد فيها باب الرحمة "باب هيكل سليمان المزعوم" في حين قبلتهم في صلواتهم التلمودية هي "قبة الصخرة"، قائلاً:" الآن يُغلق باب الرحمة صباحاً وعصراً في أثناء اقتحامات اليهود "الأقصى" التي تمتد لساعات، ما يعني أنه يظل مغلقاً أكثر من فترات فتحه".
وأضاف عمرو:" لولا صمود المقدسيين لقضي الأمر بالنسبة لـ"باب الرحمة" وأعيد إغلاقه تماما، فالاحتلال يعتقل مَنْ يفتحه ويبعده عن "الأقصى" لمدة تتجاوز الأسبوع".
وأشار إلى أن الاعتقالات الاستباقية للمصلين والمرابطين والحراس ازدادت هذه الأيام لوجود "أعياد يهودية" حيث تُحضر "26 منظمة صهيونية" لبرنامج واسع النطاق يشمل اقتحام آلاف المستوطنين "الأقصى" من جميع أبوابه.
وبين عمرو أن ما يحدث في "الأقصى" من استهداف لـ"باب الرحمة" وباقي مرافقه يتم من خلال دولة (إسرائيل) التي انخرطت بكل مكوناتها (حكومة ومنظمات وطلابا) من أجل بناء "الهيكل المزعوم" في حين ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية متواضعة جداً ولا ترقى لمستوى الحدث.
وأضاف: "لولا خشيتهم من الحرج خاصة مع الحكومة الأردنية (التي تدير شؤون الأقصى) لأقدموا على إعادة إغلاق "الرحمة"، لذلك يلجؤون لوضع عراقيل أمام فتحه حيث يعتقلون مَنْ يقوم بذلك، وغير ذلك من الممارسات".
صراع إرادة
بدوره أكد د. حسن خاطر أن عملية الإغلاق والفتح لـ"باب الرحمة" ما زالت مستمرة في صراعٍ للإرادة بين المقدسيين والاحتلال، الذين لن يستسلموا له وسيعملون على إفشال مؤامراته كما أفشلوا "البوابات الإلكترونية" و"كاميرات المراقبة".
وعبر عن اعتقاده بأن هذا الصراع من الواضح أنه لن ينتهي بسهولة في ظل أطماع ومخططات الاحتلال التي تُجابه بوعي الذين يواجهون وحدهم مؤامرة دولة ذات إمكانات عظمى ما يجعلهم بحاجة لمساندة عربية وإسلامية، التي لم تتعدَّ حتى اللحظة موقف المتفرج.
وبين خاطر أن الاحتلال أبعد حتى اللحظة أكثر من (20) موظفاً معظمهم من الحراس لتفريغ المكان من المدافعين عنه ، كما يعتقل مَنْ يصورون انتهاكاته في المكان، ويمنع المقدسيين من فرش المكان بالسجاد ومن إجراء إصلاحات فيه.
وبين أن "باب الرحمة" ليس الأول من أبواب "الأقصى" الذي يسطو عليه الاحتلال الإسرائيلي أو يحاول ذلك، فقد سبقه بسطوه على "باب المغاربة".
وأوضح خاطر أن "الرحمة" من الأبواب التاريخية والأثرية الضخمة لـ"الأقصى" وهو الوحيد في الجهة الشرقية له (باستثناء باب صغير هو "باب الجنائز" تخرج منه الجنائز لمقبرة "الرحمة")، قائلاً: "وهو ليس مكاناً للدخول والخروج فقط بل يضم صالات واسعة كانت تُستخدم تاريخياً للصلاة والاعتكاف".
و "باب الرحمة" جزء أصيل من "الأقصى"، أغلقه الاحتلال في 2003م بعد الحديث في 2001 عن نيته تحويله لـ"كنيس يهودي"، حيث نشر الاحتلال رسماً ثلاثي الأبعاد يحتوي مجسماً لكنيس يقع إلى الجنوب الغربي من باب الرحمة بالقرب من المصلى المرواني.
ولفت خاطر إلى أن الاحتلال سيطر على "ساحة البراق" غرب الأقصى ويحاول أنْ يسيطر على "باب الرحمة" للسيطرة على الجهة الشرقية للمسجد ليصبح بين فكيْ كماشة يدخلونه من غربه إلى شرقه دون أي اعتبار لحرمته.
وأشار إلى أن الصراع يشتد حاليًا على "الرحمة" لرغبة الاحتلال في استقطاعه وتحويله لـ"كنيس" وإبعاد المسلمين عنه، كذلك يرغب بتحويل مقبرة الرحمة لحدائق توراتية كما أحال القصور الأموية لـ"مطاهر الهيكل" ، وبذلك يكونون قد أحاطوا بـ"الأقصى" من جميع الجهات".
وبين خاطر أن وجود مخفر لشرطة الاحتلال في "الأقصى" يعني أنه محتل مباشرة، إذ توجد إدارة عسكرية في قلبه، كما أن ما يؤكد خطورة نية الاحتلال تجاه "الأقصى" هو تبعيته منذ سنوات مباشرة لمكتب بنيامين نتنياهو، ما يعكس أطماع سلطات الاحتلال فيه.