فيما يحيي الفلسطينيون الذكرى الـ43 ليوم الأرض التي تجسد تمسكهم بأرضهم ودفاعهم عنها، يعلن الاحتلال الإسرائيلي عن بناء مزيدٍ من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة ومحيط القدس سعياً منه لالتهام ما تبقى من مساحات فلسطينية، ليرسل رسالة للفلسطينيين بأن الأرض أصبحت تحت سيطرته ولم يتبقَ إلا القليل، وفق ما أفاد خبيران بشئون الاستيطان لـ"فلسطين".
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية توقعت، أن تصادق "الإدارة المدنية" للاحتلال، على بناء 1427 وحدة استيطانية جديدة في عدة مستوطنات بالضفة ومحيط القدس المحتلة، فيما سيتم مناقشة بناء "3500 – 5000" وحدة استيطانية أخرى الأسبوع الجاري دون المصادقة عليها.
استمرار التهجير
الخبير بشئون الاستيطان صلاح الخواجا أكد أن هذا الإعلان يؤكد استمرارية الاحتلال في مشاريع مصادرة الأراضي والتهجير و"الترانزسفير" للشعب الفلسطيني الذي بدأه منذ عام 1948 ومستمرٌ حتى يومنا هذا.
ومن أبرز تلك المشاريع -بحسب الخواجا- مشروع "برافر" القائم على مصادرة 38 قرية في منطقة النقب من بينها العراقيب، ومشروع "E1" القائم على ربط شرق القدس بـ"معاليه أدوميم" حتى البحر الميت، ما يؤكد أن الاحتلال عمل وما زال يعمل على تعزيز الاستيطان في كل المناطق الفلسطينية وتحويل مناطق الوجود الفلسطيني إلى "كانتونات" ومعازل.
وأشار إلى أن الدراسات التي أجراها المختصون تؤكد أن الاحتلال بات مسيطراً على 85% من فلسطين التاريخية، 78% منها سيطر عليها عام 1948، والآن يحاول السيطرة على مناطق أخرى في الضفة والأغوار وجنوب الخليل.
وبين أن الأولوية في الاستيطان بالنسبة للاحتلال هي القدس إذْ يشمل المخطط الأخير وحدات استيطانية في "معاليه أدوميم" شرق القدس، و"جفعات زئيف" شمال غرب القدس، استمراراً لسياسة تفريغها من الوجود الفلسطيني الذي شهد تناقصاً واضحاً.
وشرح بالقول: "في عام 1967 كان في شرق القدس 76 ألف فلسطيني دون وجود لأي مستوطن واحد بينما في 2002 (إثر بناء الجدار العازل) وإخراج قرى فلسطينية خارج نطاق القدس وتطبيق خطة "20-20" لمضاعفة المستوطنين وتقليل الفلسطينيين، تضاعف عدد المستوطنين بشكل كبير".
وأضاف: "الأغوار مثلاً التي تمثل مساحتها 28% من الضفة (مليون دونم) يسيطر الاحتلال على 85% منها".
واعتبر أن الإعلان عن المخططات الاستيطانية بالتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية أمرٌ ليس بالجديد، إذْ إنه رغم كون الاستيطان مخططًا للحركة الصهيونية منذ القدم كما أن الاحتلال يواصل تطبيق الوثيقة التي وقعها أعضاء من "الليكود" في "الكنيست" والحكومة القائمة على أن يصلوا خلال السنوات الأربع القادمة إلى مليونيْ مستوطن.
وقال: "نتنياهو أعلن قبل أربع سنوات حملته الانتخابية من مستوطنة "أرئيل" فيما أعلن نفتالي بينيت حملته من مستوطنة في قلب الخليل، فيما يعيش أفيغدور ليبرمان في مستوطنة "تكوع" في بيت لحم".
فصل القدس
بدوره، بين الخبير في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي أن المنطقة التي يُراد بناء البؤر الاستيطانية الجديدة فيها تستهدف فصل مدينة القدس المحتلة عن الضفة الغربية، من خلال طول عرضي يشمل 14 مستوطنة في تلك المنطقة.
وقال: "يريد الاحتلال من خلال بناء تلك الوحدات فصل القرى والبلدات الفلسطينية المحيطة بالقدس كالعيزرية وأبو ديس وحزما عنها نهائياً وهذا خطير جداً من حيث البعد الجغرافي، حيث أنه يعني القضاء على المدخل الوحيد الذي يربط القدس بالضفة".
ونوه إلى أن الاحتلال يحاول أنْ يشكل مثلثاً استيطانياً من الخليل لمنطقة شرق القدس لأريحا للسيطرة على الأغوار، وعزل شمال الضفة عن حدودها الشرقية مسماة بـ"e1".
وأشار إلى أن تزامن هذا الإعلان مع يوم الأرض هو محاولة من الاحتلال الإسرائيلي لكي الوعي الفلسطيني بالقول: "أنتم تدافعون عن أرضكم في هذا اليوم ونحن نبني فيها"، محاولاً تثبيت الرواية الصهيونية عن تلك الأرض.
وبين أن حكومة الاحتلال تستهدف بذلك الإعلان استرضاء الناخبين باتجاه بنيامين نتنياهو، إذ إنّ مستوطنات تلك المنطقة يسكنها حوالي 300 ألف مستوطن.
وأكد أن هذا جزء من المعلن عنه من الوحدات الاستيطانية بينما الجزء المخفي من المستوطنات التي يتم بناؤها يفوق المعلن عنه بكثير، مبيناً أن التهويد في الضفة الغربية جارٍ على قدم وساق، وفي محيط القدس المحتلة.