قبل 43 سنة -تحديدًا في 30 آذار (مارس) 1976م- قرر الاحتلال الإسرائيلي مصادرة 21 ألف دونم من أراضي قريتي عرابة وسخنين، ما دفع الفلسطينيين في فلسطين المحتلة سنة 1948م إلى انتفاضة شعبية، وأعلنوا إضرابًا عامًّا.
وتلك أول انتفاضة للفلسطينيين في فلسطين المحتلة سنة 1948م منذ إعلان ما تسمى (إسرائيل)، تحديًا لقرار حكومة الاحتلال برئاسة إسحاق رابين مصادرة هذه الأراضي في الجليل المحتل شمالي فلسطين التاريخية، وقراه (عرابة وسخنين ودير حنا وعرب المساعيد).
وترافق قرار المصادرة وإعلان حظر للتجوال في قرى سخنين وعرابة ودير حنا وطرعان وطمرة وكابول، من الساعة الخامسة مساء يوم 29 آذار (مارس) 1976م، لكن الفلسطينيين تجاهلوا القرار، وخرجوا للاحتجاج استجابة لدعوة لجنة الدفاع عن الأراضي.
وجاء الحراك الفلسطيني رفضًا لسياسة التهويد التي ينتهجها الاحتلال في فلسطين، لتشتعل شرارة يوم الأرض، عقب نجاح الإضراب العام.
وكان الاحتلال يتخوف آنذاك من نجاح الإضراب، لأنه يمثل نجاحًا قويًّا للعمل الشعبي للفلسطينيين في فلسطين المحتلة سنة 1948م؛ فقرر مواجهته بالعنف والقمع، مقابل حجارة وأدوات سلمية يستخدمها الفلسطينيون.
ودارت أحداث يوم الأرض في قرى عرابة وسخنين ودير حنا وكفر كنا في الجليل، التي اقتحمها جيش الاحتلال وشرطته، وامتدت الاحتجاجات إلى الطيبة وأم الفحم وطوان.
وارتقى في تلك الجرائم الاحتلالية الإسرائيلية ستة فلسطينيين شهداء، هم: خير ياسين (23 عامًا) من عرابة البطوف، وخضر خلايلة (30 عامًا)، وخديجة شواهنة (23 عامًا)، ورجا أبو ريا (23 عامًا)، من سخنين، ومحسن طه (15 عامًا) من كفر كنا، ورأفت زهدي (21 عامًا) من مخيم نور شمس.
وأصابت قوات الاحتلال واعتقلت خلال تلك الأحداث مئات المحتجين الفلسطينيين، كان منهم جرحى، في إطار محاولاتها لإفشال فعاليات يوم الأرض، إلا أن ذلك اليوم أصبح يومًا فلسطينيًّا يحيي الشعب الفلسطيني ذكرى أحداثه سنويًّا، ليكون مصدر إزعاج للاحتلال ومخططاته الرامية إلى تهويد الأراضي الفلسطينية.
وتراجعت حكومة رابين بالمقابل عن قرار المصادرة.
ويقول الرئيس السابق لجمعية الجليل بكر عواودة: "يوم الأرض أصبح خالدًا للتعبير عن رفض الفلسطينيين تهويد أرضهم"، مشيرًا إلى حرص الشعب الفلسطيني على إحياء ذكراه بفعاليات متعددة في مدن وقرى فلسطين.
ويوضح عواودة لصحيفة "فلسطين" أن أحداث يوم الأرض انطلقت قبل 43 سنة بغضب واسع من أهالي الجليل، "أول عملية احتجاج منظمة".
ومطلع آذار (مارس) 2018م أحيا الشعب الفلسطيني الذكرى الـ42 ليوم الأرض بفعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، التي انطلقت من قطاع غزة، بالاعتصام في مخيمات العودة المقامة على بعد مئات الأمتار من السياج الاحتلالي الفاصل شرقي قطاع غزة.
ومثلت المسيرة انطلاقة نوعية جديدة للقضية الفلسطينية، بإحيائها والمؤامرات تحاك عليها، في إطار ما تسمى "صفقة القرن"، لتعيد المشهد الفلسطيني إلى الأحداث الأكثر أهمية عالميًّا.
وواجه الاحتلال تلك المسيرات بالأسلوب نفسه، الذي واجه به شعلة وشرارة يوم الأرض في الجليل المحتل، إذ يقمع المشاركين فيها ويستهدفهم بالرصاص الحي والمطاطي، وقنابل الغاز السام والمُدمع، ما أدى عن استشهاد وإصابة الآلاف، منهم صحفيون ومسعفون.
ويوجه عواودة التحية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، مع إحيائهم الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة وكسر الحصار التي حلت أمس، مؤكدًا أن القطاع شعلة للنضال والمقاومة الفلسطينية والانتفاضة الشعبية في وجه الاحتلال.
ويؤكد الفلسطينيون بمسيرة العودة تمسكهم بحق عودتهم إلى أرضهم المحتلة، ومطلب كسر الحصار المفروض على القطاع منذ 13 سنة، والأهداف التي اندلعت لأجلها أحداث يوم الأرض قبل 43 سنة، والحقوق التي يناضل الشعب الفلسطيني في سبيلها منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين سنة 1948م.