فلسطين أون لاين

​أصيب في أثناء تغطيته مسيرات العودة

ياسر عاد للميدان بعدما فطرت رصاصة متفجرة قلب رنا

...
حاول الاحتلال منع ياسر وعدسته من تصوير انتهاكاته جيشه
غزة/ طلال النبيه:

"مهمتنا إيصال رسالة فلسطين إلى العالم من طريق الكاميرا؛ ولن نتوقف" بهذه الكلمات بدأ المصور الصحفي ياسر قديح مصور صحيفة "فلسطين" اليومية الحديث عن دوره في توثيق جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحق المشاركين في مسيرات العودة السلمية، بعد عودته إلى الميدان من إصابة قاتلة كادت تودي بحياته.

وقد حاول الاحتلال منع ياسر وعدسته من تصوير انتهاكاته جيشه بحق المتظاهرين قرب السياج الفاصل شرق غزة، برصاصة أطلقها قناص إسرائيلي صوبه، ولم تشفع له السترة الواقية المخصصة للصحفيين من الرصاص الإسرائيلي.

وأصيب ياسر البالغ من عمره (35) عامًا في اليوم الذي تدفق فيه مئات الآلاف من المواطنين تجاه السياج الفاصل شرق غزة؛ رفضًا لنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة في 14 أيار (مايو) 2018م، تنفيذًا لوعد رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان العبري.

ويسعى جاهدًا بإرادته وعزيمته إلى استمرار مهمته الصحفية، رغم إصابته برصاصة متفجرة أصابت منطقة البطن (مدخل ومخرج).

ياسر الذي وثق انتهاكات الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين في مخيمات مسيرات العودة وكسر الحصار، وواقع الحياة اليومية في أحياء وحارات غزة، أصيب في فعاليات مليونية العودة الذكرى الـ70 للنكبة في مخيم ملكة، شرقي مدينة غزة.

ويروي المصور ياسر تفاصيل ذلك اليوم، الذي تجهز له منذ الصباح الباكر برفقة زوجته الصحفية رنا الشرافي، متوجهين من مكان سكنهما شرقي مدينة خان يونس إلى مكان عملهما بمدينة غزة، واللحظات الأخيرة قبيل إصابته ولحظتها ورحلة علاجه.

صورة وإصابة

وتجهز مصور "فلسطين" لعمله بارتدائه الدرع الصحفي، وتحضير كاميراته ومعداته الصحفية، قال: "تجهزت في ذلك اليوم كعادتي في تغطية فعاليات مسيرة العودة، ووثقت انتهاكات الاحتلال بحق المتظاهرين"، مشيرًا إلى مساندته وإسعافه زميله أحمد زقوت، مصور وكالة رويترز العالمية، برفقة الطواقم الطبية، بعد إصابته برصاص الاحتلال، ليستكمل بعدها مهمته الصحفية.

وقبيل لحظات من إصابته، اقتنص المصور قديح صورة لطفل مصاب، جاء يشارك في المسيرات سائرًا على عكازين نتيجة إصابته خلال فعاليات سابقة؛ ليفاجأ بعدها بطلق متفجر في البطن، مع أنه مميز بدرع العمل الصحفي وكاميراته.

وأضاف: "مكان الإصابة هو مثل مكان إصابة الشهيدين الصحفيين الزميلين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين (رحمهما الله)، وكنت واعيًا في أثناء إصابتي، ومتماسكًا حتى فقداني الوعي بعد وصولي إلى مستشفى الشفاء".

مرحلة العلاج

مع انتشار خبر إصابة ياسر، عم الحزن الشديد جموع الصحفيين والمصورين، فضلًا عن حالة من الصدمة تلقتها زوجته الصحفية رنا الشرافي في أثناء عملها، لتتجول ساعتين في أروقة مستشفى الشفاء بحثًا عنه، بعد تلقيها اتصال هاتفي من صديقه يفيد بإصابته.

وقالت رنا لـصحيفة "فلسطين": "كان يوم الـ14 من مايو صعبًا على أهالي غزة وفلسطين، لكنه كان أشد صعوبة وألمًا على قلبي وأسرتي، بإصابة زوجي ياسر"، مشيرة إلى أنها قاومت هذه المحنة بصبر واحتساب كبيرين.

وتابعت: "تفاجأت بالمشهد الأول بعد إصابة ياسر، فكانت حالته الصحية خطيرة جدًّا، إذ التفت حوله أنابيب الأجهزة الطبية، في أثناء علاجه في غرفة العمليات بمبنى الجراحة بمستشفى الشفاء"، مشيدة بوقوف الزملاء الصحفيين معها في مرحلة علاجه بغزة والقدس.

وانتقل ياسر إلى العلاج في مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة، في رحلة علاجية استمرت 14 يومًا، رافقته فيها زوجته التي أصرت على ذلك رغم كل التحديات والمعيقات، ليعود بعدها بحالة صحية أفضل، ماكثًا 8 شهور على سرير العلاج في غزة والقاهرة.

ووجهت الشرافي شكرها إلى عموم الصحفيين والمؤسسات الصحفية والنقابية والصحية، وأهالي القدس المحتلة، الذين رافقوها وساندوها في رحلة علاج زوجها بمستشفى المقاصد، مؤكدة أن عودة ياسر للميدان ومهنته وكاميرته لها "معزة" عنده كأبنائه.

وقالت: "عودة ياسر للحياة ومشيه على قدميه بعد تحسن حالته الصحية وحمله الكاميرات كل ذلك كان حلمًا"، مشيرة إلى أن الأطباء أبلغوها بأنه "يحتاج من سنة إلى 3 سنوات ليعود إلى حالته الصحية الأفضل بعد إصابته"، خاتمة حديثها: "الحمد لله دائمًا، إحنا وين كنا ووين صرنا؟!".