فلسطين أون لاين

​أدوات خـشـنــة؛ تـرســم الـمـشـهــد

سنوات طويلة كانت تشرق العصافير مع خيوط الشمس فوق هذه المواقع والمغتصبات الصهيونية، فالجنود والمستوطنون يمرحون في بلادنا ويتنعمون في خيرات أرضنا، بينما الفلسطيني يزداد ألماً بعد ألم وتلحفه حسرة الفاقة والحاجة، وينظر محروماً إلى بستانه من خلف السياج بعد أن اقتطعته هذه المواقع والمغتصبات بفعل جبروت الاحتلال.

فهذا الاحتلال يزداد طغيانه يوما بعد يوم وجرائمه لا تتوقف، في ظل التهافت للارتماء في أحضانه بشكل غير أخلاقي من بعض زعماء العرب والمسلمين وبكل أسف من بعض الفلسطينيين الذين ارتبطت مصالحهم ومكانتهم بالاحتلال، وغامروا بالاستقواء على شعبنا في أحلك الظروف وأشدها قسوة، ولم يرقبوا في شعبنا أي قدر من الشفقة أو الرحمة، ليضاعفوا علينا العذاب ويسلقونا بألسنة حداد، فماذا جنى هذا الشعب ليصطف هذا الفريق إلى جانب الاحتلال وينسلخوا عن وطنيّتهم ويقامروا بمصالحه ومقدراته، ويظهروا مفاخرين متبجحين في غييّهم وكأنهم يحسنون صنعا، مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس الحامل والمحمول، إنهم لا يحملون هم الوطن بقدر ما يحملون أوزارهم ومصالحهم، وبدوا حالمين بعودة المجد القديم مع سهرات ليلية وحفلات صاخبة تصاحب ليلهم الغارق في وحل السقوط والانحراف فهل هؤلاء هم أمناء الوطن، نعم أرادو العودة إلى غزة على ظهر الدبابات ليسيروا بأقدامهم على جثث الأبطال، وفى غمرة المؤامرة ووسط ظلام دامس تبخرت الأوهام وتجلت الحقائق، زاغت الأبصار الخائنة وثبتت السواعد والقلوب الصادقة ليدوي الانفجار الأول ثم يليه خطوط النار وأصوات التكبيرات، إنها ترانيم جديدة بات يعيشها الجنود ومستوطنو الغلاف.

ساعات طويلة ربما تمتد لأيام أو أشهر ستغير الحياة بل ربما تعيد رسم المشهد وتدفع المستوطنين للانفجار في وجه قيادتهم السياسية والأمنية، فمن يعيش على جراحنا لا بد وأن يبقى جرحه نازفا، ومن تلذذ على عذاباتنا وآهاتنا يجب أن يسقى من نفس الكأس ليتذوق علقم الحياة، إن وقع هذه المفرقعات على الحدود وتصاعد حدة الاشتباك وتغيير الطقس ليختلط الليل بالنهار، تزيد الخناق وتشد الوثاق على مستقبل نتنياهو المجرم وتجعله أمام رياح التغيير والإزاحة من المشهد السياسي.

إذن أين المفر من مطالبات المستوطنين ومن تصاعد الأحداث على الحدود ومن احتجاجات قادة الجيش خشية تدهور الأوضاع، لا مناص إلا من التدخل عبر الوسطاء لتفادى أسراب قادمة في سماء الكيان قد تحدد الساعات والأيام أعدادها وأحجامها بل وأنواعها، فالأشباح الحارقة والمتفجرة ستحدث ضجيجاً لا يطاق وربما تدخل الأوضاع في منحنيات بالغة الخطورة.