فلسطين أون لاين

​"المفاوضات مع الاحتلال".. نهج عباس لتأمين سلطته

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

لا يزال رئيس السلطة محمود عباس يتشبث بطريق المفاوضات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، رغم مرور أكثر من ربع قرن على هذه السياسة "العقيمة" التي لم تجدِ نفعاً للقضية الفلسطينية برمتها.

سياسة "المفاوضات العبثية" التي ينتهجها عباس كانت واضحة في كل لقاء مع وفود أوروبية وإسرائيلية وأمريكية أو مؤتمرات عربية وغيرها، ضارباً بعرض الحائط ما تمر به القضية الفلسطينية من أزمات وانتهاكات إسرائيلية جابت جُل الأراضي الفلسطينية.

ولدى استقباله وفدًا من طلبة جامعة هارفارد الأمريكية بمقر الرئاسة في رام الله، قال عباس: "نمد أيدينا للحكومة الإسرائيلية التي يختارها الإسرائيليون، من أجل أن نتفاوض على الأسس التي لم نخترعها نحن وإنما وضعتها الشرعية الدولية".

وهنا يرى مراقبون أن عباس يتمسك بطريق المفاوضات مع الاحتلال نظراً لارتباطه باتفاقيات سياسية مع (إسرائيل)، وخوفاً على منصبه وانهيار السلطة الفلسطينية حال تخليه عن هذا المسار.

وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس في عُمان د. هاني البسوس، أن عباس لا يستطيع أن يحيد عن طريق المفاوضات كونه مرتبطًا باتفاقيات سياسية مع الاحتلال وأبرزها أوسلو.

وقال البسوس لصحيفة "فلسطين": "عباس مُصر على الاستمرار في هذا النهج رغم علمه بفشله، لكنه لا يزال يُعوّل على المنظمات الدولية"، مشيراً إلى أن تلك المنظمات "لا تُغني ولا تسمن"، سيّما أنها تدعم الفلسطينيين سياسياً دون تنفيذ عملي.

ورأى أن الأجدر بعباس التوجه للشعب الفلسطيني وإتمام الوحدة الوطنية، كونها سبيلًا مهمًا لتعزيز مكانة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية التي تضم معها كل الفصائل.

وأضاف البسوس: "عباس وضع نفسه في بوتقة واحدة وهي الالتزام باتفاقيات التسوية السياسية والتعاون الأمني مع (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية"، منبّهاً إلى أنه "عيّن نفسه حامياً لأمن الاحتلال وسياساته بلا عودة عن ذلك".

ويتفق مع ذلك، المختص في الشأن السياسي خالد العمايرة، عادّة أن "نبّرة عباس خلال لقائه مع الوفد الأمريكي كانت لا تتناسب مع المستجدات الفلسطينية الراهنة، خاصة المتعلقة بما يسمى العملية السياسية".

وقال العمايرة لصحيفة "فلسطين": "إن تصريحات عباس تُشير إلى أنه يتساوق مع ما تُسمى "عملية السلام" التي أثبتت فشلها، وأظهرت أن (إسرائيل) والولايات المتحدة في مربع واحد".

ورأى أن تلك التصريحات تشي بأن عباس سيكون مستعداً لإبداء تنازل خطير يتعلق في القضية الفلسطينية، والتي قد تصل إلى الثوابت الوطنية الفلسطينية مثل العودة والقدس والاستيطان وغيرها.

وأضاف: "هذه النبرة لا تُبشر بخير مُطلقاً، إنما تثير قلق الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وإمكانية أن يكون عُرضة للابتزاز من الاحتلال والولايات المتحدة".

ورجّح العمايرة، أن يُفرز الشارع الاسرائيلي حكومة ستكون أكثر تطرفاً من حكومة نتنياهو الحالية، داعياً عباس لضرورة التذكير بالقضية الفلسطينية والثوابت الوطنية بدلاً من التمسك بالمفاوضات.

حماية (إسرائيل)

وعرّج عباس خلال حديثه إلى مسألة علاقة السلطة مع الولايات المتحدة، مبديًا استعداده للتعامل معها من أجل حماية أمن (إسرائيل)، وهو ما أكده خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وذكر عباس أنه اقترح على ترامب "إذا كانت (اسرائيل) غير مطمئنة على أمنها فأنا اقترح أن تأتي قوات الناتو بقيادة أميركية إلى فلسطين لتحمي أمن (إسرائيل) وأمننا".

وعلّق العمايرة على ذلك "كان الأولى على عباس تفنيد هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة وعدم التساوق معها، خاصة أنه يعلم أن (إسرائيل) ليست بحاجة لقوات تحميها".

وأضاف: "يجب على عباس أن يستمع لضمير الشعب الفلسطيني وأن يكون حكيماً ويتحدث باعتدال وصدق بدلاً من الأحاديث الأخرى التي تخدم الاحتلال".

فيما رأى البسوس، أن هذا الحديث يُدلل على وجود املاءات اسرائيلية وأمريكية يتعرض لها أبو مازن، تجعله غير قادر على تغيير مساره".

وبيّن أن عباس أصبح يُقدم خدمة مجانية لـ (إسرائيل) كدولة لها الحق في الوجود على أرض فلسطين، داعياً إياه للتوجه لإتمام الوحدة الوطنية بدلاً من هذا المسار الخاطئ.