قائمة الموقع

​كلمات تفهم خطأ (6)

2019-03-18T14:22:07+02:00

سبق وأن تحدثنا عن كلمات قرآنية تفهم خطأ فيتبادر إلى الأذهان تفسير في السياق العام، ولكن في الحقيقة أن لها معنى آخر، واليوم نستكمل مع كلمات أخرى، "فلسطين" تواصلت مع الأستاذ المساعد في تفسير القرآن وعلومه د. طارق عقيلان وهو محاضر في الكلية الجامعية, لتنقل للقراء الأعزاء بعض الكلمات القرآنية التي تفهم خطأ فتخل في المعنى.

قال د.عقيلان: "في قوله تعالى: "كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ"، وقد يتبادر إلى الفهم من كلمة (يَغْنَوا) الغنى والثراء، وإنما المراد منها الإقامة في المكان طويلاً مستغنيًا به عن غيره بِغِنًى، يقال: غَنِيَ بالمكان أي أقام؛ لكنها الإقامة المقترنة بالتنعُّم ورغد العيش فلا يحتاجون لغيرهم، ومقصود الكلام انمحاء آثارهم كأن لم تكن. فالآية جاءت ختامًا لسياق قصة شعيب عليه السلام مع قومه، إذ أخذتهم صيحة العذاب فانخلعت لها قلوبهم، وبركوا على ركبهم جاثمين هَلْكَى لا حراك لهم، ثم جاءت هذه الآية ختامًا للسياق وتشبيهًا لحالة استئصالهم بحال من لم تسبق لهم حياة، إذ أُهْلِكوا جميعًا".

أما كلمة (فَتْرَة) في قوله تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ"، فأشار إلى أنه قد يتبادر إلى الفهم أنها مدة من الوقت، والصحيح أنَّ كلمة (فَتْرَةٍ) مشتقة من (فَتَرَ) عن عمله يَفْتُرُ فُتوراً إذا سَكَنَ، والأصل فيها: انقطاعُ عملٍ ما، والمراد بها في الشرع: انقطاع ما بين الرسولَين، ويطلق عليه زمن انقطاع الوحي أي الذي لم يُبْعَث فيه رسول. والمراد في الآية الفترة ما بين رفع عيسى عليه السلام إلى السماء وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى على ذلك قرابة 570 سنة، وذلك حتى لا يعتذر أحدٌ عن شركه وفساده أنه لم يأته بشيرٌ ولا نذير.

أوضح د.عقيلان أن كلمة (ثُبَاتٍ) في قوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا"، قد يعتقد البعض أن المراد انفروا ثابتين أمام عدوكم، وهذا غير صحيح، فكلمة(ثُبَاتٍ) جمع ثُبَةٍ أي الجماعة؟، وتصغيرها ثُبَيَّة، فالآية تدعو المسلمين أن يكونوا على أهبة الاستعداد، وإلى الحذر لاتقاء خُدع الأعداء، (فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ) وأن يخرجوا جماعة بعد جماعة، أو جميعًا، بحسب ما يتطلبه الموقف، أو تراه القيادة.

ولفت إلى أن كلمة (تَحُسُّونَهُم) في قوله: "وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ"، أنها من التحسس أي: الرؤية أو العِلْم، أو من الحِسّ أي: الإدراك، والصواب أنَّ كلمة (تَحُسُّونهم) تستأصلونهم قتلاً، والحَسُّ: القتل الذريع والكثير، وَحسَّه أي قَتَلَه فلم يُبِقِ له إدراكاً ولا حِسًّا، ويقال: ما حَسَسْتَ فلاناً أي: ما رَفُقْتَ عليه ولا رَحِمْتَه. فالآية في سياق الحديث عن غزوة أُحُد، فقد صدق الله وعده بإلقاء الرعب في قلوب المشركين، والرماةُ على الجبل، ففرَّ المشركون بأنفسهم تاركين كلَّ شيء، والمؤمنون يَحُسُّونهم حسًّا أي يقتلونهم قتلاً بتيسيرٍ من الله، وفي الآية إظهارٌ لعناية الله بالمؤمنين، وأنَّ إلقاء تَبِعة الهزيمة عليهم.

وفي قوله تعالى: "كلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا"، فيتبادر إلى الفهم من كلمة (المحراب) أنَّ مريم عليها السلام كانت تسكن مسجدًا، وأنه محراب الصلاة الذي يقام للإمام في المسجد، وبين د.عقيلان أن الصواب هنا أنَّ (المحراب) مقصورة ملاصقة للمسجد للتعبد، ويقال: أشرف المجالس وأكرمها، فهو بناءٌ يتخذه أحدٌ ليخلوَ فيه بتعبده وصلاته، ويكون في علوٍّ يُرْتَقى إليه بسلم، وهو غير المسجد. أما محراب الصلاة للإمام فأول محرابٍ صُنِع في الإسلام هو محراب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة، فالآية تتحدث عن كفالة زكريا عليه السلام لمريم، إذ لما كبرت أدخلها المحراب: وهو مكانٌ خاصٌّ بها لتتعبد فيه.

ونبه أنكلمة (وجَنَى) في قوله تعالى: "مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ"، فيعتقد أنها بمعنى حَصَدَ أو قَطَفَ، والصواب أنَّها اسمٌ بمعنى: ما يُجنَى ويقتطف من الثمر، فالآية وصفٌ لثمر الجنتين أنه قريبٌ منهم سهل التناول وهم على فُرُشهم متى شاؤوا اقتطفوا منه. فيكون (جَنَى) مبتدأ وخبره (دانٍ) وأصلها (داني).

اخبار ذات صلة