قبل يومين تحركت عناصر موجهة من الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية وأحدثت شغبا في إحدى المناطق في قطاع غزة.
وصورت هذه التحركات على أنها (ثورة شعبية) ضد حركة حماس وحكمها ولإدارتها.. أو أنها (ثورة جياع).
والحقيقة أن هذا الحدث هو استكمال للمخطط الذي تنفذه أجهزة أمن السلطة، وتشارك فيه مجموعات تنظيمية بتوجيه مخابراتي صهيوني وتدخل إسرائيلي مباشر.
وهذا المخطط هو وجه آخر للاعتداءات والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة وللحصار البشع وللعقوبات التي تنفذها السلطة الفلسطينية بحق قطاع غزة، والتي بدأت منذ عام تقريبا وشملت رواتب الموظفين والأسرى والمستشفيات والانسحاب من المعابر.
وهذه الأحداث المفتعلة تتكامل مع سياسة السلطة الفلسطينية التي عطلت المصالحة ورفضت الحوار، وحلت المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب، ورفضت تشكيل حكومة وفاق وطني..
وهذه الأحداث المفتعلة هي الوجه الآخر للتفاهم الإسرائيلي الأمريكي المستجد الذي يفرض تسوية جديدة تسمى صفقة القرن، وتهدف إلى إسقاط قطاع غزة بما يمثله من ركيزة سياسية وشعبية وقوة عسكرية قادرة على إفشال هذا التوجه.
إن هذه الأحداث التي تنفذها السلطة الفلسطينية في غزة تكمل السياق السياسي والأمني الذي تنفذه في الضفة الغربية ويستهدف بنية المقاومة وقيادتها ورموزها السياسية، ومنع قيام أي شكل من أشكال الانتفاضة والتصدي للاحتلال.
ويكمل السياق الذي تنفذه أجهزة أمن السلطة في كل المجتمعات الفلسطينية خارج فلسطين، والذي يستهدف الإرادة الشعبية الحقيقية الرافضة لسياستها وكل مقومات الدعم السياسي والإعلامي والشعبي والمالي للمقاومة في فلسطين.
السلطة الفلسطينية بإدارة محمود عباس تقوم اليوم بعملية تخريب منهجية للقضية الفلسطينية ولبنية العمل الوطني الفلسطيني من الداخل، وهذه السلطة تنفذ برنامجا إسرائيليا أمريكيا واضحا لإسقاط المقاومة واستهدافها وتحطيم بنيتها وإضعاف مقوماتها الشعبية والسياسية.
وإن هذه السلطة تنفذ من طرفها الوجه الآخر من الحرب الإسرائيلية على المقاومة وعلى حاضنتها الشعبية في الداخل والخارج.
نحن لسنا أمام ثورة شعبية، ولسنا أمام احتجاجات.. بغض النظر عن بعض المطالب الشعبية هنا وهناك.
بل نحن أمام سلوك أمني يحاول القضاء على بذرة المقاومة والصمود، التي تقف حائلا ضد تنفيذ البرنامج السياسي الإسرائيلي الأمريكي الذي تعهدت السلطة الفلسطينية تاريخيا بتنفيذه عبر اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني، وهذا هو دورها وهذه هي وظيفتها.. ونقطة على السطر.
هؤلاء الذين يدعون أنهم يحرصون على الشعب وحقوقه هم أنفسهم الذين يسلمون المقاومين للاحتلال ويصمتون أمام الاستيطان ويفرطون بالقدس وبالمسجد الأقصى المبارك، ويعاقبون الأسرى والمعتقلين بقطع رواتبهم، ويجلسون على ثروات مالية ضخمة سرقوها من أرزاق الناس.
على هؤلاء أن يدركوا أن العالم تغير، وأن موازين القوى اليوم لصالح المقاومة، وأن زمن التهديد بالاحتلال ما عاد مرعبا، وأن البنية السياسية والشعبية للمقاومة أكبر من أن يتصوروها، وهي قادرة على إفشال هذا المخطط كما أفشلت اعتداءات وحروبًا كثيرة.
إن وعي الشارع الفلسطيني في الداخل والخارج هو ركيزة أساسية في مواجهة مشروع التخريب، وان السلوك الذي ارتضاه جماعة التنسيق الأمني لأنفسهم عبر الانبطاح أمام الاحتلال هو سلوك مشين لا يقبله الفلسطينيون.
وبالتالي فإن القضية الفلسطينية لا تزال حاضرة في قلوب وعقول الفلسطينيين، وهم مستعدون للدفاع عنها.
فلسطين أرض وإنسان وقضية، وليست لعبة للمقامرة بها.. ليدرك المقامرون ذلك.. مقامراتكم فاشلة وإرادة المقاومة ستكسرها في كل مكان..
--