قائمة الموقع

مصابون يجددون المشاركة في المسيرة: العودة هي الدواء

2019-03-17T12:00:49+02:00
صورة أرشيفية

يتكئ الجريح محمد أبو دياب وأشقاؤه المصابون الثلاثة: أحمد وبلال وإبراهيم على عكاز صمودهم وتحديهم الإصابة التي زادت معاناتهم، لكنها لم تغير مسارهم الذي سلكوه منذ انطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية في 30 آذار (مارس) 2018م، إذ زادت هذه الإصابة إصرارهم على استمرار مشاركتهم في طريق البحث عن الحرية والحياة الكريمة، واسترداد الحقوق التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي من أبناء الشعب الفلسطيني.

"نشارك لنعاهد الشهداء ونقول لهم إننا باقون على العهد، ولن نتردد أبدًا، مهما ارتقى من شهداء" بهذا يتعاهد الأشقاء المصابون على المشاركة في المسيرات، وفاءً لمن ضحوا بحياتهم من أصدقائهم الذين كانوا قبل ذلك يرافقونهم إلى المسيرات، ولكنهم اليوم باتوا ذكرى، فهم خرجوا للبحث عن حياة كريمة كباقي شعوب العالم.

لا يمكن تخيل حجم الألم الذي تعانيه هذه الأسرة، التي أصيب أربعة أفراد منها برصاص الاحتلال، ما أقعدهم عن العمل، ولكن لم يقعدوا عن دورهم الوطني وعن المشاركة في مسيرات العودة بعد الإصابة، التي زادت من عزيمتهم وإصرارهم على مواصلة التظاهر السلمي.

بدأت حكاية هذه العائلة مع الإصابات في 20 نيسان (إبريل) الماضي، وكان أحمد دياب (29 عامًا) أول المصابين ، خلال مشاركته في مسيرة العودة شرقي مخيم البريج وسط القطاع، حينما اخترقت رصاصة مصدرها الاحتلال الإسرائيلي فخذه.

بعد إصابته نقل أحمد إلى مستشفى شهداء الأقصى، وسط القطاع، وهناك أجريت له أربع عمليات، ومكث فيها ستة أيام، ثم بدأت مرحلة العلاج في مستشفى الشفاء وجمعية أطباء بلا حدود، فأجري له 11 عملية أخرى لتنظيف "الجروح" و"الغرز"، وتجميل مكان الإصابة.

ضمد أحمد جرحه وتعافى من الإصابة، وعاد لأخذ مكانه في مسيرات العودة.

في 11 أيار (مايو) الماضي أصيب محمد -وهو توأم أحمد- بركبته اليسرى في شرقي البريج، سببت له الإصابة إعاقة حرمته العمل، لكن هل منعته من التحدي والمشاركة؟، عن ذلك يجيب صحيفة "فلسطين": "رغم الألم والوجع عزيمتي كبيرة، ومستمر في المشاركة في المسيرة، فنحن لبينا نداء الوطن لأننا نريد العيش بكرامة وحرية، والمطالبة بحقوقنا ورفع الحصار".

"طقوس سعيدة"


بلهجة عامية يختصر وصف ما يعيش فيه أهالي القطاع: "إحنا مش عايشين الآن بسبب الحصار"، وهو يمني النفس أن تتوج مطالب الصمود بفك الحصار، ولا ينسى محمد مشهد إصابته: "كنت أشارك الشبان معإخوتي في إشعال إطارات السيارات، وإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال بالمقلاع، وفجأة أطلق أحد الجنود الرصاص تجاهي".

لم توقف تلك الإصابات الثلاث السابقة جنود الاحتلال عن بطشهم بحق المتظاهرين السلميين أو بحق أبناء هذه العائلة، وكأنهم كانوا هدفًا متنقلًا لقناصة الاحتلال، حتى جاء دور الشقيق الرابع إبراهيم (19 عامًا) الذي أصيب برصاصة أطلقها جنود الاحتلال عليه في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي.

يستذكر محمد مشهد إصابة شقيقه إبراهيم: "كنت أشارك المتظاهرين السلميين في الصفوف الأولى برفقة شقيقي إبراهيم، لم تكن المسافة بيني وبينه سوى خمسة أمتار حتى أطلق جنود الاحتلال رصاصة متفجرة على قدم أخي".

رغم ما يعانيه محمد من إصابته حمل شقيقه، وذهب به إلى الإسعاف.

ويتابع: "لم نيأس أو نتراجع عنالمشاركة بالمسيرات لأنها الحل الوحيد حتى يستجيب الاحتلال لمطالب الشعب الفلسطيني".

أما الشاب معاذ عياش (25 عامًا) فكانت فرحته بزفافه مختلفة عن غيره، ففي 23 آب (أغسطس) 2017م عقد مراسم خطوبته، التي استمرت عامًا، وفي 27 نيسان (إبريل) 2018م اصطحب خطيبته -وهي ممرضة متطوعة في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح- إلى مخيم العودة شرقي البريج، وهناك أصيب بمنطقة الركبة، فكانت مراسم الخطبة هنا مختلفة.

ظل ألم الإصابة يلاحق معاذ الذي يتحدث إلى صحيفة "فلسطين"؛ فكل خطوة ومشية متثاقلة كانت تزيد من أوجاعه، بدلًا من أن تكون خطوات بأريحية يمارس فيها تلك الطقوس السعيدة دون ألم ومعاناة، خلال مراسم زفافه.

لكن هذا الشاب قرر أن يتحدى الإصابة من بوابة الصمود والمشاركة في مسيرات العودة، رافعًا شعار البحث عن الحرية والحياة الكريمة واستردادها من أنياب الاحتلال، يقول: "مهما فعلوا بنا فلن نتراجع، ولن نكل أو نمل، لأننا نريد استرداد حقوقنا".

وأدى استخدام الاحتلال العنف تجاه المشاركين في مسيرة العودة منذ انطلاقها حتى الخامس من الشهر الجاري إلى استشهاد 256 مواطنًا، وإصابة 29382، وفق إحصائيات وزارة الصحة.

وتطالب المسيرة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم المحتلة التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948م، ورفع الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على القطاع منذ 13 سنة.

ويرى المصابون أن دواءهم الحقيقي يكمن في حصول الشعب الفلسطيني على هذه الحقوق.

اخبار ذات صلة