قائمة الموقع

​وفاء الرضيع.. إصابة أفقدتها ساقها وعزيمة أعادتها إلى الحياة

2019-03-13T09:40:46+02:00

"رغم التجارب الصعبة التي مررت بها، إلا أنني استطعت الوقوف بعد إصابتي الخطيرة"".. بهذه الكلمات تحدثت وفاء الرضيع (46 عامًا) عن تجربتها المريرة إثر إصابتها خلال العدوان الإسرائيلي الموسع على غزة، نهاية 2008 ومطلع 2009.

وتقول وفاء من سكان بلدة بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة: "لم اتوقع للحظة أن تعود للحياة بعدها كما لو أنها ولدت من جديد"، وبدأت حياتها بآمال كبيرة تجاوزت فيها الإصابة، ولم يجد اليأس طريقًا إلى روحها، فأكملت مسيرتها بساق واحدة.

وسردت الرضيع قصتها لـ"فلسطين"، التي بدأت في 10 يناير/ كانون الثاني 2009، فقد باغتتها آلام الولادة دون سابق إنذار، واضطرت أن تتحمل الوجع حتى لا تخاطر بحياتها وحياة جنينها، واعتقدت أنه جاءها الفرج عندما أعلن عن تهدئة فصائل المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يستهدف كل شيء متحرك في غزة، لمدة ساعة، فخرجت برفقة أختها.

وقالت: "في طريقنا للمستشفى أطلق علينا طيران الاحتلال ثلاثة صواريخ، أصبت على إثرها بإصابات خطيرة ومتفرقة بجسدي، وبترت قدمي على الفور، وأختي غادة أصيبت بجراح خطيرة في ساقيها، وتم نقلها إلى المستشفى، وقام الناس بتغطيتي بعدما اعتقدوا أني فارقت الحياة، فجاء إسعاف آخر لنقلي وبمجرد أن تم وضعي داخله، أفقت للحظات فسألوني عن اسمي فقلت لهم أنا حامل، وغبتُ عن الوعي".

نقلت وفاء على اثر ذلك إلى مستشفى الشفاء الطبي، وأجرى الأطباء عملية قيصرية لها في محاولة منهم لإنقاذ الطفل، حينها أدرك الأطباء أن وفاء لا تزال على قيد الحياة، بينما كانت تعتقد أنها فقدت عناء تسعة أشهر حمل في بطنها، ولكن "إياد" أعلن قدومه للحياة، واضطر الأطباء لبتر ساقها الأيمن، وحاولوا معالجة الجروح الأخرى.

وتتابع الرضيع حديثها: "رفض الأطباء نقلي إلى المستشفيات المصرية من أجل تلقي العلاج، فإصابتي كانت تنذر بحالة موت سريري، ولكنه تحت ضغط من عائلتي وافقوا، وهناك بدأت جولات وصولات من العمليات الجراحية والوجع والألم الذي لا يمكن وصفه".

مكثت غائبة عن الوعي قرابة شهر ونصف الشهر، وبعدما أفاقت سألت عن أبنائها وزوجها الذين لم تراهم بجوارها، وأصعب اللحظات عليها عندما كانت الممرضتان يجهزانها من أجل تغيير الضمادات، وتتحدثان عن سوء الأوضاع في غزة، وحالتها وبترها للقدم، فبرقت عيناها وسألتهما إذا كانتا تتحدثان عنها ووضعها الصحي، فصدمتا بأنها لا تعلم ببتر ساقها، وعندما أكدا لها ذلك كادت أن تفقد وعيها من جديد.

عادت الرضيع إلى حضن أبنائها الثمانية بعد رحلة علاج استمرت حتى 2 يوليو/ تموز 2009، ولكن لم ينته مشوارها عند ذلك، فقد تلقت علاجا طبيعيا لظهرها وساقها لمدة عام كامل.

وعلى الرغم من ذكرياتها الأليمة، إلا أنها تحاول أن تكون أقوى لأجل مستقبلها وأبنائها، حتى لا تؤثر سلبًا عليهم وتكون حياتهم أفضل، كما أنها تمكنت من مواجهة المجتمع بقوتها الداخلية، فالتحقت بمشروع إدارة بمجال الرسم على السيراميك، والتلوين على الزجاج.

وختمت الرضيع حديثها: "لا تسمحي لشيء أن يسيطر عليك، سواء كان وجعا أو ألما أو ظروفا، أو أشخاصا يتحكمون بحياتك، فأنتِ المجتمع والحياة، فكوني قوية من أجل أبنائك فهم جيشك في المستقبل".

اخبار ذات صلة