بعد خمس سنوات من تشكيلها، تطوي حكومة الحمد الله صفحتها دون تحقيق أي من أهدافها التي تحددت في إعلان الشاطئ للمصالحة الموقع عام 2014، وأبرزها التحضير للانتخابات العامة، وتوحيد مؤسسات السلطة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وإعادة إعماره.
ولم تنل حكومة الحمد الله ثقة المجلس التشريعي الذي تكتسح فيه حركة المقاومة الإسلامية حماس أغلبية مقاعده، واتخذت المحكمة الدستورية التي شكلها رئيس السلطة محمود عباس منفردًا في رام الله، قرارًا بحله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ولعل أحدث ما يشير إلى فشل حكومة الحمد الله، بيان صدر السبت الماضي عن الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة أكد أن الحكومة المستقيلة أدارت ظهرها للمجتمع المدني، وعملت على إقصائه كاملًا.
وكانت أحدث زيارة أجراها الحمد الله لقطاع غزة في 13 مارس/ آذار 2018، ولم تشمل حتى رفع الإجراءات العقابية التي تفرضها عليه حكومته منذ مارس 2017، جنبًا إلى جنب الحصار الذي يشدده الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 سنة.
وتشمل الإجراءات العقابية التي طبقتها حكومة الحمد الله، التي وصفها عباس بأنها "غير مسبوقة"، الخصم من رواتب موظفي السلطة في القطاع دون الضفة الغربية بنسب تتراوح بين 30% و70%، كما مست مجالات حيوية كالصحة والكهرباء والوقود، وغيرها.
وتفاجأ المئات من الأسرى والمحررين وأسر الشهداء بقطع السلطة رواتبهم. وقالت الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار: إنه قد تم إغلاق حسابات جمعيات خيرية وحرمان الآلاف من الأيتام من حقوقهم وكفالاتهم الشهرية.
ورفضت حكومة الحمد الله، كما الحكومات التي شكلها عباس منفردًا في رام الله، صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم الحكومة السابقة برئاسة إسماعيل هنية في القطاع.
وأصرت حكومة الحمد الله على فرض الضرائب كاملة على وقود محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، بما يرفع سعره لقرابة ثلاثة أضعاف السعر الفعلي، ويعيق شراء الوقود لتشغيلها، بحسب تصريح سابق لسلطة الطاقة.
وبموجب الإجراءات العقابية، أكد منسق أعمال حكومة الاحتلال السابق يؤاف مردخاي، أن السلطة أرسلت كتابا رسميا بأنها لن تدفع سوى 25– 30 مليون شيقل من إجمالي ثمن الكهرباء التي تبلغ 40 مليون شيكل، ما يعني تخفيضًا للكهرباء على غزة.
وبعد طول انتظار شعبي، ربط الحمد الله إعادة 50 ميغاوات من الكهرباء للقطاع بالجباية القسرية من المواطنين، وليس بالخصم من المقاصة.
وأكدت بلدية غزة في إبريل/ نيسان 2017 أن سلطة المياه التابعة للسلطة في رام الله طالبت البلدية بثمن المياه المزودة لمدينة غزة من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" التي تشكل قرابة 20% من احتياجات المواطنين في المدينة.
كما قال المدير العام للصيدلة في وزارة الصحة بغزة منير البرش، في تصريح سابق لصحيفة "فلسطين": إن المستودعات المركزية في رام الله "أبلغتنا بأن هناك قرارا" بوقف توريد جميع الأدوية والمستهلكات الطبية للقطاع.
وتسلّمت هيئة المعابر والحدود في السلطة رسميا مسؤولية معابر القطاع، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 حسب الجدول الزمني الذي حدده اتفاق القاهرة للمصالحة الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته، بيد أن الحمد الله ربط عمل هذه المعابر بالملف الأمني، في خطوة أثارت جدلًا حول نوايا السلطة وعدّها البعض توجهًا نحو "الإحلال والوصاية" بدلًا من الشراكة.
ورغم تسلم الحكومة معابر القطاع عقب اتفاق القاهرة الأخير بين حركتي حماس وفتح، فضلا عن تسلمها الوزارات، فإنها ظلت تتذرع بما تصفه بـ"التمكين" للقيام بمهامها، وهو ما قابله مراقبون بتساؤلات عن هذا المصطلح الذي يرونه فضفاضًا.
وسحبت حكومة الحمد الله أخيرًا موظفيها من معبر رفح البري جنوب قطاع غزة.
حكومة عباس
وتنصلت حكومة الحمد الله من بند في اتفاق القاهرة الأخير ينص على استمرار استلام الموظفين في غزة رواتبهم التي كانت تُدفع لهم، اعتبارًا من نوفمبر 2017، إضافة إلى سرعة إنجاز اللجنة القانونية الإدارية المشكلة من الحكومة لإيجاد حل لموضوعهم قبل الأول من فبراير/ شباط 2018.
وأقرت حكومة الحمد الله في 27 فبراير 2018، في اجتماع مشترك بين الضفة وغزة عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، ما وصفها مراقبون بأنها "ميزانية انفصال"، تحدثت عن أنه "تم إعداد موازنة الأساس مع الأخذ بعين الاعتبار بقاء الوضع الحالي القائم في قطاع غزة"، وأنه "تم إعداد موازنة موحدة في حال تحقيق المصالحة".
ويقول المحلل السياسي د. ذو الفقار سويرجو: حكومة الحمد الله فشلت وكانت عالة على شعبنا، وعبئًا كبيرًا عليه، وشاركت في حصار غزة وقطع الرواتب وكل المآسي التي أججت الوضع الفلسطيني في القطاع.
ويضيف سويرجو لصحيفة "فلسطين": حكومة الحمد الله جاءت من أجل أهداف محددة منها إعادة إعمار القطاع وحل كثير من القضايا المتعلقة بالمعابر وتوحيد المؤسسات والتحضير لإجراء الانتخابات، لكن للأسف، بدلا من أن تكون عاملا في إنهاء الانقسام كانت جزءا منه.
ويوضح أن حكومة الحمد الله انحازت إلى شريحة معينة من الشعب الفلسطيني، في إشارة إلى حركة فتح، ولم تقم بأي خطوة حقيقية في اتجاه توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة والتحضير للانتخابات.
ويذكر أن هذه الحكومة لم تكن تمثل فعلا ما اتفق عليه في إعلان الشاطئ ولم تكن حكومة وفاق بل حكومة رئيس السلطة. ويتمم سويرجو: "فلتذهب حكومة الحمد الله بلا رجعة".