فلسطين أون لاين

مسيرة العودة.. أدوات تربك الاحتلال سياسيًا وأمنيًا وميدانيًا

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

شكلت مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية بأدواتها الشعبية، أداة كفاحية وحالة ضغط كبيرة على قادة الاحتلال، في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد والمتواصل على غزة منذ 13 سنة، بحسب مراقبين.

وتنوعت ابتكارات الشبان في مسيرات العودة لتشمل أدوات جديدة كالبالونات، والأطباق الورقية، ووحدات "الكاوتشوك"، والإرباك الليلي، استمرت في تشكيل حالة ضغط على المستوطنين بمحاذاة قطاع غزة، الذين رجحوا كفة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية السابقة.

ويقول المراقبون: تصاعد هذه الأدوات سيهدد نتنياهو في الانتخابات المقررة الشهر المقبل، إن لم ينفذ تفاهمات كسر الحصار.

الاختصاصي في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة يقول: إن" مسيرات العودة جاءت قبل عام في ظل زيادة وطأة الحصار على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعدم القدرة على تحمل الضغط الداخلي نتيجة الحصار والعقوبات التي تفرضها السلطة على القطاع، فكان واجبا أن يتم توجيه حالة الانفجار الشعبي نحو الاحتلال".

ويضيف أبو زبيدة لصحيفة "فلسطين" أن "الأدوات التي ابتدعها الشباب الفلسطيني في مسيرات العودة ميزتها عن الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية بوسائل جديدة ساهمت بتعزيز حالة استنزاف لجنود الاحتلال.

ويتابع أن الشبان استخدموا إطارات السيارات "الكاوتشوك" في بداية المسيرات لحجب نظر جنود وقناصة الاحتلال عن المشاركين في المسيرات لتقليل عدد الإصابات، ثم جاءت البالونات والأطباق الورقية التي كبدت المستوطنين بمحاذاة القطاع خسائر مالية.

ويلفت إلى أن ذلك شكل حالة ضغط كبيرة في الصيف الماضي على الاحتلال، وعلى قادته السياسيين، وهو ما برز بتوجه وفود إقليمية ودولية إلى غزة، أدى إلى تفاهمات لرفع الحصار برعاية مصرية، تنصل منها الاحتلال الإسرائيلي.

ويعتقد أبو زبيدة أن تلك الأدوات دخلت لمرحلة جديدة من خلال فعاليات الإرباك الليلي على السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة سنة 1948.

ويتوقع أبو زبيدة أن تبقى أدوات المسيرات بنفس الآلية الحالية رغم جهود ووساطات مختلفة لاحتواء الموقف والعودة إلى التفاهمات، لأن الاحتلال لم يلتزم بها.

ويقول: إنه "من المنطقي أن تستمر وتتصاعد هذه الأدوات لتشكيل حالة ضغط متواصلة تجبر الاحتلال على الاستجابة لمطالب غزة الإنسانية".

حالة ضغط

وهذه الأدوات حسبما يؤكد الاختصاصي في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، كان لها تأثير كبير على المستوى السياسي وعلى الجهات الأمنية في دولة الاحتلال، بدءا من نتنياهو الذي يسعى للفوز بولاية جديدة لرئاسة حكومة الاحتلال.

ويقول الرفاتي لصحيفة "فلسطين": إن "المستوطنين بمحاذاة القطاع يتعرضون للضغط الميداني الذي سببته أدوات المسيرة، وظهر نتنياهو بمظهر العاجز أمامهم مما يؤثر على حظوظه في الانتخابات القادمة، ويجعله يتجه لإيجاد حلول لتخفيف حالة الضغط على هؤلاء المستوطنين".

ويلفت إلى أن البالونات التي ابتدعها الشبان أدت إلى خسائر مالية تكبدها المستوطنون، وكان له تأثير على حكومة الاحتلال بما فيها وزير جيشها المستقيل أفيغدور ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينت، مبينا أن مسيرات العودة أظهرت حجم عجز قادة الاحتلال وضعفهم في التعامل مع غزة، وعدم قدرتهم على مواجهة الجماهير المتظاهرة سلميا.

وأسفر استخدام الاحتلال العنف ضد المشاركين في المسيرة السلمية المطالبة بحق العودة ورفع الحصار، عن استشهاد وإصابة الآلاف بينهم صحفيون ومسعفون وأطفال، وذلك منذ انطلاقها في 30 مارس/آذار 2018.

ويرى الرفاتي أن الفعل الشعبي الميداني لمسيرات العودة عزز من الضغط على جيش الاحتلال الذي يخشى الذهاب لمواجهة عسكرية مع غزة خلال الفترة الحالية؛ ما سيضطره إلى الاستجابة لتفاهمات رفع الحصار.

ويتابع: لولا الأدوات الضاغطة لما وافق المستوى السياسي في دولة الاحتلال على أي تفاهمات لرفع الحصار عن غزة.

ويعتقد أن مماطلة الاحتلال في الاستجابة حتى الآن لهذه التفاهمات ولمطالب مسيرة العودة، نابع من "التجاذبات السياسية والمزاودات الحزبية الإسرائيلية".

ويؤكد الرفاتي أن الجماهير الفلسطينية تدرك ذلك، ففي اللحظة التي يتنصل فيها الاحتلال عن تنفيذ التفاهمات تزيد من حجم تلك الأدوات الضاغطة.