تتعدى نتائج انتخابات نقابة الأطباء بالضفة الغربية التي خرستها حركة فتح لأول مرة منذ سنوات، الإطار المهني الذي أجريت فيه، لتدلل، بحسب مراقبين، على تحول في المزاج الشعبي العام الرافض لسياسة السلطة ورئيسها محمود عباس، ومؤشر لنتائج أي انتخابات تشريعية أو رئاسية قادمة.
وفاز الدكتور شوقي صبحة برئاسة نقابة الأطباء لدورة ثلاثة أعوام، خلال الانتخابات التي جرت، أول من أمس، في الضفة الغربية، واستطاع صبحة المفصول من حركة فتح، والذي خاض الانتخابات بشكل مستقل، الفوز بأغلبية كبيرة على د. كمال الوزني مرشح حركة فتح.
وسبقت هذه الخسارة خسارة أخرى تعرضت لها فتح، ففي انتخابات نقابة العاملين في جامعة الأزهر بغزة فازت قائمة "الشهيد ياسر عرفات" المدعومة من التيار الإصلاحي الديمقراطي في حركة "فتح" بقيادة النائب محمد دحلان بحصولها على خمسة مقاعد في حين حصلت قائمة "درع الجامعة" التابعة لخصمه محمود عباس على أربعة مقاعد.
استمرار مسلسل خسارة فتح لم يكن جديدا، ففي 6 أيار/ مايو الماضي فازت الكتلة الإسلامية الجناح الطلابي لحركة حماس بانتخابات مجلس طلبة جامعة بير زيت في مدينة رام الله وسط الضفة، وذلك للعام الرابع على التوالي، بـ 24 مقعدًا في مقابل حصول كتلة الشهيد ياسر عرفات التابعة لحركة فتح على 23 مقعدًا، فيما حصدت كتلة القطب الطلابي التقدمي 4 مقاعد.
سلوك السلطة
الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف يرى أن خسارة مرشح حركة فتح في انتخابات نقابة الأطباء في الضفة، انعكاس لسلوك السلطة ورئيسها محمود عباس وحالة الاندماج بين فتح والسلطة، بحيث لم تتمايز فتح عن السلطة خلال السنوات الماضية وأصبحت عمليا مندمجة بها وكأنها سلطة فتح.
وأشار عساف في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى أنه حينما جرى الحديث عن تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة رامي الحمد الله قررت اللجنة المركزية بفتح أن يكون رئيس الحكومة من أعضائها، معتبراً ذلك سلوكاً استبدادياً.
وبيّن أن نتائج انتخابات نقابة الأطباء تمثل مؤشرا لتراجع مكانة وشعبية حركة فتح في الأوساط الفلسطينية، بعد أن كان للحركة الأغلبية في نقابة الأطباء خلال السنوات الماضية، وهذا مؤشر يمكن البناء عليه في أي انتخابات رئاسية وتشريعية قادمة.
وقال إن "نتائج الانتخابات عملية تعكس المزاج الشعبي الفلسطيني الرافض لسلوك السلطة"، مشيراً إلى استطلاع أجراه مركز أبحاث فلسطيني قبل أسبوع أظهر أن فتح ستحصل على 33% من أصوات الشارع الفلسطيني في أي انتخابات قادمة.
واستدرك بأنه: "ينبغي على حركة فتح أن تستخلص العبر قبل فوات الأوان، ومراجعة نهجها السياسي الذي أوصل الحالة الفلسطينية لمزيد من التدهور بزيادة الاستيطان، وانسداد أفق التسوية، وفشلها على الصعيد السياسي والاقتصادي، وأن تقرأ الواقع كما هو وليس الإبقاء على حالة التفرد".
يستدعي التوقف
من جانبه، قال القيادي في حركة فتح "التيار الإصلاحي" عبد الحميد المصري: إن سقوط مرشح حركة فتح (تيار عباس) في نقابة الأطباء أمر يجب الوقوف عنده، بأن تقوم الحركة بإعادة تقييم نفسها وتحقيق وحدتها الداخلية وإلا فإن الأمور ستكون صعبة في المستقبل.
وأضاف المصري لصحيفة "فلسطين" أن النقابة جزء من المؤسسات الفلسطينية وهي من صفوة المجتمعات، وهذه النتائج تعد مؤشرا حقيقيا لأي انتخابات قادمة.
ويبين أن سقوط وخسارة فتح نتيجة طبيعية لممارسات رئيس السلطة محمود عباس التي بدأت تنعكس سلبا على الحركة وأحدثت تغيراً في مزاج الرأي العام في الشارع الفلسطيني.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح د.رائد نعيرات فرأى أن "نتائج انتخابات نقابة الأطباء والتي خسرتها حركة فتح، تعكس حالة التحول الموجودة في الشارع الفلسطيني، وبالذات لدى شريحة مهمة وهم الأطباء".
وأضاف نعيرات لصحيفة "فلسطين" أن الأطباء هم أكثر فئات المجتمع تنافراً مع السلطة الفلسطينية، فكان صوتها مؤشرا على طبيعة التحول في المجتمع، وهذا ما يختلف عن باقي شرائح المجتمع التي يخضع بعضها لسطوة مصلحية وأمنية وفردية من السلطة.